صالح تونا – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس
في حال كتابة سيناريو مشابه في الأعمال الدرامية لن يكون منطقيًّا على الإطلاق، وسيعترض الجمهور عليه. لكن هناك سيناريوهات ساذجة تُكتب في الحياة الواقعية، وبالنار والدم..
ما قصة هذه الهجمات على القوات الأمريكية، التي تشكل استهانة بعقول الجميع؟
لم تتعرض الولايات المتحدة لأقل هجوم في سوريا طيلة هذا الوقت، فلماذا تُستهدف بهجومين بعد قرار الانسحاب؟
هل من الممكن كتابة سيناريو بهذه السذاجة وبهذا الشكل المفضوح؟
***
الأربعاء الماضي قُتل أربعة أمريكيين في هجوم منبج، الذي تبناه تنظيم داعش على عجل، إلى درجة أنه كاد يتبناه قبل تنفيذه.
وأمس الأول استهدف هجوم بسيارة مفخخة موكبًا عسكريًّا أمريكيًّا في الحسكة، أسفر عن مقتل 5 إرهابيين من الذين تسميهم الولايات المتحدة جيشها البري، وجُرح أمريكي.
الاحتمال قوي بأن هذه الهجمات موجهة لتغيير القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا. لأن هناك قوى تريد بقاء الولايات المتحدة في الميدان.
الناحية الأكثر هزلية في السيناريو هي تقديم واشنطن آلاف الشاحات المحملة بالسلاح لتنظيم إرهابي تحدث بلغة التهديد عما سيحدث في حال انسحاب الولايات المتحدة.
عذرًا، خطر على بالي أمر مضحك أكثر، وهو انتفاض ترامب لحماية الأكراد. تذكرون أنه نشر تغريدة هدد فيها بتدمير اقتصاد تركيا إذا مست الأكراد.
هل هناك ما هو أكثر هزلية من سعي العقلية التي تبني جدارًا على حدود المكسيك لمنع عبور المهاجرين، للعب دور من يحمي الأكراد من وطنهم الأم تركيا؟
***
السؤال المطروح حاليًّا هو: هل إنشاء المنطقة الآمنة، التي بحثت أنقرة تفاصيلها مع السيناتور ليندسي غراهام، في شمال سوريا مكسب أم تنازل؟
هناك من يقولون إنه تنازل.
ويتحدثون عن تقسيم العراق، الذي غزته الولايات المتحدة بذريعة "نشر الديمقراطية"، مشيرين إلى إقليم شمال العراق كمثال، حيث فُرضت "منطقة حظر للطيران"، كانت بمثابة منطقة آمنة.
لا شك أن مخاوف هؤلاء تستحق المناقشة، لكن يفوتهم أمر وهو أنه لم يكن هناك وجود لتركيا في أي منطقة بالعراق آنذاك، في حين أن المنطقة الآمنة ستكون تحت إشراف تركي حتمًا. هذا ما اشترطه أردوغان.
علينا أن نذكر دائمًا بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن فروع بي كي كي في سوريا، وأنها لم تقدم لهم الأسلحة عبثًا، وعلينا ألا نتخلى عن هدفنا في وحدة التراب السوري، وأن نحذر من المحاولات الرامية لإجهاض مسار أستانة. لكن علينا أيضًا ألا نتجاهل "مكاسبنا".
ينبغي علينا ألا ننسى بأن الهجومين في منبج والحسكة هما تعبير عن انزعاج البعض إزاء ما حققناه من "مكاسب". عندما نرفع مستوى هدفنا يتوجب علينا ألا نضيع ما بأيدينا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس