ترك برس
رأى الباحث والمحلل السياسي مدير مكتب دراسات الشرق الإسلامي بإسطنبول، مهنا الحبيل، إن ما تحتاج له الثورة السورية تنظيم قوتها وهيكلها الذاتي، والمُحافظة على الحليف التركي، مع "البناء الجديد للثورة "الذي وحده هو الطريق لفرض فرص لصالح الشعب".
وفي مقال له بصحيفة الوطن القطرية، أشار الحبيل إلى أن تصريح نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء، مؤخرًا، بخطأ تركيا في سياستها مع سوريا منذ انطلاق الأزمة "لم يأت عبثا، وإنما لإعلان مؤشر التغيير الذي لا تُخفيه أنقرة".
واعتبر أن الشاغل الأكبر لتركيا "العدالة" اليوم في ملف سوريا، هو إغلاق ملف العمل المسلح في حدودها، باعتباره مدخلا لأزمة متفاقمة تضرب في عمقها، بعد أن أحرق توظيف السلفية الجهادية المتعدد الجهات، قوة الميدان المركزية، ثم انتقل إلى القوقاز، الظهير الاجتماعي مع تركيا القومية.
يأتي ذلك بحسب الحبيل في ظل المصادمة العنيفة، بين الدولة التركية مع PKK، والأزمة مع العمل السياسي الكردي، وتوسع مطاردات جماعة غولن دون سقف لجدول زمني للاستيعاب السياسي، بعد الملاحقة القانونية، والذي طوّر جناح الجماعة الخارجي، لتوسيع وتنظيم الضغط السياسي على حزب العدالة، بعد تفاقم الخلاف مع واشنطن، والأزمة الأمنية.
وقال الحبيل إن هذا الأمر تزامن مع سعي الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة لإقرار النظام الرئاسي، والذي أطلق معركة سياسية مع المعارضة، وبالتالي اعتقادهم أنه لا سبيل لضبط المسار القومي في تركيا، دون إغلاق العمل المسلح عند الحدود التركية، وليس كما يشاع بأن الامر هو صفقة تُحيّد إيران.
فطهران لم تخرج من سوريا، ولا يوجد أي قراءة محايدة سياسية، تطرح تخلي بوتين أو منظومة موسكو العميقة، التي تبنت دعم نظام الأسد بذاته قديما، عن الحليف الإيراني، هذه مسألة لا يقتنع بها أي مراقب سياسي إقليمي.
وأضاف: "نعم هناك حماس كبير لاستيعاب المصالح مع أنقرة الجديدة، والمشاريع الاقتصادية الواسعة، وكسب أنقرة في صف موسكو في ظل الفترة الانتقالية الأميركية الحالية، ستستفيد منه أنقرة في الملف الكردي، وإعادة دعم موقفها الدولي.
لكن ذلك لا يعني ابداً، تضحية موسكو، بحليف صلب يملك قرار أربع عواصم عربية وبطاقات قوة، في المشرق وخاصة كردستان والخليج العربي، ويتحد مع موسكو في إعادة رسم النفوذ وإن اختلف مع التفصيلات".
وبحسب الحبيل، فإن هذا يعني أن قضية تحييد الثورة في كفاحها المسلح، هو نقطة اجماع لا خلاف بين أنقرة وطهران وموسكو، نعم هناك تقييم مختلف لأنقرة، بأن واقع الثورة السورية عسكرياً، ينهار ويتشظّى، وخلافات الفصائل لا تنتهي، وبالتالي تزداد مآسي المدنيين، وأن لدى الروس استعداد لسحق المربعات المدنية المتبقية، وحتى معسكرات اللاجئين.
ولذلك فإن الحفاظ على ما تبقى من شعب الثورة، هو عمل أخلاقي وسياسي لأنقرة، توافق مع مصالحها، وهو منظور في ظل كارثة الميدان، يحتاج التعامل معه لواقعية سياسية.
لكن ذلك لا يعني مطلقاً، أن هناك خريطة طريق يغيّر بها نظام الأسد أو يحيّد مركزياً، وتستبدل قوات إيران الإرهابية، بتواجد عسكري متفق عليه، ويبدأ مرحلة انتقالية سياسية جديدة، هذه قضية ليست مطروحة كليا، ولا يعقل أن ما لم يقبل به الأسد وإيران حربا، سيقبل به لمصالح موسكو وأنقرة.
كما أن موسكو لا يمكن أن تدخل في مرحلة صدام مع حلفاء أصليين، مقابل حليف طارئ اضطرته، أزمته للتعامل مع موسكو، وخاصة بعد اسقاط المقاتلة الروسية.
وخلص الباحث العربي إلى أن ما تحتاج له الثورة تنظيم قوتها وهيكلها الذاتي، والمحافظة على الحليف التركي، لا شك في أهميته لكل المراحل، مع البناء الجديد للثورة الذي وحده هو الطريق لفرض فرص لصالح الشعب، بما في ذلك التعاطي مع قرارات صعبة، لمرحلة سياسية يحتاج فيها الشعب لوقف التآمر العالمي المسلح عليه، وحتى لا تتحول الثورة لرهينة ولكن شريكة في مستقبلها الحرج، فهل ستحتشد الثورة للعبور الأخير بمشروع سياسي يحفظ روحها لمستقبل أفضل.
كان الحبيل قال في مقال سابق، أن تجميع الثوار السوريين تحت قيادة عسكرية موحدة، سيُحقق استثمارا أكبر وأذكى يخترق الصفقة الدولية، ويرعى مسارا سلميا أهليا أقوى في المدن السورية، لو بدأت رحلة جديدة لجمهورية ما بعد الثورة، وهو في صالح أنقرة استراتيجيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!