ترك برس
كيف تمكن الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت من التوصل إلى اتفاق مع تركيا، الدولة التابعة لحلف شمال الأطلسي والتي تجمعها علاقات ودية بالولايات المتحدة؟ ومن هي الجهات الخارجية التي لعبت دورا في هذا الاتفاق، وكيف أثرت على العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين؟ في الواقع، سيجيب الممثل عن جمعية رجال الأعمال الروس والأتراك، غيورغي توفار، عن كل هذه الأسئلة في حوار مع صحيفة "برافدا" الروسية.
لطالما كانت العلاقات التاريخية بين روسيا وتركيا معقدة للغاية، لتتراوح تارة بين الصداقة والعداوة، وتارة أخرى بين الحرب والتعاون. وفي كل الحالات، كانت العلاقات الاقتصادية من أبرز الحوافز التي تدفع البلدين للتواصل ولاستعادة سبل التعاون.
وتجدر الإشارة إلى أن أولى الاتصالات بين روسيا وتركيا كانت من خلال رسالة القيصر الروسي، إيفان الثالث، إلى ثامن السلاطين العثمانيين، بايزيد الثاني، سنة 1492. وقد تناول القيصر الروسي في رسالته مسألة العلاقات التجارية وظروف عمل التجار الروس في إسطنبول، كما اشتكى من تعرضهم للاضطهاد من قبل الأتراك. وفي رده على نظيره الروسي، نفى السلطان العثماني ذلك، إلا أنه وعد بدعم التجار الروس بكل الطرق الممكنة.
خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، كانت العلاقات متوترة جدا بين البلدين، نظرا لأن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي. ولكن، كانت هناك بعض بوادر انفراج العلاقات الاقتصادية بين الروس والأتراك، فكيف وثق الروس والأتراك في بعضهم البعض رغم تواجد جملة من الخلافات السياسية آنذاك؟ وما هي أسباب ذلك؟ خلال سبعينيات القرن العشرين، وُضع حجر الزاوية في سبيل تطوير العلاقات التجارية، وقد تحقق ذلك في إطار، التعاون الاقتصادي الدولي، الذي مهد الطريق أمام تطوير العديد من المشاريع الكبرى في تركيا في مختلف المجالات وهذا بدوره ساهم في تعزيز العلاقات الثنائية الروسية التركية فيما بعد.
في تلك الفترة، قدم الاتحاد السوفيتي الدعم المادي لعدد من البلدان النامية، لمساعدتهم على اكتساب موطئ قدم لهم في الحياة الاقتصادية، كما قدمت تركيا دعما مماثلا لعدد من الدول الأخرى. وعلى هذا الأساس، كان الوقت مناسبا لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين ولتوقيع اتفاقيات اقتصادية طويلة المدى، وقد تحقق ذلك سنة 1982.
وقبل هذا التاريخ، كانت العلاقات التجارية والاقتصادية بين روسيا وتركيا متواضعة جدا، إذ اقتصرت على تبادل بعض السلع البسيطة، خاصة المنتجات الزراعية التركية على غرار؛ الفواكه الجافة، والقطن، والتبغ. وسنة 1976، قُدر حجم التبادل التجاري بين تركيا وروسيا بنحو 117 مليون دولار، بينما وصل الآن إلى 34 مليار دولار.
متى بدأت المفاوضات من أجل الغاز؟
بدأت المفاوضات حول الغاز في ثمانينات القرن الماضي، عندما اجتمعت مجموعة من الدبلوماسيين من كلا الطرفين في إطار احتفال نُظم في السفارة السوفييتية في أنقرة بمناسبة الذكرى السنوية للثورة البلشفية في تشرين الأول/ أكتوبر. ويذكر أنه في أيلول/ سبتمبر سنة 1980 شهدت تركيا انقلابا، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من نفس السنة تم تشكيل الحكومة.
سنة 1979، أرسل الاتحاد السوفيتي قواته إلى أفغانستان، فوجد نفسه في وضع مشابه لوضع روسيا في الوقت الراهن، إذ فرض الغرب عقوبات على البلاد. وعلى خلفية ذلك، توقفت الشركات الألمانية عن التعامل مع الاتحاد السوفيتي في مجال الطاقة، ما جعل الاتحاد آنذاك يبحث عن حلول بديلة للخروج من هذا المأزق. وعلى هذا الأساس، مثلت تركيا مخرجا مناسبا لاتحاد السوفيتي آنذاك.
في الواقع، أثار المقترح الروسي المتعلق بالغاز دهشة الجانب التركي، إلا أنه يعد مقترحا مربحا للغاية. ونظرا لأن تركيا من البلدان التابعة لحلف شمال الأطلسي، وتجمعها علاقات وطيدة بالولايات المتحدة الأمريكية، أثارت المفاوضات العديد من التساؤلات لدى الروس "فكيف يمكن أن نقيم مفاوضات حول أحد أهم الموارد الطاقية في البلاد مع عضو في حلف شمال الأطلسي؟".
وفي حين اقترحت روسيا، منذ سنوات وفي ظروف خاصة، مسألة التعاون في قطاع الغاز مع تركيا، لم يتم التوقيع على الاتفاق إلا بعد أكثر من 25 سنة. والجدير بالذكر أن تلك المفاوضات ساهمت بطريقة أو بأخرى في تطوير علاقات التعاون بين البلدين ولو بعد عقود.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!