عصمت بيركان – صحيفة حرييت – ترجمة وتحرير ترك برس
في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1954 تجمع أكثر من 50 شخص في مدينة شيكاغو بمنزل امرأة تُدعى دوروثي مارتن، وكان سبب تجمعهم هو إقناع دوروثي مارتن لكل هؤلاء الناس بأن في ذلك اليوم وبعد منصف الليل سيأتي فضائيون يسمون "كلاريون" لتدمير الأرض وأن من ينتظر في ذلك المنزل سيتم إنقاذه.
صدّق الخمسون شخصا تلك الرواية فباعوا كل ما يملكون وانفصل المتزوجون والأحبة عن بعضهم البعض استعدادا لليلة النهاية. جاء الليل وتجاوزت عقارب الساعة ما انتصف منه لكن لا خبر، في المطبخ كانت دوروثي مارتن منهمكة بما في يديها ثم ضحكت وخرجت إليهم وهي تبتسم، قالت لهم بأن الفضائيون لن يأتوا بعدما قرروا إعطاء البشر فرصة أخرى، ثم تابعة قائلة إن عليهم أن يعملوا بشكل أكبر وبجد أكثر من أجل هذه الفرصة، ارتاح الحضور وزال التوتر وقد انعقد في قلوبهم شيئا جديدا يؤمنون به.
في تلك الليلة ومن دون علم دوروثي وجماعتها كان من بين الحاضرين ثلاثة باحثين علموا عن الحدث فقرروا حضوره ودراسته. وبعد تحليل ما رأوا كتب ليون فيستنغر وهنري ريكان وستانلي سيتشتر كتابهم الذي عنونوه بـ"عندما تفشل النبوءة".
في صورة مشابهة لما سبق عقد فتح الله غولن العزم على أن يجعل من 17-25 نوفمبر انطلاقته الجديدة، فحدّث من حوله عن الموعد والرقم السحري وجعل من 2014 النبوءة وعام البُشريات، أتى عام 2014 لكن لم يكن فيه أي بشريات؛ بل كان كله ملمات جُمعت فيه كل الطامات لفتح الله غولن وتنظيمه الموازي، ففي 2014 كانت شرارة بداية النهاية لجماعتهم عندما بدأت عملية ملاحقتهم وتحجيمهم.
وكسابقته، حدد فتح الله غولن موعدا جديدا في 2016 جعل منه عام البشريات الأكيد وهو يقول لمن حوله "إن النصر قريب". جاء 2016 ومن بعده 15 تموز/ يوليو ولكن الحال لم يتغير؛ بل ما زال في انحدار، ورغم ذلك ما انفك غولن يعد من حوله بالنصر عندما شبّه كل ما سبق بفترة "الحضانة".
كيف يمكننا فهم "فترة الحضانة" هذه وما الذي يقصد بها؟ نستطيع فهمها على وجهان: أما الأول فهو دعوة أنصاره بالصبر وعدم التحرك والاستعجال والانتظار حتى النضوج التام، أما الوجه الاخر فهو الحساب البيولوجي للمسألة، فلو حسبنا فترة الحضانة من يوم أعطاهم البشرى لوجدنا أن لحظة الصفر ستكون في يوم 14 آب/ أغسطس. وكما رأينا في التحليل الاجتماعي البسيكولوجي فإن بشريات ووعود غولن وجدت لها مكانا خاصا في قلوب أنصاره الذين يصدّقون بأنه المهدي الذي يرى الرسول في منامه ويأخذ الأوامر منه، فما الذي سيحصل لكل تلك العاطفة إن كان ما وعدهم به الدّجال باطل في باطل؟
هل تتذكرون الأموات على أبواب الجنة؟
في 26 آذار/ مارس من عام 1997 استيقظت مدينة سان دياغو في ولاية كاليفورنيا على فاجعة مقتل 39 شخص في بناية فاخرة تم استدعاء الشرطة إليها بعدما خرجت ريحتهم الكريهة وانتشرت في كل الحي، في ذلك المنزل تجمع ال 39 شخص ممن يؤمنون بالفضائيين، ثم لبسوا نفس الثياب وقاموا بقتل أنفسهم على ثلاث مجموعات بأسلوب يسمى "باب الجنّة" اعتقادا من أنفسهم بأن الفضائيين سيأتون إليهم وسيأخذونهم بسفنهم الى الجنة. مثل هؤلاء المغفّلين الذين يؤمنون بخزعبلات الخيال العلمي كمثل فتح الله غولن وجماعته وما يؤمنون به من أمور لا منطقية ولا عقلانية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس