جلال سلمي - خاص ترك برس
لا تكد تنتهي أي عمليةٍ انتخابية في تركيا، حتى يصرح حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة التركي الأساسي، بأن الانتخابات شابها تلاعبٌ من قبل حزب العدالة والتنمية ـ الحزب الحاكم ـ وبأنه سيتقدم بعريضة اعتراض للجنة العليا للانتخابات، للتحقيق في العملية، وإعادة فرز الأصوات.
تُجري اللجنة العليا للانتخابات إعادة فرز بُعيد كل عملية انتخابية، ولا تتغير النتيجة بشكلٍ جذري. ومع انتهاء عملية الاستفتاء الأخيرة، عاد حزب الشعب الجمهوري بثوبه المشكك في مسار العملية الانتخابية، ليسجل اعتراضه من جديد على النتائج، ولكن في هذه المرة هدد بالانسحاب من البرلمان.
"إن الهدف الأساسي من تأسيس حزب الشعب الجمهوري هو حماية المواطنين الأتراك من الاستقطاب، وجعلهم مواطنين صالحين لخدمة الوطن"؛ هكذا أوضح مؤسس الجمهورية التركية، وحزب الشعب الجمهوري، مصطفى كمال أتاتورك، الهدف الأساسي للحزب، لكن، وفقًا للباحث السياسي "يونس إيمرة"، يعمل الحزب اليوم على إشعال نار الاستقطاب عبر تصريحاته السياسية الحادة.
وأشار إيمرة، في مقاله "حزب الشعب الجمهوري ومرحلة ما بعد الاستفتاء" المنشور على موقع الجزيرة باللغة التركية، إلى أن هناك درسًا مهمًا يجب على حزب الشعب الجمهوري والأحزاب الأخرى استخراجه من عملية الاستفتاء، وهو أن المواطنين الأتراك على درجة عالية من الوعي، وأن الطريق الوحيد لجذب أصواتهم هو الخطابات العقلانية المتزنة، وليس الاحتجاجات والمقاطعة وغيرها من الأساليب التي لا تعود بالفائدة.
وفي معرض تساؤله عن الاستراتيجيات التي قد يتبعها الحزب بعد الاستفتاء، أوضح إيمرة، الذي كان يشغل منصب رئيس القطاع الشبابي في حزب الشعب الجمهوري، أن تلويح الحزب بمقاطعة البرلمان هو تصريح إعلامي لن يعدو ذلك، مرجعًا ذلك إلى النتائج السلبية التي قد تفاقم وضعية حزب الشعب الجمهوري في تركيا، والتي يعلم الحزب مداها جيدًا.
وأشار إيمرة إلى أن حزب الشعب الجمهوري عاد له الأمل بعد تصويت المدن التركية الكبرى، التي تمثل مراكز صناعية وسياحية مهمة توصل تركيا بالعالم الخارجي، "بلا"، موضحًا أن من المرجح في الفترة المقبلة أن ينتهج حزب الشعب الجمهوري سياسات تستهدف جميع طبقات وشرائح هذه المدن الكبرى، مبينًا أن تأثير الشعب الجمهوري الإيجابي في شريحة كبيرة من مواطني هذه المدن، سيمكنه من تحقيق السيطرة على شرائح واسعة حول تركيا، لأن هذ هالمدن تمثل مركز التعليم والإنتاج والتمويل والإعلام في تركيا.
ويعدد إمرة الاستراتيجيات التي يتوقع أن تنفذها قيادة حزب الشعب الجمهوري كما يلي:
ـ الضغط على البرلمان لخفض العتبة الانتخابية، لكي يتمكن من تحقيق سيطرة أوسع على البرلمان، لموازنة السلطة التنفيذية في حال كانت تحت سيطرة حزب العدالة والتنمية.
ـ تكثيف الأنشطة المجتمعية، والحملات الإعلامية.
ـ إعادة مناقشة الفكر والمبادئ التنظيمية للحزب، وتقريبها من التوجه العام للشعب التركي، كما تم في الانتخابات الرئاسية عام 2014، حيث تم ترشيح عضو ذي خلفية إسلامية.
ـ البحث عن اندماجات تجمعه والأحزاب اليسارية الديمقراطية المقربة من فكره.
وقد صرح نائب مسؤول العمل التنظيمي في حزب الشعب الجمهوري، تاكين بينغول، في وقتٍ سابق، بأن حزبه سيستمر في تمثيله لرأي المواطنين المعارضين، وأن الساحة السياسية ستستمر على حالها في حال كانت النتيجة "نعم" أو "لا"؛ وقد يُستدل من ذلك على أن حزب الشعب الجمهوري أقرب في توجهه إلى الخطوات التي سردها إيمرة، وليس الخطوات المتشددة التي قد تتمثل في الانسحاب من البرلمان أو ما شابه ذلك، وربما ينبع ذلك من إيمانه بأن الانسحاب من البرلمان سيُغضب مؤيديه، وسيشعل المنافسة الداخلية على قيادة الحزب.
ومن جانبه، أوضح نائب زعيم الحزب، بولنت تازجان، أن "الحزب سينتظر، في الوقت الحالي، القرار النهائي للجنة العليا للانتخابات على العريضة التي قدمها له، وفي حال لم تُقدم اللجنة العليا على اتخاذ قرار موضوعي، سنتجه للمحكمة الدستورية، ومن ثم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان".
وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب اجتماع الحزب لتقييم نتائج الاستفتاء، أشار تازجان إلى أن السبل القانونية هي الأمثل في كشف "عدم شرعية الاستفتاء" وكسب حقوق الشعب التركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!