مصطفى قرة علي أوغلو - صحيفة قرار - ترجمة وتحرير ترك برس
نقارن مايحدث اليوم في الشرق الأوسط وبالتحديد بالقرب من حدودنا مع ما حدث قبل 100 عام، وهذه المقارنة صائبة وفي مكانها وضرورية، فالدول العربية والإسلامية ابتداء من العراق وسورية تشهد حركة تصدع حقيقية في شتى المجالات، فالأنظمة إلى انهيار كما في سورية، وناقوس الخطر ينذر بقدوم القوى العالمية للسيطرة على هذه المناطق مستغلة حروب المنطقة المذهبية والعرقية.
وفي هذا السياق فإنه لا داعي للتذكير بما يهدد أمن تركيا، فأكبر تنظيمين إرهابيين يشعلان النار في داخل حدودنا وخارجها، وهذا يعني أن الوضع ليس بحاجة إلى شرح أكثر، ولهذا فإنه يوما بعد يوم يفهم سبب قيامنا بالعملية العسكرية خارج حدودنا، فالسبب الأساس هو ازدياد حاجتنا للأمن.
لكن من جهة أخرى فإن الخرائط المرسومة منذ 100 سنة تعاد وترسم اليوم ، فأسماء الولايات والمناطق التي كانت تذكر يعاد ذكرها اليوم كالشام، حلب، كركوك ودير الزور.
لم تحدث مجازر ممنهجة كهذه من قبل:
اليوم المشهد مختلف جدا، فالدماء تراق، والناس يقتلون بأعداد كبيرة، والمدن تدمر بشكل لا يمكن للعقل تقبله، ولم يسبق أن كانت الدنيا خالية من الإنسانية إلى هذا الحد، ولم يسبق أن كان العالم غير مبال كما الآن.
منذ أسابيع وروسيا تقصف حلب، وتقتل الشعب من دون تمييز بين طفل وإمراة ومدني، ويوم الأربعاء في إدلب عرض إتفاق بوتين والأسد مرة أخرى، ففي السنتين الأخيرتين قُصف في سوريا ما يقارب 98 مدرسة، وآخر هجمة راح ضحيتها 30 طفلا، أما في حلب فآخر الإحصائيات تقول: إن في الأيام الـ 10 الأخيرة راح ضحية الهجمات ما يقارب 500 شخصا، ومعظم الضحايا كانوا من الأطفال والمدنيين.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه تركيا في حملتها في الموصل والرقة من أجل تحريرهما وتطهيرهما من داعش، تُدّمر حلب تحت تعتيم إعلامي دولي، واليوم من المستحيل أن نتكلم عن حلب كمدينة أو أن نتكلم عن الحلبيبن القاطنين في المدينة منذ مئة سنة، وذلك إما لأنهم سيموتون أو لأنهم سيهربون من دون رجعة عندما تسنح لهم الفرصة.
أمام هذا المنظر يتوجب علينا تحمل المسؤولية أكثر من قبل، فإن كان تحرير الموصل مهما وعاجلا فإن تحرير حلب أهم وأولى، حتى إنه عند مشاهدة حمام الدم هذا و القصف الذي لايتوقف ،يستوجب علينا التحرك بشكل عاجل.
فلنسميها، ولنوجه أعيننا إلى هناك:
كان يجب على النظام العالمي عدم إعطاء روسيا الحرية في التحرك بهذا الشكل من الوقاحة وتجاوز القوانين، فهي تقتل و تقول:" ماذا حدث" مستهترة بما يحدث، مع العلم أنه قبل 100 عام لم يكن يوجد أدنى من هذه الأخلاق على الإطلاق، ولنصف هذه "بالمجزرة" ونسميها ولانخشى، ولتكن أعيننا وجوارحنا وقلوبنا كلها موجهة إلى حلب وإدلب، فالناس الذين يموتون هناك قطعة منا.
فهم يقتلون المدنيين ليخطوا خطوة أسرع نحو الاحتلال و هيّا بنا لنصمد ولا ننحني أمام استراتيجية قتل الأطفال .
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس