برهان الدين دوران - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
لدى نقاد السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية قول مفضل هو: "التحول المحوري". وهو قول يخدم "الحلفاء" الغربيين بتشجيعهم على الفور بمجرد ظهور توترات في العلاقات التركية مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي الراسية على موانئهم. والحديث بصوت واحد في الداخل والخارج عن "ابتعاد تركيا عن الغرب".
إذ أحيانًا تنزلق تركيا للمعسكر "الروسي الشرقي" وفي أحيان أخرى تنزلق "للخط الوهابي السني". وبالتالي علي التذكير دائماً باعتماد الإصدار الأول لمقولة "الانزلاق" هذه على أزمة "الدقيقة الواحدة" التي عاشتها مع إسرائيل في 2009.
يعد النقاش حول "التحول المحوري" محاولة تعريف أيدولوجية أكثر من كونها قراءة جيوسياسية. والغاية فرض خيارات دائمة على السياسة الخارجية، وليس إدراك المشاكل التركية التي منشأها المنطقة.
ومجدداً نواجه مقولة التحول المحوري في الوقت الراهن. بالحديث عن إنزلاق تركيا إلى محور "روسيا- إيران- الأسد". وتصوير التطورات التي تتطلب قراءتها كانعكاس لتطبيع العلاقات الروسية التركية على الحرب الأهلية السورية بسبب تخطي إجلاء المدنيين من حلب، وإغتيال السفير كارلوف دون توتر ومحاولة إعلان موسكو التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في سوريا، على أنه "دخول تركيا في المحور الروسي".
حيث يقيمها أصحاب وجهة النظر هذه على أنها مسعى من قبل الرئيس الروسي بوتين لخلق "تصدعات داخل الغرب". إضافة إلى توقع خضوع الرئيس أردوغان لمطالب بوتين على نحو أكبر وضعف موقفه أمام الكرملين عقب الاغتيال.
وبات واضحاً نشر تلك التوقعات بهدف الدعاية. ولهذا فإن التقارب الحقيقي هو بالتأكيد أولًا على التغيير بدخول نظام عالمي. وإدراكنا لتوافق رياح التحول السليم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية مع الفوضى في منطقتنا.
إن ما تسعى إليه تركيا هو الاستعداد لإطلاق يدها في سوريا خلال رئاسة ترامب.
حيث بدأت أنقرة باتباع سياسة أكثر فاعلية في سوريا مع عملية درع الفرات. وبذلك أصبحت "قوة مساومة" حقيقية في المنطقة. وليس المقصود مما أوردناه سابقاً تفضيل "التحول" أو موقفاً اتخذ ضد الولايات المتحدة الأمريكية بالتقارب مع روسيا على الإطلاق. بل بلوغ قدرة تحقيق "التوازن" في العلاقات مع موسكو وواشنطن في السياق الإقليمي. وتأمين بيئة للتفاوض بشأن مصالح الأمة. وبجميع الأحوال أصبح الحديث عن مستقبل سوريا بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا ممكناً في الوقت الراهن.
إضافة إلى إمكانية تقييم المرحلة الراهنة من الحرب مع داعش. والتأكيد على أهمية مشاركة المعارضة في عملية السلام. وإجراء مفاوضات لا تتضمن إنشاء دولة جديدة في شمالي سوريا. واقتراح إقامة تعاون مع إدارة ترامب في مواضيع "تطهير الرقة من داعش" و"المنطقة الآمنة".
إن تركيا ليست في خضم مناقشة "التحول" بل في مرحلة إقامة "توازن ذهبي" في علاقاتها مع روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وبخصوص الأسئلة الغريبة!
هناك سؤالان يتكرران داخل أواسط المعارضة نتيجة ما قدمناه من شهداء في عملية الباب هما: "ما الذي نفعله في سوريا؟" و"لماذا الجيش التركي وحده من يحارب داعش؟"
ومما يدعو للاستغراب أن أولئك الذين تساءلوا عن سبب عدم محاربة داعش بالأمس هم أنفسهم من طرحوا الأسئلة السابقة. والأغرب من ذلك هو جهل المتغاضين عما جرى خلال 6 سنوات في سوريا. ولهذا اضطرت تركيا للتدخل في سوريا بوصفها دولة في قلب دوامة التغيير الإقليمي.
إن الموضوع الحرج يتمثل في الحفاظ على هذا الوجود وإدارته على نحو جيد من أجل سلامة دولتنا والسلام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس