ماركار اسايان - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
أعلنت النيابة السعودية أن الصحفي جمال خاشقجي قُتل في القنصلية، وقُطعت جثته ثم أُخرجت من هناك. وفي الوقت نفسه طالبت بالإعدام لخمسة من فريق الاغتيال.
هذه الجملة القصيرة بحد ذاتها تكشف أن الحادثة تجاوزت كونها جريمة وحشية، وأننا في مواجهة منعطف خطير على الصعيد العالمي.
وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو قال إن بيان النيابة السعودية غير كافٍ. كما سأل نظيره السعودي في اتصال هاتفي عن سبب إخلاء سبيل سبعة من أصل 18 موقوفًا، وعن مكان أجزاء جثة خاشقجي.
وأعلن جاوش أوغلو عن معلومة هامة جدًّا. كان الجانب السعودي يدعي أن خاشقجي قُتل لأنه رفض العودة إلى السعودية، في حين أن التحقيقات بيّنت أن الجريمة مدبرة ومخطط لها مسبقًا.
يبدو أن هذا الادعاء يرمي إلى التستر على من أصدر التعليمات. بمعنى أن الجريمة لم يكن مخطط لها ووقعت عرضيًّا نتيجة رفض غير متوقع من جانب خاشقجي. ولهذا لا يمكن أن يكون الأمر صادرًا عن سلطة أعلى.
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال إن الجريمة وقعت بـ "الخطأ". واستخدم أسلوب نظيره الفرنسي بإطلاق الاتهامات بأن الجريمة "تم تسييسها".
لم تقبل الرياض إحالة القضية إلى المحاكم الدولية والربط بين الجريمة وولي العهد، لأن "السعودية تعمل من أجل وحدة العالم الإسلامي ولن تتراجع أبدًا عن مكافحة التطرف".
ما علاقة هذا البيان "السياسي" مع جريمة خاشقجي؟ أليس هذا الموقف "تسييسًا" بامتياز؟ وهل كشف ملابسات جريمة وحشية سيؤدي إلى تقسيم العالم الإسلامي وإعاقة مكافحة التطرف؟
ذهب الوزير السعودي أبعد من ذلك، فادعى أن تركيا وقطر تشنان حملة ممنهجة من أجل تشويه سمعة بلاده.
يمكننا من خلال ما سبق أن ندرك مدى الثقة بالنفس التي تم من خلالها التخطيط للجريمة وارتكابها. لكن يبدو أن موقف تركيا الحازم لم يكن في الحسبان.. وقلبت التسجيلات الصوتية المخططات رأسًا على عقب.
كانت الرياض تنتظر من أنقرة غض الطرف عن التكتم على القضية من خلال تقبل أن فريق الاغتيال قتل خاشقجي عرضًا، وقطعت جثته بقرار ارتجالي. ولما لم يحدث ذلك بدأت تتهمها وتعتبر إصرارها على إحقاق العدل "حملة ممنهجة".
إصرار تركيا على إحالة القضية إلى محكمة دولية هو الطريق الأسلم من أجل العدالة. أما المواقف المتخذة من جانب الرياض فأثارت الشكوك حول محاولات لتضييق نطاق الجريمة والتستر عليها.
تجاوزت القضية الآن مسألة قتل صحفي. كشف جميع ملابسات جريمة خاشقجي هو أهم ضمانة ستحول دون قتل صحفيين/ عاملي منظمات مدنية، على هذا النحو.
إذا شارك العالم الغربي في الجهود الرامية إلى التكتم على هذه الجريمة فيتوجب عليه ألا يتحدث مرة أخرى عن مفاهيم من قبيل حقوق الإنسان وحرية
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس