ترك برس
ترددت في الآونة الأخيرة أخبار عن أن تركيا تدرس شراء بطاريات الدفاع الجوي الصاروخي إس 400 من شركة روستك الحكومية الروسية، وقيل إن البلدين توصلا بالفعل إلى اتفاق مبدئي حول هذا الموضوع.
وفي هذا الصدد أكدت ورقة بحثية نشرها معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي أن هناك اعتبارات عسكرية وسياسية تحول دون بيع هذه المنظومة الدفاعية لتركيا على الرغم من تحسن العلاقات بينهما، أبرزها انعدام الثقة بين الجانبين، والخلاف الاستراتيجي بينهما في سوريا، وعدم فعالية النظام الدفاعي الروسي في حال عدم دمجه في أنظمة الناتو، ووجود مخاوف من تشويش الأنظمة الروسية الموجودة في سوريا عليه.
وقالت الورقة التي أعدتها جاليا ليندنشترواس الخبيرة في الشأن التركي، وتسفي ماجن الباحث الأمني إن حاجة تركيا إلى أنظمة دفاع صاروخي ينظر إليها في الوقت الحالي على أنها مسألة بالغة الأهمية على ضوء التقدم الذي حققته إيران في برنامجها الصاروخي، الأمر الذي يزيد رغبة أنقرة في تطوير منظومتها الدفاعية القائمة.
لا تملك تركيا منظومة دفاع صاروخي، وعندما احتاجت إلى هذا النظام توجهت إلى حلفائها في حلف الناتو التي ساعدتها بنشر منظومة باتريوت على الأراضي التركية. وفي عام 2013 فازت شركة حكومية صينية بمناقصة أطلقتها تركيا، لكن بسبب ضغوط أمريكية لم توقع الصفقة في النهاية.
وأضاف الباحثان أن توجه أنقرة إلى القناة الروسية ومن قبل إلى القناة الصينية تأثر أيضا بأزمة العلاقات بين تركيا وحلفائها في الغرب، لا سيما حلفائها الأوروبيين، بيد أن هناك تصدعا أيضا في العلاقات التركية الأمريكية.
ورأى الباحثان أنه مقارنة مع الصفقة التي لم تتم مع الصين في عام 2013 ، فإن هناك فرصة أكبر لتوقيع اتفاق بين أنقرة وموسكو لشراء منظومة إس 400 وذلك لعدة أسباب:
أولا، أن تركيا حريصة على استبعاد إمكانية دمج منظومة إس 400 الروسية في الأنظمة الدفاعية لحلف شمال الأطلسي، وتشدد على الدور المستقل لأنظمة الناتو في السياق التركي، فهي تسعى بالتالي إلى تقليل مخاوف حلفائها في الناتو من تسرب المعلومات إلى روسيا. ثانيا، نظرا لجهود الولايات المتحدة وروسيا لتجسين العلاقات بينهما منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، فيبدو أن واشنطن ستقل معارضتها للصفقة الروسية التركية. ثالثا، أن بإمكان تركيا القول إن هناك سابقة لاقتناء بلد عضو في حلف الناتو لمثل هذه المنظومة من روسيا، فخلال الأزمة بين تركيا وقبرص في عام 1997 وفي إطار جهود حل الأزمة اتفق على نشر صورايخ إس 300 في اليونان، وما زالت هناك حتى الآن.
لكن الباحثين عادا وأشارا إلى وجود شكوك حول إمكانية تنفيذ هذه الصفقة، فعلى الرغم من تحسن العلاقات بين البلدين منذ حزيران/ يونيو 2016، فإن مستوى انعدام الثقة بينهما ما يزال مرتفعا، كما أن هناك خلافات استراتيجية بينهما تتعلق بالأحداث الإقليمية في الوقت الراهن.
وأوضح الباحثان أن تركيا غير راضية عن التعاون بين موسكو والأكراد في سوريا، فضلا عن الخلاف بينهما في السياق السوري الأوسع، كما أن البلدين على طرفي النقيض في حال تجدد التصعيد بين أرمينيا وأذربيجان.
وبحسب الورقة البحثية فإن السؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن لهذا النظام الدفاعي أن يكون فعالا نتيجة القيود التي ستفرض عليه، فهذا النظام لن يدمج ضمن أنظمة الدفاعية لحلف شمال الأطلسي من ناحية ولن ينضم إلى منظومة الرادار الروسي من ناحية أخرى، كما أن هناك مخاوف من أن تشوش الأنظمة الدفاعية المنصوبة حاليا في سوريا على عمل هذا النظام في تركيا إلى حد تقليل كفاءته.
أما على المستوى السياسي فكلما اقتربت الحرب الأهلية في سوريا من نهايتها، واقترب طرد تنظيم الدولة الإسلامية من الاراضي السورية، تتغير أولويات جميع الأطارف المشاركة في الساحة، وتحول الصراع في الوقت الحالي على تشكيل مستقبل سوريا إلى قضية جوهرية، وبدأت تظهر الخلافات بين المشاركين في التحالف الذي تقوده روسيا وانضمت إليه تركيا بصورة ما.
وأضاف الباحثان أن تركيا بعد أن حققت بعض أهداف تدخلها في سوريا والتي تعاونت مع روسيا من أجلها، ربما تعيد النظر في إطار مشاركتها في التحالف مع روسيا، وإذا صح هذا فإن هذه الاعتبارات ستؤثر في مسالة التعاون الأمني مع روسيا، وستقلل من دافع موسكو لبيع أنظمة دفاع متطورة لتركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!