ياسر التركي - خاص ترك برس
تمتلك الأمة التركية تاريخًا يمتد لآلاف السنين، وقد حكمت على مدى تاريخها الطويل مناطق واسعة في قارات العالم القديم (آسيا وأوروبا وأفريقيا)، وأثرت وتأثرت ثقافيًا واجتماعيًا بالشعوب التي تقاسمت معها الأرض والدولة، ما أثرى ثقافتها وأكسبها كثيرًا من التنوع.
تعتبر إمبراطورية الهون أعظم الإمبراطوريات التي أسسها التُرك. تأسست الإمبراطورية على يد الخاقان (الملك) طومان خان عام 220 قبل الميلاد، وامتدت على مساحات شاسعة من العالم القديم وحكمت شعوبًا مختلفة.
بدأت اللغة التركية باستخدام الأبجدية الأورخونية، وهي أبجدية تركية محضة، ما بين أعوام 200 قبل الميلاد وحتى القرن العاشر الميلادي.
وصل استخدام الأبجدية الأورخونية مرحلة الذروة في عهد إمبراطورية الكوك تورك التركية (ما بين 552 و745 ميلادية)، حيث نُقشت في ذلك العهد المسلات الأورخونية بمدينة "أوتوكان" التاريخية (عاصمة الإمبراطورية).
احتضنت هذه الأبجدية اللغة التركية ردحًا من الزمان، واستخدمت لنقش مسلات وادي أورخون (في منغوليا حاليًا) وكتابة اسم الترك والشعب التركي لأول مرة.
استطاع التُرك بواسطة الأبجدية الأورخونية صياغة ونقش رؤاهم السياسية والعسكرية والدينية والاجتماعية والأدبية بلغة بليغة وأسلوب أنيق وصور لغوية معبرة على المسلات الأورخونية.
تمتلك الأبجدية التركية الأورخونية 38 حرفًا، أربعة حروف منها صوتية، و34 صامتة بينها مجموعة من الأحرف المركبة، وأخرى للتثقيل والتخفيف.
وفي عهد أباطرة دولة الـ "كوك تورك"، نُقِشَت العديد من المسلات الأورخونية وأهمها ثلاثة مسلات، الأولى عرفت باسم "بيلكا خان" المولود عام 684، وهو ابن إمبراطور الكوك تورك "إيلتريش"، أي جامع الدولة ومنظمها. والثانية باسم شقيقه الأصغر "كول تكين"، الذي كان قائداً لجيوش الإمبراطورية التركية، والثالثة باسم "طونيوقوق"، الذي كان يشغل منصب كبير الوزراء.
تعتبر الكتابات الأورخونية والمسلات التي كتبت بها، وثيقة تاريخية مهمة تعبر عن عراقة اللغة التركية وماضيها المجيد، وتظهر النقوش والأحجار الأثرية التي احتضنت تلك الأبجدية عراقة الميراث اللغوي والأدبي لهذه اللغة وجذورها الضاربة عميقًا في صميم الحضارة الإنسانية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس