ترك برس
يرى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور باسل الحاج جاسم، أن مدينة "منبج" بريف محافظة حلب السورية تقع في قلب المنطقة التي تريد ميليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD)، إقامة حكم ذاتي فيها "مبدئياً"، وهذا ما يفسر الإصرار التركي على استعادتها "لأهلها العرب".
وفي تحليل بعنوان "منبج تضع أنقرة أمام امتحاني الإرادة والعلاقة بواشنطن"، نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية، قال جاسم منبج مثلت بموقعها الجغرافي وكونها أكبر كتلة ديموغرافية، عقبة أمام المشروع الانفصالي.
واعتبر أن هذه المدنية يمكنها أن تكون جسراً يربط بين القطاعات الثلاثة لمشروع الأقلية الكردية، الجزيرة وعين العرب وعفرين، حيث يتّصل قطاعاً الجزيرة وعين العرب، بعد سيطرة الأكراد على الشريط الحدودي مع تركيا كاملاً.
ويبقى الجيب ما بين ضفة الفرات الغربية وعفرين، والذي يبدأ بمنبج التي سيطروا عليها قبل عامين، وجرابلس شمالها، مروراً بالباب، التي تسيطر عليها اليوم قوات المعارضة السورية بعد طرد تنظيم "داعش" بدعم تركي دولي، وصولاً حتى أعزاز التي تسيطر عليها أيضاً قوات المعارضة السورية.
بعد سيطرته على منبج، يكون الامتداد السوري للعمال الكردستاني قد تجاوز نهر الفرات، في مناطق عربية تاريخياً، لا تملك فيها الأقلية الكردية أي امتداد تاريخي أو اجتماعي أو ديموغرافي، فأكثر من 93 في المئة من سكان منبج هم من العرب، ويقطنها أيضاً التركمان والأكراد والشركس.
تقع منبج في قلب المنطقة التي يريد بعض أكراد سورية إقامة حكم ذاتي فيها "مبدئياً"، وهذا ما يفسر الإصرار التركي على استعادتها "لأهلها العرب"، بعد إخراج تنظيم "داعش" من الباب خلال عملية درع الفرات قبل عامين.
وكانت عملية درع الفرات التركية نقطة تحول في الحرب السورية، ولأول مرة، أظهرت تركيا وجوداً في سورية من خلال الإدارة المباشرة لمجموعات المعارضة المعتدلة في الميدان وممارسة عناصر القوة الصلبة.
يأتي ذلك وسط تقارير إعلامية تركية ودولية، عن توصّل أنقرة إلى اتفاق مع واشنطن يقضي بانسحاب ميليشيات (PYD)، وذراعه المسلح "وحدات حماية الشعب" (YPG)، من منبج، مقابل أن تأمين المدينة من قبل قوات تركية أميركية مشتركة.
ويُشير الخبير في الشؤون الدولية الدكتور علي باكير، إلى أن العناوين العريضة للاتفاق بين أنقرة وواشنطن في موضوع شمال سوريا، تشمل أيضاً الاتفاق على إعادة التركيبة السكانية في شمال البلاد إلى وضعها السابق عند بداية اندلاع الثورة السورية.
المسؤولون الأتراك، وفق باكير، يشددون على حقيقة أن الميليشيات الكردية المدعومة أميركياً قامت بإعادة هندسة التركيبة السكانية في الشمال السوري خلال السنوات القليلة الماضية، وشمل ذلك عمليات تطهير عرقي، بالإضافة إلى سيطرة الميليشيات الكردية على مناطق ذات غالبية عربية، كالرقة على سبيل المثال لا الحصر.
ويقول باكير، في تقرير بصحيفة "العرب" القطرية، إن العنصر الآخر الذي تم الاتفاق عليه، وتجري دراسة كيفية تطبيقه هو تقليص سطوة الميليشيات الكردية على المكوّن الكردي السوري، إذ إن ميليشيات "PYD" قامت بالتضييق على الشريحة الأكبر من الأكراد السوريين.
وأغلقت هذه الميليشيات مكاتب العديد من الأحزاب الكردية، وقمعت وهجّرت نسبة كبيرة منهم، وفي هذا السياق، يشير الجانب التركي إلى أن هناك حوالي 350 ألف لاجئ كردي سوري في تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!