متين غورجان - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
استضافت تركيا أخيرا تدريبات الحوت الأزرق التي أجراها حلف الناتو لمكافحة الألغام والتهديدات التي تتعرض لها الغواصات في شرق البحر المتوسط بمشاركة أعضاء من الحلف واثنتي عشرة دولة أخرى من بينها باكستان. وبعد انتهاء التدريبات لم تعد الفرقاطة الباكستانية الأمجير إلى البلاد، بل اتجهت صوب البحر الأسود لزيارة القاعدة البحرية الروسية الكبرى نوفورسيسك في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول.
بعد زيارة الميناء سيشهد البحر الأسود أول تدريبات بحرية مشتركة بين روسيا وباكستان بمشاركة الفرقاطة الأمجير والبحرية الروسية. وبمشاركة تركيا في هذه المناورات بصفة مراقب حان الوقت لكي نسأل: هل تخاطر تركيا بأزمة عميقة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي باتجاهها للتعاون العسكري مع روسيا في البحر الأسود؟ وهل يمكن للتقارب الروس التركي في سوريا أن يطبق في البحر الأسود؟
إن الوضع في البحر الأسود في الواقع متوتر للغاية منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في مارس/ آذار، وبعد الخطوة الروسية نشرت الولايات المتحدة بعض السفن البحرية في البحر الأسود، ورفض الناتو الاعتراف بضم القرم.
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية موازنة الأنشطة العسكرية واللوجيستية الروسية المتزايدة في البحر الأسود باستخدام حلف الناتو.
في يونيو/ حزيران 2016 قرر حلف الناتو تعزيز دور الردع في البحر الأسود، وأعقب ذلك اقتراح روماني بتشكيل الناتو أسطولا في البحر الأسود يضم رومانيا وأوكرانيا وبلغاريا وتركيا والولايات المتحدة. فسرت روسيا هذا الاقتراح بأنه محاولة غير مقبولة لتشكيل أسطول دائم لحلف الناتو في البحر الأسود. في ذلك الوقت رد ألكسندر جروشكو، ممثل روسيا الدائم لدى حلف الناتو، بالقول: "لا أدري حقا ماذا يجري. من بين هذه الدول لا يوجد إلا بلغاريا ورومانيا وتركيا التي تطل على البحر الأسود". وحذر مسؤولون روس من أن اتفاقية مونترو تسمح لسفن الدول غير المطلة على البحر بالبقاء لمدة 21 يوما فقط.
وهنا يبدو سؤال بسيط: هل تريد أنقرة استغلال التنافس الأمريكي الروسي على البحر الأسود؟ جاءت الإجابة التركية من رئيس الوزراء، بن علي يلدريم، خلال زيارته موسكو في السابع من ديسمبر/ كانون الأول، حين قال: "إن روسيا وتركيا أقوى الدول على ساحل البحر الأسود ستطوران جميع جوانب العلاقات بينهما".
إشارة يلدريم إلى "جميع الجوانب" يمكن أن تشمل أيضا العلاقات في مجالي الدفاع والأمن. وعلاوة على ذلك فإن روسيا وتركيا حريصان للغاية على تطوير الطريق الساحلي الرابط بين البلدان الثمانية المطلة على البحر الأسود.
ووفقا للخبير في سلامة، إيلكر غولر، بدأت أنقرة بحث حاجتها إلى تحديث سياستها في الملاحة البحرية. وقال غولر: "ترغب تركيا في استخدام البحر الأسود لا للعمليات العسكرية فحسب بل لإيجاد فرص اقتصادية. الأنهار الأوروبية مثل نهر دنيبر ودنسيتر والفولجا التي تصب في البحر الأسود تعني اتصال تركيا بساحل البحر الأسود، وهذا له قيمة اقتصادية لأنه سيربط حوض البحر الأسود بالمحيط الهندي. ولا يمكن للمرء أن ينسى أن المضائق التركية تربط البحر المتوسط بالبحر الأسود.
وأشار غولر إلى توقف التعاون الروسي التركي في البحر الأسود وتباطئ العلاقات الاقتصادية بينهما تباطؤا كبيرا بعد إسقاط تركيا طائرة روسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015. وقال غولر للمونيتور: "ورغم ما حدث لم يكن هناك مفر من أن تركيا التي تملك أطول ساحل على البحر الأسود، وروسيا التي تحتاج إلى التعاون مع تركيا للوصول إلى المياه الدافئة، سيلجآن إلى الدبلوماسية".
ونوه غولر إلى أن روسيا تشارك تركيا في السيادة على البحر الأسود إلى جانب دولتين عضوين في الناتو هما رومانيا وبلغاريا، ومع أوكرانيا وجورجيا اللتين تسعيان إلى عضوية حلف الناتو.
وأضاف غولر أن "التقارب العسكري بين روسيا وتركيا في البحر الأسود لن يكون سهل التحقيق، ما دام هذا التقارب لا يشمل الدول الأخرى المطلة على البحر الأسود".
وأشار غولر إلى أن أكبر ورقة رابحة لتركيا ضد روسيا والولايات المتحدة هي اتفاقية مونترو التي تنظم مرور السفن المدنية والعسكرية عبر المضائق التركية. ووفقا لهذه الاتفاقية الصادرة عام 1936 يمكن لتركيا أن تمنع مرور أي سفينة يحمل ركابها أمراضا، مثل الكوليرا أو الطاعون. ويحق لتركيا أيضا في وقت الحرب أن توقف أي سفينة يشتبه في أنها تحمل إمدادات إلى أعدائها.
وعلى سبيل المثال، إن أطلقت سوريا صواريخ وصلت إلى تركيا، يمكن لأنقرة منع السفن الروسية التي تحمل معدات لوجيستية من نقل حمولتها عبر البحر الأسود إلى سوريا استدلالا بالعداء السوري. وتنص الاتفاقية أيضا على أنه في وقت الحرب أو عندما تشعر تركيا بأنها مهددة باحتمال وقوع الحرب، فإن السفن المدنية يجب أن تتبع المسار الذي يحدده المسؤولون الأتراك. وفي الوقت الحاضر إذا شعرت تركيا بالتهديد جراء الأزمة في سوريا، فإنها تستطيع أن تمنع الولايات المتحدة ودول حلف الناتو الأخرى من الوصول إلى سواحل البحر الأسود.
تعترف اتفاقية مونترو بأن تركيا هي حارس البحر الأسود.
هل تتحرك أنقرة صوب الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم؟ هل تغير أنقرة سياستها في البحر الأسود؟ لا شك أن الولايات المتحدة وحلف الناتو يتساءلان أيضا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس