عبد القادر سلفي - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
خرجت نتائج الاستفتاء. استيقظنا صباح 17 أبريل/ نيسان على تركيا جديدة.
نتيجة الاستفتاء جاءت لصالح التعديلات الدستورية، ومع هذا فإن الشعب بعث عبر صناديق الاقتراع رسالة مهمة، ينبغي على الحزب الحاكم والمعارضة تقييمها بشكل جيدة جدًا.
أولا يجب أن أوضح نقطة مهمة، لقد تمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من إدارة المرحلة بنجاح وتغيير مجريات الحياة السياسية التركية. فالدعم الشعبي للنظام الرئاسي لم يكن في يوم من أيام ليتجاوز عتبة الـ 35 في المئة. وقد أكّد الرئيس أردوغان على ذلك بشكل صريح في أحد كلماته حيث قال: "إن معدل التأييد الشعبي للنظام الرئاسي لم يتجاوز في يومٍ من الأيام عتبة الـ 25-30 في المئة".
وبالنظر إلى نتائج الاستفتاء، نستطيع القول إن أردوغان تمكن من انتزاع نسبة الأصوات التي تخوله بتحقيق التحول إلى النظام الرئاسي. وفي أول تعليق له بعد صدور نتيجة الاستفتاء، قال أردوغان: "أتقدم بالشكر لشعبي على منحي هذه الثقة".
وبالتأكيد، فإن نتيجة الاستفتاء تحمل أيضًا رسائل سياسية مهمة يجب عدم إغفالها. فمع انقضاء يوم 16 نيسان/ أبريل الماضي، ظهرت توازنات جديد في ساحة السياسة التركية. ولكن وقبل كل شيء، لا بد لحزب العدالة والتنمية، وضع نتائج الاستفتاء أمامه والقيام بنقد ذاتي بناء بشكل عملي بحت.
إلى جانب ذلك، لا بد لي في هذا الصدد الإشارة إلى قرار اللجنة العليا للانتخابات المتعلق باحتساب الأظرف الانتخابية غير المختومة بالأختام الرسمية، ضمن الأصوات الصحيحة، في استفتاء الأحد على التعديلات الدستورية. حيث زعم رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي (المعارضة الرئيسية)، كمال قليجدار أوغلو، أن اللجنة العليا للانتخابات التركية؛ جعلت نتيجة الاستفتاء من خلال ذلك القرار "مشكوكٌ فيها". المعارضة لن تترك بطبيعة الحال هذا الأمر يمر مرور الكرام.
رسائل أردوغان
بالنظر إلى الخطاب الذي ألقاه أردوغان بقصر "خُبر" بمدينة إسطنبول، وخطاب الشُرفة الذي ألقاه رئيس الوزراء بن علي يلدريم من شرفة المقر الرئيسي لحزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة، نستطيع القول إنه لم يكن هنالك "خطبة حماسية صدحت فيها الحناجر نعم". سيما وأن النتائج كانت واضحة تمامًا. ورغم هذا أجرى الرئيس أردوغان في قصر "خُبَر" مؤتمرًا صحفيًا لم يكن مقررًا من قبل، بهدف رفع المعنويات. بعدها ألقى ما يسمى بـ "خطاب الشرفة". لقد سعى الرئيس ورئيس الوزراء إلى إرسال رسائل طمأنة تهدف إلى خفض التوتر.
خطاب الرئيس أردوغان كان يتضمن رسائل تتطلب قراءة دقيقة لما بين السطور.
وقال أردوغان: "لا يوجد انتخابات مبكرة. الحكومة الحالية ستستمر على رأس عملها عام 2019". وهنا أراد الرئيس التركي القول لحزب العدالة والتنمية، إن الحزب فاز في الاستفتاء، لكنه لم يحصل على النصر المؤزر. من جهتهم قيادة حزب العدالة والتنمية، باتت ترى أن هذه النتيجة تستوجب عودة أدوغان إلى زعامة الحزب، ومعالجة الأضرار التي لحقت وتحضيره لانتخابات 2019. قد يلجئ الحزب إلى انتخابات مبكرة في حال ضغطت المعارضة في هذا الاتجاه، يكون الهدف منها إعادة بناء الثقة بين الحزب والقاعدة الشعبية.
ماذا تفعل ميرال آقشنر؟
لم يتمكن حزب العدالة والتنمية من أخذ دعم حزب الحركة القومية التركية الكامل أو المتوقع في الاستفتاء. إن التعاون الذي جرى مع الحركة القومية التركية خلال فترات معينة، انعكس بشكل سلبي على الحزب. فقد أثار رئيس حزب الحركة القومية "دولت باهجه لي" وقبل موعد إجراء الاستفتاء بـ 3 أيام فقط؛ سجالًا حول نظام الإيالات في إدارة الدولة (أو نظام الأقاليم ذاتية الحكم). هذا السجال كان بمثابة قنبلة موقوتة ألقاها زعيم حزب الحركة القومية باتجاه أردوغان. وبعض هذا السجال حصد حزب العدالة والتنمية في الاستفتاء على أصوات مؤيدة في مناطقه، فيما لم يحصل على حجم التأييد المتوقع من مناطق الحركة القومية.
القاعدة الشعبية لحزب الحركة القومية لم تمنح صوتها لـ "باهجه لي"، فيما تسعى القيادية المنشقة عن الحركة القومية، ميرال آقشنر، لتقييم مسألة تأسيس حزب جديد بعد استفتاء 16 نيسان/ أبريل. اليوم باتت جميع الظروف مواتية لتأسيس حزب فومي جديد في تركيا بزعامة آقشنر. في وقت يخاف فيه حزب الحركة القومية من ذهاب الحياة السياسية في البلاد إلى انتخابات مبكرة، يبقى فيها تحت العتبة الانتخابية.
زعيم الـ "لا" ومهندسها قليجدار أوغلو
أما في جبهة حزب الشعب الجمهوري، فإن المعارضة داخل هذا الحزب باتت بعد نتائج الاستفتاء الأخير أكثر ضعفًا، وهي غير قادرة على زحزحة زعيم الحزب كمال قليجدار أوغلو من مكانه، حتى لو جاءته على قمم الدبابات وصهوة المدافع. فالحزب الذي يحصد في الانتخابات العامة نحو 25 بالمئة من الأصوات الانتخابية، حصل في الاستفتاء الأخير على نسبة تأييد نسبتها نحو 49 بالمئة.
أمّا من حيث التصويت الكردي وتأثير تلك الأصوات في نتائج الاستفتاء؛ فلا شك أن هذا الأمر بحاجة لتقييم خاص يجرى بعناية. فالأكراد وقفوا مرة أخرى إلى جانب أردوغان في هذه المرحلة المفصلية والحاسمة. إن هذه النتائج بصراحة، ألقت مسؤولية تاريخية على عاتق حزب العدالة والتنمية، من أجل إيجاد حلّ للمسألة الكردية في تركيا.
وفي هذا السياق، لابد لنا من الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية استخدم منذ بداية حملته لغة خاطئة سوف يجري تقييمها لاحقًا. لكن، ورغم كل ما سبق، فإن أردوغان فاز في الاستفتاء والشعب صوت لصالح التغيير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس