نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
تتواصل المعارك على الساحة السورية. يركز حزب الاتحاد الديمقراطي، المدعوم أمريكيًّا على الرقة، حيث تمكن من الاستيلاء على نصف المدينة تقريبًا من تنظيم داعش. وبحسب التصريحات الأمريكية فإن حوالي ألفي مقاتل من داعش ما زالوا في المدينة، ومن الصعب أن يكسروا الحصار ويخرجوا منها، ولذلك سيقاتلون حتى الموت.
من جهة أخرى تقدم جيش الأسد نحو الشرق عبر جنوب الرقة. استعاد مدينة دير الزور، حيث يوجد احتياطي النفط والغاز الطبيعي، من داعش. وباستثناء إدلب فإن النظام المدعوم روسيًّا، يوسع المناطق التي يسيطر عليها رويدًا رويدًا.
ويبدو أن إدلب تُركت إلى النهاية. تحاصر تركيا شمال غربي المنطقة، وحزب الاتحاد الديمقراطي شماليها، وما تبقى محاط بقوات الأسد. لكن هذا الحصار يمكن خرقه بسهولة عن طريق الشبكات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والاجتماعية. وتحركات المدنيين والمسلحين والبضائع والأموال والأسلحة مستمرة بكل زخمها.
تختلف وجهات نظر اللاعبين المباشرين وغير المباشرين في الأزمة السورية، تجاه إدلب. على سبيل المثال من المفيد التركيز على التوصيف البارز في الخطاب السياسي الأمريكي "الفصائل المرتبطة بالقاعدة"، من أجل فهم موقف الولايات المتحدة من إدلب.
وإذا علمنا أن القاعدة هي عدو الولايات المتحدة في إدلب، فإن هذه المنطقة هدف عسكري بالنسبة لواشنطن. وعندما يكون العدو القاعدة تسود لدى الولايات المتحدة المقاربة القائلة "لا أحد يمكنه منعي". ولا شك أن استخدام توصيف القاعدة يجعل من جميع الوسائل والطرق المتبعة مشروعًا. وعندما تحتوي قائمة الأعداء على القاعدة يتوفر الدعم من الداخل والخارج.
المرجح أن تلجأ الولايات المتحدة إلى الأسلوب المتبع في القتال خلال الأعوام الماضية وهو "اعثر على حليف محلي، طوّق معه العدو، واقضِ عليه". يهدف هذا الأسلوب إلى القضاء على الأخطار التي ستسببها عودة المقاتلين الأجانب، المتوجهين إلى مناطق الصراع من أجل القتال فيه، إلى بلدانهم. والسبيل الأقل تكلفة من أجل تطبيق هذا الحل السهل بالنسبة للولايات المتحدة يمر عبر دفع القوات المحلية الحليفة إلى القتال. وهذا ما يتيح لها إمكانية القول لبقية البلدان إنها تعمل على حمايتها وحماية مواطنيها.
ورغم أن إدلب هدف عسكري ذو أولوية للولايات المتحدة إلا أن الوضع يتميز بمصاعب فنية معقدة لا يقدر العسكر بمفردهم على حلها، ومنها الموقف الروسي والوضع الجيوبوليتيكي لإدلب ووجود تركيا وحليفها الجيش الحر.
من الواضح أن لروسيا والأسد مخططات خاصة بإدلب. أما حزب الاتحاد الديمقراطي حليف الولايات المتحدة، فالجزء الذي يسيطر عليه في عفرين لا ارتباط له مع إدلب عن طريق البر. ومن جهة أخرى تتزايد ضغوط تركيا والجيش الحر على عفرين يومًا بعد يوم. كل هذه التطورات تخرج العملية الأمريكية ضد وجود القاعدة في إدلب من إطار المسألة العسكرية البحتة. ولن يكون مفاجئًا أن نرى خلال الأيام القادمة ساسة الولايات المتحدة يتبعون سياسة مختلفة، وجنرالاتها يسعون لإقامة شراكات جديدة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس