ترك برس
أثار قرار الحكومة الأردنية وقف العمل باتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، جدلًا واسعًا بين الاقتصاديين الأردنيين، إذ اعتبر بعضهم أن الاتفاقية أثرت سلبا على الاقتصاد الوطني، بينما رأى آخرون بأن قرار الحكومة يؤثر سلبا على واقع البيئة الاستثمارية في البلاد ويضعف القدرة على جذب الاستثمار.
نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور جواد العناني، قال إن قرار وقف العمل بالاتفاقية من باب الضغط على الجانب التركي للتفاوض من جديد على الاتفاقية بحيث يكون فيها مرونة وتحقق العدالة للطرفين في ظل عدم نجاح المحاولات الأردنية السابقة مع الجانب التركي في هذا الخصوص.
ونقلت جريدة "الغد" الأردنية عن العناني إشارته إلى أهمية أن يتبع وقف العمل بالاتفاقية تحرك سياسي منطقي سريع من جانب الأردن لبحث هذا الموضوع مع الجانب التركي للتأكيد أن القرار لإعادة التفاوض على الاتفاقية والحصول على مرونة بالتعامل من خلالها وليس لأهداف اخرى.
وأكد العناني أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين الأردن وتركيا قديمة وتاريخية وليس هنالك مصلحة للأردن لإنهاء هذه العلاقة.
وقال إن من قام بالتفاوض على هذه الاتفاقية من قبل الجانب الأردني قبل توقيعها لم يكن موفقا كثيرا في انصاف الأردن؛ حيث كان فيها اجحاف بحق الأردن، مبينا أن الاتفاقية سمحت للجانب التركي بفرض شروط وقواعد منشأ يصعب على كثير من الصناعات الأردنية القدرة على تلبيتها.
وأضاف "في ظل عدم الاستفادة من هذه الاتفاقية اصبح من حق الأردن أن يطالب باعادة التفاوض مع الجانب التركي بخصوص تعديل بنود الاتفاقية بما يحقق العدالة لجميع الأطراف.
وأكد أن الجانب التركي استفاد كثيرا من هذه الاتفاقية حيث زادت المستوردات الأردنية من تركيا بشكل كبير في حين أن الصادرات الوطنية لم تزد إلى تركيا.
ولفت إلى أن وقف العمل بالاتفاقية سيكون له آثار سلبية على زيادة أسعار البضائع التي تستورد من تركيا بحكم رفع الرسوم الجمركية، إضافة إلى التاجر الذي بنى مشاريع وشركات على أساس هذه الاتفاقية.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور منير الحمارنة إن البت بالفوائد والآثار السلبية من الاتفاقية يجب أن يكون مبني على أساس دراسة متخصصة تظهر مدى تأثير هذه الاتفاقية على الاقتصاد الوطني ككل.
وأوضح الحمارنة أن الموقف من الاتفاقية يجب أن يقاس إلى أي مدى يتضرر الاقتصاد الوطني أو ينتفع من هذا الاتفاق ومدى تأثيره على البطالة والاستثمار والضرر بالقاعدة الإنتاجية.
وأكد الحمارنة أن الأردن بحاجة إلى علاقات تجارية مع دول العالم بشرط أن تكون متوازنة دون أن تؤذي الاقتصاد الوطني ككل، مبينا أن المطلب في المرحلة الحالية هو الخروج من الازمة العميقة التي يمر بها الاقتصاد الوطني وهذا لا يتم إلا من خلال زيادة حجم الاستثمارات ودعم الاستثمارات المقبلة.
وقال الخبير الاقتصادي، قاسم الحموري، إن وقف الاتفاقية اوجد صراعا بين مصالح التجار والصناع؛ حيث أن المنتج الأردني يفضل الحماية والقُيود على التجارة الخارجية حتى يبيع منتجه محليا في حين أن التاجر يفضل وجود تجارة حرة دون قيود وبالتالي يفضل الاتفاقية التجارية التي تسهل حركة مرور السلع إلى الأردن.
وبين أن مصلحة الأردن مع التجارة الحرة والاتفاقية دون وقف أي اتفاقية تجارية، مشيرا إلى وجود وسائل أخرى لحماية الصناعة الوطنية دون وقف التعامل مع الاتفاقيات، لافتا إلى أن القرار يخالف سیاسة الحكومة المبنیّة على الانفتاح الاقتصادي وتَحریر التجارة.
وأوضح ان قرار وقف الاتفاق سيكون له تأثيرات سلبية على واقع البيئة الاستثمار، خصوصا وان المستثمر لن يقرر اقامة مشروع في بلد فيه قيود على التجارة والاستيراد.
وأشار الحموري إلى أن الغاء مثل هذه الاتفاقية من أجل حماية المنتج المحلي سيكون انعكاسُه سلبيا لأنه يقلل من الكفاءة الانتاجية، ولن يضغط على المنتج المحلي لتحسين جودة المنتج، بسبب عدم وجود منافس.
واقترح الحموري إعادة دراسة الاتفاقية والتفاوض على بنودها من جديد، مبينا أن منظمة التجارة العالمية من أهم قواعدها في حال حدوث خلافات تجاري أن يتم حلها بالتفاوض والوصول إلى حل يحقق العدالة للطرفين.
وقال وزير المالية الأسبق، الدكتور محمد أبو حمور، إن اتفاقية التجارة الحرة مع أي دولة يجب أن يكون الطرفان متكافئان فيها، بمعنى أن تحقق الاتفاقية مصالح مشتركة وليس مصلحة دولة على حساب آخر.
وتساءل أبو حمور عن المنافع المتحققة للطرفين من الاتفاقية، إضافة الى القيام بإجراء دراسة عن الآثار المترتبة من هذه الاتفاقية على القطاع التجاري والصناعي قبل توقيعها.
وأكد أبو حمور اهمية النظر الى الاتفاقية والنتائج التي حققتها على الاقتصاد ككل سواء كان ذلك ايجابيًا أم سلبًا، مبينا أن الاتفاقية بناء على أرقام التبادل التجاري تميل لصالح الجانب التركي؛ حيث هناك عجز كبير في الميزان بين الأردن وتركيا.
وقال "بعد وقف اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا هل سيتم استيراد البضائع من دول أخرى او سيتم تعليق الاستيراد لدعم المنتج المحلي وتحقيق مقياس ايجابي في الميزان التجاري".
وشدد على ضرورة ان يتم اجراء دراسات متخصصة مسبقة عندما يتم توقيع اتفاقيات تجارية مع أي دول لمعرفة الآثار المترتبة والنتائج على الاقتصاد الوطني و حتى لا يكون هناك تراجع عنها فيما بعد.
وقال إن كثيرا من التجار وأصحاب الوكالات رتبوا أمورهم على اساس هذه الاتفاقية، داعيا إلى استثناء هذه الشريحة من القرار إلى حين تصويب أوضاعهم مع الجانب التركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!