ترك برس
قال المحلل التركي محمود بوزارسيلان إن السلطات التركية عندما تنتهي من تطهير الداخل التركي من المؤسسات التابعة لتنظيم فتح الله غولن الإرهابي، فإن وجهتها التالية ستكون استهداف أنشطة التنظيم في إقليم كردستان العراقي، وأن حكومة الإقليم ستستجيب لمطالب تركيا في هذا الصدد حرصا على العلاقات بينهما.
واستعرض بوزار سيلان في تقرير له نشره موقع المونيتور تاريخ دخول تنظيم غولن إلى الإقليم، وقال إنه في عام 1991 وخلال الأيام الأولى لحرب الخليج أعلن مجلس الأمن عن فرض منطقة حظر طيران في شمال العراق تحت الحكم الكردي، ما جعل المنطقة تلفت انتباه العالم، وكانت حركة غولن من أوائل المهتمين بالإقليم وبدأت في إرسال بعثات إغاثة.
ونقل الكاتب عن جبار قدير أحد مستشاري رئيس وزراء الإقليم السابق برهم صالح أن تنظيم غولن استخدم أعمال الإغاثة ستارا لدخول المنطقة، ثم تتابعت أنشطة التنظيم فافتتح أول مدرسة له هناك في عام 1994.
وفي عام 2004 وبعد اعتماد الدستور العراقي الجديد بعد الإطاحة بالرئيس صدام حسين وحصول إقليم كردستان على حكم ذاتي، صعد تنظيم غولن من وجوده في المنطقة من خلال افتتاح المزيد من المدارس والمؤسسات الإعلامية والشركات التجارية. وبحلول عام 2010 وصل وجود التنظيم إلى ذروته، وصارت إربيل عاصمة كردستان ومدن السليمانية ودهوك مركز عمليات تنظيم غولن الذي أولى اهتماما خاصا بالمشاريع التعليمية.
وقال الكاتب إن الشركات المرتبطة بتنظيم غولن فازت بعقود لبناء المجمعات الوزارية، وقدمت الكثير من الأموال لبناء مراكز التسوق والفنادق والمدارس، وبحلول عام 2016 صار التنظيم يملك 18 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وعالية وجامعتين، كما أن أتباع التنظيم يديرون مشافي ومحطة إذاعية ووكالة للإعلانات.
ولفت الكاتب إلى أن هناك تقارير تفيد بأن مديري مدارس التنظيم يشجعون الخريجين على العمل في وكالة المخابرات الكردية وفي أجهزة الأمن، كما أن المراقبين فسروا الامتيازات الممنوحة للأطفال من مسؤولي حكومة كردستان من أصحاب النفوذ في مدارس التنظيم على أنها مخطط لاختراق الإدارة الكردية.
ويقول أيدين سيجين أول قنصل تركي في كردستان إن التنظم حلل الظروف في ذلك الوقت عندما قرر أن يخترق المنطقة، والوضع البائس لأكراد العراق في المجالات كافة سمح للحركة بأن تحدد الوقت الذي يفضي إلى عمليات الاستيعاب والتبشير بها. ومع ذلك لا يعتقد سيجين أن الحركة قد اخترقت إدارة حكومة كردستان العراق أو أن أنشطتها ستسبب احتكاكا بين تركيا وحكومة الإقليم.
أما جبار قدير فقال للموقع إن "الهدف الحقيقي من أنشطة تنظيم غولن التي بدأت بأعمال الإغاثة واستمرت بالأنشطة التعليمية هو هدف سياسي بالتأكيد"، مضيفا أن الرسوم الدراسية للمؤسسات التعليمية الغولنية كانت الأدنى في البداية، ولكن عندما طار صيتها بدأ الناس يفضلون هذه المدارس على الرغم من ارتفاع الرسوم. كان شعارهم في البداية "مساعدة إخواننا في شمال العراق" وعلمنا بعد ذلك أن هدفهم الحقيقي كان سياسيا.
ورأى جبار أن حكومة كردستان ستستجيب لأي طلب جدي توجهه الحكومة التركية لإغلاق المؤسسات التعليمية التابعة لغولن، لأن معظم هذه المؤسسات موجودة في مناطق الحزب الديمقراطي الكردستاني التابع للبرزاني، وإذا كان ثمة ضغوط جدية من جانب تركيا فإن الحزب سيقوم بتعيين أنصاره في تلك المؤسسات ويعلن أنها صارت مؤسسات كردية.
وأضاف قادير لا أتوقع حدوث أزمة مع تركيا، لأن الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة كردستان لا يمكنهما أن يتخذا موقفا ضد تركيا وحزب العدالة والتنمية نظرا للواقع الاقتصادي، ولن يخاطرا بمصالحهما الاقتصادية من أجل تنظيم غولن.
وقال قادير لا أعتقد أن تنظيم غولن يمكن أن يؤثر على الحكومة الإقليمية في كردستان، مشيرا إلى أن أي حركة أجنبية لا يمكن أن تخترق الهيكل الذي تسيطر عليه الأحزاب السياسية المحلية والقبائل، قد يمكنها شراء بعض الأسماء لكنها لا يمكن أن تخترق الهيكل الرسمي.
وينقل التقرير عن سيفين ديازي المتحدث باسم حكومة كردستان أن الحكومة تدرك حساسية تركيا تجاه أنشطة تنظيم غولن، ولهذا ستوضع المدارس التابعة للتنظيم تحت إشراف وزارة التربية والتعليم، وقد تتحول إلى ملكية القطاع الخاص.
وقال ديازي إن القيام بهذه الخطوة يوضح الأهمية التي توليها حكومة كردستان العراق للعلاقات الطيبة مع تركيا، مضيفا أن حكومة الإقليم لا تنتظر طلبا رسميا من تركيا حول هذه المدارس، لأنها حريصة دائما على علاقاتها تركيا، وقد تابعنا عن كثب التطورات التي حدثت بعد ال15 من يوليو، وعدم استقرار تركيا يمكن أن يؤثر على المنطقة كلها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!