إبراهيم كيراس – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
لنسمّ المسألة باسمها الحقيقي, المسألة هي محاولة إدارة الدولة من خلال الاستيلاء على بعض المراكز المهمة من قِبل تنظيم غير شرعي. هي أن البعض ممن يتبعون لجهات أخرى أصبحوا في وضع يديرون فيه الدولة حسب منفعتهم الشخصية. ولا يأخذ البعض, وخاصة المنتسبون للاتجاه الليبرالي اليساري, محاولة أن تصبح الجماعة دولة داخل الدولة على محمل الجد, وإنما يميلون إلى رؤية الموضوع على أنه صراع بين الحكومة والجماعة. لا شك أن المسألة نوع من الصراع بين الحكومة والجماعة. ولو أن الجماعة لم تستهدف الحكومة في أحداث 17-25 ديسمبر لربما لم يكن هذا الصراع ليحدث مبكراً بهذا القدر. والواقع أن قولنا نحن غير قادرين على حل تلك الأمور فلتقم الجماعة بحلها هو دفن لرؤوسنا في الرمال.
ربما نكون غير راضين على كلام وأسلوب أردوغان. وربما لا تعجبنا سياسة حزب العدالة والتنمية في إدارة البلاد. وقد نفكر أن هذه الأمور قد تجلب لبلدنا الكوارث. ولكن كيف يمكننا هضم عبث الجماعة بلا رحمة بحياة المئات بل الآلاف ممن رأت فيهم عائقاً أمام هوسها بالاستيلاء على الدولة؟ لنأخذ الادعاءات بالرشوة والفساد ضد الحكومة على محمل الجد طبعاً, ولنتابع التحقيق في ذلك الموضوع. ولكن أي وجدان يقبل بأن حوادث مثل الأركون , باليوز, والتجسس العسكري لم تحدث في هذه البلاد , وكأن 17 ديسمبر هو بداية كل شيء؟ لننسى كل ذلك, هل تعدي بعض الموظفين في الدولة لتسلسلهم الوظيفي من خلال أخذ التعليمات من جهات أخرى من خارج الدولة أمر يمكن القبول به؟
عندما نقول ذلك فإن قائلاً سيقول على الفور:" أليس للحكومة مسؤولية في كل هذه الأمور؟ ويقولون: ألم يفعلوا كل هذه الأمور بموافقة الحكومة أو من خلال غض طرفها عنهم, أو من خلال لا مبالاتها على أضعف الإيمان؟ نعم, هذا صحيح. فعلوا الكثير مما فعلوه استناداً إلى القوة والدعم الذي أخذوه من القوى السياسية. ولذلك فإن محاسبة المسؤولين عن تلك الأفعال حقنا الطبيعي. شخصياً لقد ذكّرت في وقت سابق لأحداث 17- 25 ديسمبر بكثير, حتى قبل مشكلة الاستخبارت في 7 شباط في مقالاتي بأن حكومة العدالة والتنمية يجب أن تُحاسب على المخالفات الحقوقية التي تقوم بها المحاكم ذات السلطات الخاصة.
ما الذي حدث حتى بات الذين ادعوا في تلك الأيام أن الجماعة قامت بنسج المؤامرات من خلال الشرطة والادعاء العام التابع لها لمن اشتبهت فيهم في مسألة الأرغنكون وأنها قامت بتحميل الأدلة الكاذبة على هواتفهم وحواسبهم, باتوا يحاولون إقناعنا بأن الجماعة بريئة ولا ذنب لها. لأنهم يفكرون أن المهم هو إتعاب الحكومة. علماً أن الأخطاء التي تقوم بها حكومة منتخبة مهما كانت خطيرة فلا يمكن وضعها مع الأعمال التي يقوم بها تنظيم غير مشروع في نفس الكفة. يمكن محاسبة ما يفعله منسوبو الحكومة على أخطائهم من خلال صناديق الانتخاب ومن خلال القضاء. ولكن لو استطاعت الجماعة أن تصل إلى أهدافها لما استطعتم فعل أي شيء. لا تنسوا ذلك أيضاً...
أما الادعاء الذي يقول "إنكم تغطون على قضايا الفساد التي تم كشفها في 17 ديسمبر" فإنه يعتبر إهانة كبير بالنسبة للذين ينتقدون الجماعة حتى قبل هذه الأحداث. وعلاوة على ذلك فإن عدم اهتمام الذين ينتقدون هذا التنظيم بمسألة الفساد كذبة أخرى. في السنة الماضية وبعد أحداث 17 ديسمبر مباشرة كتبت أن الحكومة يجب عليها أن تتخلص من الصورة التي تظهرها وكأنها تحاول تغطية ادعاءات الفساد لكي لا يؤثر ذلك سلبياً على حربها مع الكيان الموازي. وأنا على رأيي إلى الآن. ولكن في هذه الفترة التي مضت لم تخطو الخطوات اللازمة مع الأسف. وعلى الجانب الآخر فإنني دافعت عن إعطاء الوزراء الذين كانوا موضوع الأحداث فرصة لإثبات براءتهم. (ربما لا يعلم قسم من القراء ما الذي كتبته لذلك فإنني أعطي أمثلة من كتاباتي باستمرار, لا تفهموني بشكل خاطئ...)
فكروا بالآتي: لقد قبل الرأي العام بأن نية الجماعة في أحداث 17 ديسمبر لم تكن محاربة الفساد. تظهر ذلك نتائج المناسبتين الانتخابيتين الماضيتين. ولكن لا قرار حاسماً في ما إذا كانت كل الادعاءات المتعلقة بقضايا الفساد كاذبة أم أن منها ما هو صحيح. ولذلك فيجب حماية مشروعية الحرب على الكيان الموازي من خلال تكذيب الادعاء القائل "إنهم يريدون التستر على قضايا الفساد" وفي نفس الوقت إذا كان هناك في الحكومة من هو مخطئ فلا يجب تحميل تبعة أخطائه للجميع.
ألست محقاً؟
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس