ترك برس
بينما تشن القوات العراقية مدعومة بالتحالف الدولي حربا لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من مدينة الموصل، تفاجأ الجميع برفع علم إقليم كردستان العراق على مقار الدوائر الرسمية في كركوك أواخر الشهر الماضي بتوصية من والي المدينة نجم الدين كريم.
وردا على هذه الخطوة اتخذ البرلمان العراقي قرارًا يشدد على رفع العلم العراقي فقط على الدوائر الرسمية في محافظة كركوك، إلّا أنّ مجلس المحافظة أعلن عدم الالتزام بالقرار، بل أعلن إجراء استفتاء على ضم المحافظة للإقليم الكردي، وفقا لتقرير أعدته شبكة الجزيرة القطرية.
ومؤخرًا، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب نقله التلفزيون "ليعلم أصحاب هذا العلم أنهم يمارسون الانفصال.. أقول لحكومة كردستان العراق: عودي عن هذا الخطأ بلا تأخير". وأضاف "أزيلوا هذه الأعلام، وواصلوا طريقكم تحت علم العراق الوطني وحده، وإلا فعذرا ستجبرون على العودة عنه".
وكرر الرئيس التركي أن بلاده "ترفض بشكل قاطع المزاعم القائلة إن كركوك كردية"، ووجه إنذارا شديدا للقادة الأكراد العراقيين قائلا "حاليا علاقاتنا جيدة فلا تخلوا بها".
ونقلت الجزيرة عن الخبير التركي بمركز الشرق الأوسط للأبحاث الإستراتيجية بيلغاي دومان، إشارته إلى أن محافظة كركوك كانت محط نقاش وجدل في العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، مع الأخذ بعين الاعتبار الخلاف القائم بين الحزبين الكرديين الكبيرين، وهما الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.
ولفت دومان إلى أن ضم محافظة كركوك يعدّ بمثابة المفتاح الذي سيفتح باب استقلال الإقليم عن العراق، مشيرا إلى احتمال تصاعد حدة الوتيرة خلال الأيام القادمة بين التركمان والأكراد، لا سيما وأنّ والي كركوك أعلن أنهم لن يتراجعوا عن قرار رفع العلم، بينما قالت الجبهة الوطنية التركمانية إنها لن تظل مكتوفة الأيدي حيال هذا التصرف.
وتابع "الحملات الأحادية الجانب في كركوك ستزيد من ديناميكيات الصراع في هذه المدينة، فالحملة العسكرية على الموصل مستمرة، وهناك خطر تعرض كركوك لهجوم من قبل تنظيم الدولة الذي ما زال يسيطر على منطقة الحويجة بجنوبي كركوك، وأي صراع جديد في المدينة سيساعد في عودة مقاتلي التنظيم إليها مجددا".
وأضاف أن أفضل وسيلة لحل أزمة كركوك يتمثل في إيجاد وضع خاص لها وجعلها إقليما خاصا، يشارك في إدارته كافة الأطياف والمكونات الموجودة فيه، محذرا من احتمال نشوب صراع طويل الأمد إذا تمّ إلحاق كركوك بإقليم كردستان العراق.
من جانبه قال عضو هيئة التدريس بكلية العلاقات الدولية بجامعة "آهي أوران" سرحات أركمن إنّ أزمة رفع العلم ناتجة عن تراكم أزمات كثيرة على مدى السنوات السابقة، مشيرا إلى أن توقيت تفجر الأزمة هذه المرة يلائم الأكراد لأن الحكومة المركزية في بغداد تعاني من الضعف وعدم القدرة على ضبط أمور البلاد في الوقت الراهن.
ويتوقع أركمن أن تؤدي هذه الأزمة على المدى البعيد إلى نوع من التباعد بين شرائح محافظة كركوك وتقضي على التعايش السلمي فيها، كما يشير في الوقت نفسه إلى وجود دور إيراني في الأزمة "لأنّها لو كانت تعارض هذه الخطوة بشكل جدي لكانت استخدمت نفوذها ومارست الضغط على حكومة الإقليم الكردي في شمال العراق".
بدوره قال الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمركز الحكماء للدراسات الإستراتيجية علي سمين إن أزمة رفع العلم ناجمة عن التنافس القائم بين الحزبين الكبيرين في كردستان العراق خصوصا على الموارد النفطية.
وأردف "منذ عام 2008 هناك تعايش سلمي بين أكراد وتركمان وعرب كركوك، ومع أزمة رفع العلم فقد خرج الأكراد من نطاق هذا التعايش، وكذلك تعرضوا لانتقادات من تركيا وإيران، وهم الآن يدركون ذلك لكنهم لا يستطيعون التراجع عن هذه الخطوة".
واعتبر سمين أنّ والي كركوك نجم الدين كريم وضع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني أمام الأمر الواقع بإعلانه رفع علم الإقليم، كما استفز حكومة بغداد والقيادة الشيعية في البلاد وكذلك التركمان وقسما كبيرا من العرب والأوروبيين.
وتطرق إلى العلاقات القائمة بين تركيا والإقليم، مبينا أنّ تلك العلاقات كانت جيدة، غير أن أنقرة أبدت استياءها بوضوح من رفع علم الإقليم في كركوك.
وأعرب سمين عن اعتقاده بأنّ الأزمة الحالية يمكن حلها عن طريق الحوار بين الأطراف الفاعلة في المدينة، مضيفا في هذا الصدد "هناك طريقتان لحل الأزمة الراهنة، وهما إما أن يتم إنزال علم الاقليم، وإما يتم رفع العلم التركماني إلى جانبه".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!