ترك برس
نشرت صحيفة "أوراسيا ديلي" الروسية، مقابلة مع الباحث الأذربيجاني في الشؤون التركية، قوقاز عمروف، حول سياسة تركيا في جنوب القوقاز، خاصة العلاقة مع أذربيجان، على خلفية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي انتهت لصالح رئيس البلاد رجب طيب أردوغان، وحزبه "العدالة والتنمية".
وردّا على سؤال "ما الذي ينبغي توقعه من أردوغان في فترة رئاسته الجديدة، لا سيما في العلاقات مع الغرب وروسيا؟"، قال عمروف إن لدى أردوغان استراتيجية معدّة للسياسة الداخلية والخارجية. المعلم البارز هو العام 2023 (قرن على تأسيس الجمهورية التركية)، وقد أشار إليه الزعيم التركي في كل خطب حملته الانتخابية.
وبحسب عمروف، فإنه في إعادة انتخاب أردوغان تأكيد على أن جميع المشاريع الاقتصادية الرئيسية، والاتفاقات السياسية مع دول المنطقة ستظل سارية وسيتم تنفيذها.
وأعرب عن اعتقاده في أن أردوغان على دراية كافية بالجغرافيا السياسية، وهو نفسه مهندس العلاقات الجديدة مع موسكو، ولا يمكن لأحد أن يعرف أفضل منه مصلحة تركيا.
وأضاف الباحث الأذربيجاني: "حتى الآن، لم نر أي فشل جدي في السياسة الخارجية للحكومة التركية".
وعن ما إذا كانت سياسة تركيا ستتغير في جنوب القوقاز، خاصة العلاقة مع بأذربيجان، قال عمروف إنه في الوقت الحالي، العلاقات بين أذربيجان وتركيا على أعلى مستوى ويمكن اعتبار جميع المشاريع الاقتصادية الرئيسية التي تم تنفيذها مبادرات مشتركة بين باكو وأنقرة.
وتابع: "العلاقات بين تركيا وأذربيجان على خلفية سياسة روسيا العدوانية في المنطقة، سوف تتعزز وتتطور أكثر. كلما دعمت روسيا أرمينيا، تعاونّا مع تركيا بشكل أوثق. كما أن التوقيع على اتفاقية حول تحالف عسكري بين باكو وأنقرة غير مستبعد".
وردّا على سؤال "هل سيقوي أردوغان دور تركيا في تسوية نزاع قره باغ؟ وكيف سترد روسيا على ذلك؟"، أشار عمروف إلى أن أردوغان ذكر مرارًا وجوب استعادة وحدة أراضي أذربيجان. ستواصل أنقرة دعم موقف أذربيجان.
وأضاف: "من الطبيعي أن روسيا سترد على تعزيز نفوذ تركيا في القوقاز بسلبية وتوتر. لكن لن يكون من الممكن وقف العملية. مصالح تركيا في القوقاز، بطبيعة الحال، سوف تتصادم مع مصالح روسيا.
إن أذربيجان مهتمة بتعزيز نفوذ تركيا في المنطقة، وتقوية الدولة التركية، وتفعل كل شيء من أجل ذلك. يمكن النظر إلى تركيا كعامل يحد من نمو نفوذ روسيا وإيران في القوقاز".
في سياق متصل، تُشير دراسة في مركز الجزيرة للدراسات إلى أن تركيا غيرت منذ مجيء حزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002 من نهج تعاملها مع منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، فعوضا عن التنافس والصراع على المصالح والنفوذ اتبعت أنقره فلسفة التعاون والشراكة وقدمت نفسها على أنها الدولة المصدرة للأمن والاستقرار.
وبحسب الدراسة، كان تفكك الاتحاد السوفييتي واستقلال ست دول إسلامية في آسيا الوسطى (منها خمس دول ذات أصول تركية) قد مثل فرصة كبيرة لتركيا، إذ فتح أمامها مجالاً جديدا وواسعًا من العلاقات مع هذه الدول.
وفي الوقت نفسه فإن هذه التطورات كسرت حاجز العزلة عن تركيا وجعلتها تستعيد مرة أخرى أهميتها الجيوسياسية والإستراتيجية.
وعقب الاستقلال وطوال الفترة من 1991 إلى 1995 سوقت تركيا نفسها على أنها الأخ الأكبر والدولة النموذج بالنسبة إلى تلك الدول ومنحتها هبات وقروضا.
ويحسب لهذه الفترة أن تركيا أقدمت على تحويل علاقاتها مع تلك الدول إلى الإطار المؤسساتي فدشنت العديد من المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية التي لا تزال تعمل حتى الآن.
من جهة أخرى، يقول فيليب روير، الباحث السابق في معهد السياسات الأمنية في جامعة كيل الألمانية، إن روسيا استفادت من الضعف العسكري النسبي للجمهوريات المستقلة، حين قيدت عملية صنع القرار في تلك الدول في كل ما يتعلق بروسيا، وتحطمت طموحات أذربيجان للهروب من قبضة الروس بالتحالف مع الغرب قبل 2010.
ويرى روير أنه بعد أن أصبحت أرمينيا معزولة دوليا في التسعينيات بسبب صراع ناغورني كاراباخ، اضطرت إلى قبول روسيا مهيمنة عليها، وأصبح لروسيا الحق في التدخل في شؤونها الأمنية..
أما أذربيجان فلم تقع في دائرة الخضوع لروسيا، واحتفظت بسيادتها على المسائل الأمنية. والسبب الرئيسي هو التزام تركيا المستمر بتقديم الدعم الخارجي لها، الأمر الذي مكنها من تنفيذ سياسة خارجية متوازنة.
وعلى الرغم من أن تركيا كانت شريكا استراتيجيا لباكو منذ التسعينيات، فإن التعاون بين البلدين قد شهد نموا ملحوظا منذ 2010، ما زاد من استياء روسيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!