ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس
كانت زيارته إلى كولونيا تتويجا لزيارة ناجحة لألمانيا والتي استغرقت ثلاثة أيام في توقيت ذكي ، وعلى الرغم من محاولات البعض أن يفسد زيارة الرئيس اردوغان إلى ألمانيا بفتح ملفات مفتعلة لإحراجه وإحراج مضيفيه، إلا أن أهمية الزيارة لألمانيا التي تعي الدور التركي الكبير في المنطقة وحساسية موقعها الجيوسياسي والعسكري والاقتصادي في هذه الفترة تحديدا فإن الاستقبال الأسطوري الذي لم تعتد ألمانيا إقامته لأحد عكس فهما دقيقا لأهمية المرحلة وما تلعبه تركيا بقيادتها الحالية فيه.
بحسب الرئيس أردوغان نفسه فإن الهدف من الزيارة هو إصلاح العلاقات مع برلين بعد عامين من التوتر، وهو ما صرح به في لقاءاته الصحفية من برلين حيث قال: (أعتقد أن اجتماعاتنا لمدة يومين عززت صداقة تركية ألمانية راسخة)، وأضاف أن تركيا وألمانيا (بحاجة إلى التركيز على المصالح المشتركة ، مع ترك بعض الخلافات الأخيرة في الرأي).
وعلى الرغم من ذلك فقد دعا الرئيس التركي ألمانيا لاتخاذ موقف متشدد ضد الانفصاليين الأكراد أثناء تناوله العشاء مع الرئيس الألماني شتاينماير، وهو ما انعكس على تصريحات المستشارة الألمانية انجلا مريكل بتأكيدها على أن حزب العمال الكردستاني (PKK) منظمة إرهابية.
وعلى الرغم من حالة التوتر التي شهدتها العلاقة بين البلدين، إلا أنهما حافظا على شعرة معاوية لاسيما فيما يتعلق بالقضايا الاقتصادية على وجه الخصوص، فالبلدين لديهما أهداف مشتركة يعيانها ويعملان عليها.
فمع بداية أزمة الليرة التركية كانت هناك رسائل طمأنة من ألمانيا إلى تركيا فبرلين تريد ضمان استمرار الصادرات القوية إلى تركيا، للحفاظ على ما يسمى بضمانات التصدير التي أطلقتها الحكومة الألمانية لدعم المصدرين الألمان ومن ثم دعم اقتصادها ضد المخاطر الاقتصادية التي قد تتعرض لها بلد شريك.
فالحكومة الألمانية تعرف جيدا ما يمثله خفوت شمس الاقتصاد التركي على اقتصادها وعلى أوروبا بالكامل، فالرضوخ لنزوات الساكن في البيت الأبيض قد يكلف أوروبا الكثير لا سيما بعد تصريحاته المطالبة بالمال مقابل الدفاع.
لعدة سنوات وحتى الآن، كانت تركيا تعتمد على الأموال الأجنبية للحفاظ على اقتصادها وفي القلب منها الأموال الألمانية، ومع معاناة البنوك والشركات الكبيرة في تركيا من الأزمة الأخيرة، فكان لزاما أن يكون هناك تحرك من الجانبين لوقف النزيف القاتل لو لم يتم اسعافه، ومن هنا تأتي زيارة الرئيس اردوغان في توقيت فائق الأهمية والتي استبقها أردوغان وإدارته بعدة قرارات وإجراءات خففت من وطأة الضربة، وطمأنة إلى حد كبير المستثمر للبقاء في السوق التركي، وهو ما بنى عليه الرئيس أردوغان في لقائه مع كبار رجال الأعمال ورؤساء البنوك لجذب المزيد من الاستثمارات الألمانية إلى تركيا، وهو ما لقى قبولا كبيرا من تلك الفئة الواعية العارفة أين تضع قدميها.
لقد فهم كل من تركيا وألمانيا أن الحوار هو أهم شيء، لاسيما وأن سياسة رعاة البقر التي يحاول التاجر الأمريكي الساكن في البيت الأبيض فرضها على العالم تستوجب مزيدا من التقارب والتنسيق من أجل رفاه شعوبهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس