منصور أكجون  – صحيفة قرار - ترجمة وتحرير ترك برس

عندما يتعلق الأمر بسوريا فإن كل ما نراه ونسمعه ونقرأه يعد سلبيًا. دون معرفة نهاية للحرب الأهلية المندلعة منذ خمسة أعوام على الإطلاق. ومع مقتل المزيد من المدنيين يوميًا تتعمق الحرب شيئًا فشيئًا وتتوسع. بما في ذلك جرّنا إليها. في حين فشلت كافة الطرق الدبلوماسية في إنهاء الحرب. والتشبث بصعوبة بوقف إطلاق النار.

هذا وقد أدت استضافتنا قرابة 3 ملايين لاجئ سوري إلى تحملنا عبئًا ماليًا كبيرًا. مقابل دعم لا يذكر حصلنا عليه من الاتحاد الأوروبي. وإفساحه المجال لتمدد داعش باتجاه حدودنا، وتعزيز قوة بي كي كي، وتشكيله تهديدًا كبيرًا على تركيا. مما يعني وجود مشاكل مع حلفائنا. ومشاكل أخرى داخلية لدينا. بالإضافة إلى فشلنا في الاتفاق مع روسيا في كافة المسائل. 

باختصار لدينا ما يكفي من الأسباب للتشاؤم عند الحديث عن سوريا. وإن أمكن التفاؤل مع توخي الحيطة والحذر. وتوافق التوقعات التركية الأساسية مع المكتسبات العالمية المتقدمة في موضوع تحريك السياسة العالمية ونجاح عملية درع الفرات والأهم من ذلك كله تسوية الأزمة السورية.

فيما يتعلق بالمكتسبات، إلى الآن لا حديث سوى عن وحدة الأراضي السورية في وثائق مجلس الأمن أو في نص الاتفاق الذي توصل إليه النظام وممثلو المعارضة. وبغض النظر عن تقسيم البلاد وإقامة دولة من قبل بي كي كي في شمالي سوريا، فإن النصوص لا تذكر الفيدرالية.

إذ لا يتضمن بيان جنيف الصادر في عام 2012، وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، وورقة النقاط المشتركة التي أصدرها المبعوث الخاص أي حديث عنها. وبالرغم من إشارتها إلى حقوق الأكراد ولكن تلك الوثائق لا تتضمن أي موقف وتفكير أو تلميح من قريب أو بعيد سيؤدي إلى تقسيم سوريا.  

والأمر نفسه يمكن قوله عن الأوضاع السياسية التي أكدتها "الدول العظمى". فقد عبر كل من كيري ولافروف في 26 من آب/ أغسطس عقب محادثات استمرت 12 ساعة في جنيف عن رفضهم "مبادرة كردية مستقلة". ومن المعلوم لديكم استبعاد الهيئة العليا للمفاوضات في جنيف حزب الاتحاد الديمقراطي.

أولًا بالرغم من مراعاة حقوق الأكراد في خارطة الطريق المؤلفة من 60 مادة التي أصدرتها الهيئة العليا للمفاوضات في لندن إلا أنها لم تشر إلى فيدرالية يريدها الحزب. وفي الوقت الذي تحدثت فيه المادة 6 عن حقوقهم فقد أشارت المواد 49 – 55 إلى رغبتهم في إقامة دولة موحدة تعرقل تقسيم جزء من سوريا على أساس مذهبي وعرقي.

ثانيًا تغيير التوازنات على أساس عملية درع الفرات. وذلك من ناحية مواصلة العملية بنجاح وقيامها بكل ما هو ضروري وفق المعلومات الصادرة عن الخبراء الأمنيين العسكريين بالأصل من أمثال عبد الله آغار وميتيه يارار المتابعين والمطلعين على التدخل التركي والمنطقة.    

وإن شهدت مشكلات عدة مع الزمن مثلما جرى في جميع العمليات فقد تراجعت قيمة استخدام حزب الاتحاد الديمقراطي نتيجة مشاركة تركيا في الحرب بشكل فعلي ضد داعش من خلال هذه العملية، وفقدان احتمال توحيد كانتونات الحزب وظهور وضع جديد. بالإضافة إلى موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على اتخاذ خطوة محددة تتعلق بموضوع منبج تحت تأثير الضغوط التركية. وبالتالي ستنال نصيبها من التفاعل العسكري بشكل سيؤدي إلى انسحاب حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردية إلى شرقي الفرات أو تقديم موارد تتلاءم مع الزمان والمكان مثلما جرى الأسبوع الماضي.   

ثالثًا، إن تشابه مصالحة تركيا مع روسيا وتولي المفهوم الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية للسلطة سيحدث تغييرًا في سير الأزمة السورية. لأنه من المتحمل جدًا إعطاء إدارة ترامب الأولوية لمحاربة داعش والتوقف عن دعم المعارضة، إلى جانب اعتمادها على نظام الأسد في العلاقة بين روسيا وتركيا. وبالتالي تقبل التوقعات التركية المتعلقة بتهديد بي كي كي بسهولة أكبر بمستوى يمكن من خلاله مواصلة التعاون بين أنقرة وموسكو وواشنطن.   

وسيتطلب ذلك حل الأزمة السورية بالطرق الدبلوماسية بين المعارضة والنظام والبدء بمرحلة انتقالية، وترك تحديد مستقبل الأسد للشعب السوري من أجل المجموعات المدعومة من قبل تركيا منذ البداية والتي تتعاون معها في عملية درع الفرات وحماية مصالحها. وفي حال وجدت الأقدام السورية موطئ قدم في مكان ما مرة أخرى فإن مشكلتنا مع حزب الاتحاد الديمقراطي ستتحول إلى أزمة سورية.

عن الكاتب

منصور أكجون

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس