محمود الرنتيسي - صحيفة الشرق
قبل أيام قليلة فاجأ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أنصار حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم بمشاركته في مؤتمر الحزب بمدينة قونيا التركية التي ولد فيها رئيس الوزراء الحالي أحمد داود أوغلو.
حملت الزيارة من جهة حماس أبعادا متعددة منها التأكيد على توازن خطوات الحركة بعد قيام وفد قيادي من الحركة بزيارة طهران وقيام الناطق العسكري بتقديم الشكر لإيران على ما قدمته من دعم للمقاومة الفلسطينية.
كما أن الزيارة جاءت كرسالة لكل الأطراف التي تقوم بضغوطات على حماس أن حركة حماس لها علاقات مع قوى إقليمية كبيرة في المنطقة مثل تركيا و إيران . وفي نفس الوقت كانت رسالة من قبل تركيا على استمرار دعمها لحماس.
أما ما تلى الزيارة من أقاويل حول خروج مشعل من قطر فأعتقد أن هذا غير صحيح وهو مجرد إعراب عن تمنيات الجهات المعادية لحماس وأبرزها الكيان الصهيوني
وفيما يتعلق بمتن الكلمة التي ألقاها مشعل كضيف شرف للمؤتمر برغم أنها كانت مقتضبة وقصيرة إلا أنها أكدت على عدة نقاط مهمة منها الحث على استمرار الدور التركي التاريخي الداعم للقدس والأقصى وللشعب الفلسطيني المقاوم.
ولم يغب عن مشعل أن يثني على تركيا من خلال شعارها الجديد ضمن رؤيتها الاستراتيجية " تركيا القوية" حيث قال إن تركيا القوية هي قوة للقدس وفلسطين، "وإن تركيا الديمقراطية، والنهضة، والتقدم، والاستقرار، قوة للمسلمين جميعا".
إن أكثر عبارة لفتت انتباهي في كلمة مشعل هي العبارة التالية:
"في سنة 1980 عندما تعرضت القدس للخطر من قبل الصهاينة خرجت مدينة قونيا عن بكرة أبيها لتعبر عن غضبها " ولا أدري إن كان مشعل قصد العبارة بكل معانيها ولكن المرجح أنه قد اختارها بعناية حيث أججت عبارته صيحات ومشاعر الجماهير التركية الحاضرة للمؤتمر من خلال ربطه التاريخ بالجغرافيا بالانسان في عبارة واحدة.
من ناحية ثانية كان التاريخ الذي اختاره مشعل وهو سنة 1980 قبل الإعلان عن تأسيس حركة حماس أو انطلاقتها في 1987 وهو تأكيد أن الشعب التركي يدعم حقوق الشعب الفلسطيني ومن يتمسك بها في كل وقت وأن قلوب الأتراك متعلقة بالقدس والأقصى تعلقا مباشرا.وهذه رسالة ينبغي أن تدركها كل الأنظمة العربية أن القدس وفلسطين هي أسمى من أي خلاف أو تعارض في التوجهات والأفكار.
فبعد أن أعلنت اسرائيل القدس عاصمة لها في 1980 "قام حزب السلامة القومية، أحد أهم جذور حزب العدالة والتنمية التركي، قام بعمل حشود جماهيرية في مدينة قونيا، تحت شعار "حشود إنقاذ القدس"، فخرج قرابة نصف مليون مواطن يهتفون ضد إسرائيل، ويحملون مجسما ضخما لقبة الصخرة, وكان على رأسهم نجم الدين أربكان، ورددوا نداءات "لا إله إلا الله"، والتي تعتبر كلمة التوحيد على رايات الجهاد".
بالرغم من أن الأسبوع التالي لقيام أهل قونيا بالهبة من أجل القدس شهد انقلابا عسكريا زج بمنظمي الهبة في السجون إلا أن الشعلة المدافعة عن الحق لم تنطفئ. وهي رسالة أخرى تبعث الأمل والتفاؤل.
وها هي 35 عام تمر ويأتي مشعل إلى قونيا ومن فوق منصة حزبها الحاكم القوي ويلقي بالتحية على أهلها الذين قاموا بالهبة في 1980 وما زالوا يقومون بدورهم إلى الآن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس