ترك برس
تطرق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الأربعاء، للوضع الاقتصادي لبلاده في ظل تراجع سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية.
وقال أردوغان إن اقتصاد بلاده، الذي ترغب بعض القوى بتوجيه ضربة له من خلال التلاعب بسعر الصرف والفائدة والتضخم، سيصبح أكثر قوة ومتانة بعد انتخابات 24 يونيو/ حزيران الرئاسية والبرلمانية.
وأضاف في كلمة، خلال برنامج إفطار أقامته غرفة تجارة أنقرة في العاصمة التركية، أن تركيا تمتلك صورة أبهى من معظم البلدان المتقدمة.
وتابع: "لا يوجد أي مشكلة في إيرادات تركيا أو نفقاتها أو حتى ديونها وسدادها. مشيرا إلى أن بلاده أضحت نموذجا على مستوى العالم من خلال أدائها الاقتصادي الذي حققته خلال 16 عاما الماضية، وهي أسطورة على المستوى العالمي".
ويرى أستاذ التمويل والاقتصاد بجامعة إسطنبول أشرف دوابة في مقال له، أن الهبوط الذي تعرضت له الليرة في ظل الأحداث الجارية يكشف حنكة الرئيس أردوغان وقراءته المستقبلية الموفقة، فلو تركت الانتخابات إلى وقتها لكان ذلك وبالا على الدولة التركية، حيث كان من الممكن أن يتجاوز الانخفاض كثيرا ما هو عليه الآن، وهو ما كان سيزيد من المشكلة الاقتصادية لتتحول لأزمة قد تستنزف الاحتياطي النقدي وتزيد من رفع سعر الفائدة، وتسهم في تنفير الاستثمارات، وارتفاع تكلفة المعيشة. لذا كان قرار الرئيس أردوغان قرارا مدروسا وصائبا وفي محله.
وقال دوابة إن عجز الميزان التجاري التركي ليس مستحدثا ولا وليد هذه الأيام، بل إنه أقل مما كان عليه في السابق. فقد بلغ هذا العجز وفقا لبيانات معهد الإحصاء التركي 76 مليار دولار في العام 2017م، في حين وصل إلى 105 مليارات في العام 2011م، وكان الدولار وقتها يعادل 1.8 ليرة. وبالتالي يدل هذا على وجود بعد سياسي تحركه أياد قذرة لضرب العملة التركية للحيلولة دون انطلاق المارد التركي.
وتطرق دوابة إلى تأثير الأسباب الاقتصادية على سعر صرف الليرة التركية قائلا: "إننا لا ننكر دور الأسباب الاقتصادية في التأثير على الليرة، ولكن تأثيرها لا يمكن أن يصل بالليرة إلى ما وصلت إليه من هبوط حاد، وتدخل الدولة للحد من تقلباتها. فمما لا شك فيه أن الليرة تتأثر سلبا بارتفاع عجز الميزان التجاري لزيادة أسعار البترول، واعتماد تركيا على المواد الخام من الخارج، ولكن هذا العجز ليس مستجدا، بل كان من قبل أعلى مما هو عليه اليوم، وكذلك أسعار البترول كانت من قبل أعلى مما هي عليه اليوم، وكانت الليرة مستقرة وسعرها أكثر من وضعها الحالي كثيرا. بل إن هناك عوامل إيجابية في الوقت الحالي تحسن من وضع الليرة، ممثلة في وجود زيادة ملحوظة في الصادرات، وتحقيق أعلى معدل نمو بين بلدان مجموعة العشرين، وخروج تركيا من عملياتها في سوريا منتصرة".
وحول التقرير الأخير الذي نشرته وكالة رويترز حول الخلاف بين أردوغان والبنك المركزي، أوضح الكاتب أن تحميل الرئيس أردوغان المسؤولية بحجة خلافه مع البنك المركزي هي أسطوانة مشروخة للإساءة له؛ فالبنوك المركزية رغم استقلاليتها، إلا أن من مهامها التنسيق مع الحكومة في سياستها. واستقلاليتها ليست استقلالية بعيدة عن الواقع أو بلا حساب، بل هي جزء من نظام الدولة وهي مسؤولة عن قرارتها في إدارة السياسة النقدية أمام البرلمان، وما يرتبط بذلك من التحكم في عرض النقود ومستويات التضخم.
وأضاف، أن الرئيس أردوغان من حقه أن يبدي رأيه بصفته المسؤول الأول عن الدولة التركية، وهو لم يرغم محافظ البنك المركزي أو غيره على تطبيق رأيه، وإن كان رأيه بخفض سعر الفائدة يتفق مع المسلمات الاقتصادية في الظروف العادية بالتركيز على جانب العرض لتحفيز الاستثمار، وزيادة الصادرات، وإيجاد كتلة سلعية قادرة على مواجهة الزيادة في الكتلة النقدية، ما يعالج التضخم بصورة موضوعية بعيدا عن المسكنات المؤقتة من خلال التأثير في الطلب.
واختتم الكاتب مقالته بقوله: "إنني على يقين من أن فترة عدم اليقين التي يتم فيها التلاعب من أيد خارجية ستتحول قريبا إلى فترة يقين بعد الانتخابات التركية، وسوف تتعافى الليرة، وتنطلق تركيا في طريقها، وستبقى مصونة بصون الله لها وعمل قيادتها وأهلها ودعاء المحبين لها؛ العاشقين لتاريخها ومآذنها وأذانها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!