رداد السلامي - خاص ترك برس
محاربة ما يسمى تنظيم "داعش" ودعم المنظمات الكردية الإرهابية تحت عنوان هذه الحرب الوهمية ليس هدفا أمريكيا بحد ذاته، فالهدف الأساسي تركيا، عزلها عن محيطها العربي الاسلامي لمنع أي تفاعل إيجابي معه لصالح المنطقة وأمنها واستقرار شعوبها ونهضتها وتعاونها وتكاملها، إضعاف تركيا اقتصاديا هدف بحد ذاته أيضا تماما كما هو منع تركيا من التحول إلى قوة دولية مؤثرة في رسم مشهد المستقبل العالمي الذي يشهد سيرًا نحو تحولات جديدة في هيكلية النظام الدولي الجديد، في لقاء جمع الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس الأمريكي "أوباما" قال الملك سلمان: "نحن والحمد لله لا نريد شيئًا نحن يهمنا أن يكون هناك استقرار في المنطقة يخدم شعوب المنطقة" هذا هو الهدف الاستراتيجي النهائي الذي تسعى إليه كلٌ من تركيا والسعودية وهو خطاب يتطابق مع خطابات الرئيس التركي طيب رجب أردوغان.
هذا المنطق السياسي الاستراتيجي والعقلاني يقف ضد منطق الفوضى والارهاب والاستبداد ويشرع في تأسيس واقعا عربيا وإسلاميا جديدا ومتقدما ولم يحدث أن قال زعيم عربي لرؤساء أميركا من قبل مثل هذا الكلام الواضح القوي المتزن سوى الملك الراحل المغدور فيصل ابن عبد العزيز رحمه الله.
لكن التوافق الروسي والأوروبي والأمريكي واضح لمن يفهم حيال هذا الطموح الاستراتيجي، وهو محفوف بتحالفات دينية ومصلحية، دينية منع حركة التعاون الإسلامي في إطار منهجية تحاول توحيد الأمة الإسلامية في مواجهة التحديات وهذا التوافق عنوانه مسيحي، ومصلحية إبقاء المنطقة مقسمة وضعيفة ومتصارعة على المستويات الاجتماعية لشعوبها من خلال الطائفية وغيرها كالمناطقية، وهذا دور مركزي أوكل لإيران، حتى تظل المنطقة مورد مستمر للطاقة في ظل انعدام بدائل موثوقة وفعالة، كما تبقى سوقا لمنتجاتها المختلفة لا سيما السلاح منها، وكما قلت من قبل المسألة الأساسية بالنسبة لأمريكا ليست في أن تهيمن روسيا او تتقاسم معها النفوذ والهيمنة بل المشكلة الحقيقية بالنسبة لها أن تتحرر المنطقة وتعيد صياغة ذاتها وفق منظورات استراتيجية جديدة في حالة اعتماد على ذاتها وقدراتها وإمكاناتها وفقًا لهويتها الإسلامية وانطلاقًا منها، ولذلك يتم الآن شرذمة سوريا والسعي لتقسيمها فإذا نجحت فكرة تقسيم سوريا فهي نموذج لتقسيمات وسيناريوهات تقسيم يمكن اعتمادها مستقبلا على مجمل دول المنطقة، وهذا ما سيحدث بعد عقود من الآن.
خلاصة القول وبناء على مجمل مواقفها وما يحدث من تفجيرات إرهابية فيها فإن تركيا تدفع ثمن فواتير مختلفة، فاتورة إسلاميتها، أولا، فاتورة وقوفها إلى جانب شعوب الربيع العربي فاتورة وقوفها ضد التمدد الإيراني الفوضوي في المنطقة، فاتورة الوقوف ضد محور "موسكو طهران" بقيادة روسيا، فاتورة تأخرها من التدخل المباشر في سوريا قبل زمن، فاتورة الركون إلى الحليف الأمريكي الذي يشبك حولها خيوط مؤامرات تهدد استقرارها باستمرار، والفاتورة المكلفة فاتورة السماح بتقسيم سوريا وهذه الفاتورة ستدفع ثمنها المكلف أيضا السعودية ودوّل المنطقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس