نديم شنر – صحيفة بوسطا – ترجمة وتحرير ترك برس
قبيل مغادرته تركيا، قال السفير الأمريكي في أنقرة جون باس، في مؤتمر صحفي، "منذ تسعة أشهر ونصف لم يقع هجوم إرهابي في تركيا. ليس لأن تنظيم داعش تراجع عن الهجمات، وإنما بفضل تعاوننا".
البعض علق على هذا التصريح بأن السفير "هدد تركيا وهو يغادرها"، واعتبرت هذه التعليقات مبالغ فيها. أعتقد أنه لا يمكن ربط دولة قانون بعمليات أحد التنظيمات الإرهابية، وحتى إن حدث الأمر لا يمكن التصريح به على لسان سفير.
من المعروف أن بعض الاستراتيجيات الأمريكية ساعدت على تمدد تنظيم داعش في سوريا، لكن تغاضي الولايات المتحدة عن أي نشاط لداعش لا يبدو لي معقولًا.
لأن تنظيم داعش يعني بالنسبة للولايات المتحدة تنظيم القاعدة. وهذا الأخير يعني هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وهذا ما يعرفه العالم بأسره وليس الأمريكان فقط.
لكن أمس الأول، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" خبرًا تحت عنوان "سر الرقة القذر"، كشفت فيه أنه تم إجلاء 250 مقاتلًا من داعش مع أسرهم من الرقة بشكل آمن تحت إشراف قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة وبريطانيا.
أي أن قوات سوريا الديمقراطية، المكونة بنسبة كبيرة من عناصر قوات حماية الشعب، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا، أبرمت اتفاقًا مع تنظيم داعش تحت رعاية الولايات المتحدة وبريطانيا.
وبموجب الاتفاق فإن مجموعة مكونة من مقاتلي داعش وأسرهم، قوامها 4 آلاف شخص، خرجت بسلام من الرقة. ومن بين هؤلاء 250 مقاتلًا يحملون بنادقهم بأيديهم ويرتدون أحزمتهم الناسفة، خرجوا في عشر حافلات مع الأسلحة والذخائر.
وبينما انتشر قسم من المقاتلين في أنحاء مختلفة من سوريا، توجه البعض الآخر منهم إلى تركيا، بحسب الخبر.
900 عنصر من داعش في تركيا
ذكّرني هذا الخبر بتقرير صدر عن مركز سوفان البحثي ومقره في الولايات المتحدة أواخر الشهر الماضي، تحت عنوان "التهديد الناجم عن المقاتلين الأجانب والعائدين إلى أوطانهم".
وبحسب التقرير فإن 5600 مقاتل أجنبي في صفوف داعش، من بينهم 900 تركي، عادوا من سوريا والعراق إلى أوطانهم.
تساءلت حينها من أين حصل هذا المركز الأمريكي على أرقام مفصلة إلى هذا الحد، لكن بعد سماعي خبر هيئة الإذاعة البريطانية أصبحت متأكدًا أن الولايات المتحدة تتابع مقاتلي تنظيم داعش عندما يغادرون الأماكن التي يوجدون فيها.
والأهم من ذلك أنني أدركت مغزى تصريح السفير الأمريكي بأنقرة جون باس حول داعش.
بمعنى أنكم تكونون في مأمن من داعش في حال إقامتكم تعاونًا مع الولايات المتحدة، التي تعلم ما يقوم به التنظيم.
إذًا خروج داعش من الرقة يتم تحت إشراف الولايات المتحدة التي أوجدت تنظيم القاعدة وحولته إلى تنظيم داعش الأكثر دموية وغضت النظر عن تمدده في سوريا لمحاصرة الأسد، وسلّحت وحدات حماية الشعب.
وعلى الأغلب فإن سوريا تتحول إلى مستنقع للإرهاب بالنسبة للولايات المتحدة، التي لا تتورع عن التعاون مع التنظيمات الإرهابية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس