أكرم كيزيلتاش - صحيفة تقويم - ترجمة وتحرير ترك بري
يخشى كل من يَقف ضد الانتقال إلى النظام الرئاسي من تحوله إلى "نظام دكتاتوري"، لكنهم يُدركون في الواقع أنّ هذا لا معنى له، لأنّ هناك العشرات من الدول التي يحكمها النظام الرئاسي، ولا نسمع ولا نعرف اسم رئيسها، وهناك أيضا دول تعمل بالنظام البرلماني، لكن نظام الحُكم فيها دكتاتوري.
والبعض الآخر يشير الى أنّ سبب تطبيق النظام الرئاسي في أمريكا، يعود إلى وجود اتحاد فيدرالي للولايات، وهذا نغمة جديدة يعزفون على وترها، لكن الواقع أنّ هناك دولا تطبق النظام الرئاسي وهي أصغر من الولاية الأمريكية الواحدة، بمعنى أنّ الفيدرالية ليست شرطا لتطبيق النظام الرئاسي.
هناك سببان أساسان في واقع الأمر يدفع ببعضهم إلى الوقوف ضد النظام الرئاسي، مجموعة لا تريد النظام الرئاسي لأنّ القوى المُحركة لها في الخارج لا تريد هذا النظام في تركيا، ومجموعة أخرى تعلم أنه لا يُمكنها أبدا أنْ تفوز في انتخابات رئاسية في ظل وجود النظام الرئاسي، ولهذا يخافون من الانتقال إليه. وما يجمع المجموعتين، هو أنهما يعلمان جيدا بأنّ الانتقال إلى النظام الرئاسي سيسهم في تطوير تركيا أكثر، وسيحررها بشكل تام من الوصاية.
أما عن سبب وقوف الغرب ضد تطبيق النظام الرئاسي في تركيا، فيكمن في إدراكهم بأنّ تطبيقه يعني تحرر تركيا التام من وصايتهم وأدواتهم، ولو كانت هناك دولة تركية خاضعة لهم وتريد الانتقال للنظام الرئاسي، لما تردد السياسيون الغربيون من تقديم كل الدعم والمديح والثناء من أجل انتقال تركيا إلى نظام رئاسي يخضع لهم.
خارج السيطرة
يعلمون جيدا بأنّ تركيا الحالية التي تُحكم بنظام برلماني، لا تسمع لهم ولا تخضع لإملاءاتهم، فكيف اذا تحررت وانتقلت إلى النظام الرئاسي؟ ولهذا يعملون جاهدين للحيلولة دون تحقيق ذلك، ويروجون الإشاعات والأكاذيب حول النظام الرئاسي، ويملون على امتداداتهم في داخل تركيا ليقوموا بالأمر نفسه.
ولذلك يُطلق الغرب اسم "زعيم" على كل رئيس يهادنهم ويسير وفق ما يريدون، بينما يطلقون وصف "دكتاتور" على كل رئيس لا يتوافق مع أهوائهم، ويستمرون في ذلك إلى اليوم، هذا "زعيم" وذلك "دكتاتور" ونذكر ما قاله السفير الأمريكي السابق لدى أنقرة "جيمس جافري":
"أردوغان غير محبوب في أوروبا وفي واشنطن، وينظرون إليه على أنه استبدادي، والغرب تعامل مع زعماء أكثر استبدادا من أردوغان، ولا يزال يتعامل معهم، لكن الفرق أنّ أولئك يتذللون لنا تحت كل ظرف، ويتعاملون معنا وكأننا نتشارك في القيم نفسها، بينما أردوغان، يتنازع ويتصادم معنا، ويواجهنا وجها لوجه...".
القيمة الأساسية لتعامل الغرب مع غيرهم هي المصلحة، فكل دكتاتور يسهم في تحقيق المصلحة لهم يُصبح وصفه "زعيما"، وأي "زعيم" لا يتوافق معهم يصبح في نظرهم "دكتاتورا"، لكن نا الذي يجري لبعض الأتراك الرافضين للنظام الرئاسي؟ إذ يصعب فهم موقفهم أو حتى تبريره.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس