ترك برس
تقدم تركيا نموذجا للاستقرار والتطور، إلى جانب العراقة؛ ما جعلها تحتضن جنسيات من مختلف دول العالم، عبر تسهيلات عديدة لمن يرغب بالاستقرار فيها، والحصول على جنسيتها.
وساهم التقدم، الذي تشهده البلاد، بمختلف المجالات، في جذب الباحثين عن الأمان، وخاصة من المنطقة العربية والشرق الأوسط.
وتعاطت السلطات التركية مع تلك التطلعات بمنح الجنسية لمن يستحقها ويحقق فيها معايير معينة.
وتطبق القوانين المفروضة على طرق الحصول على الجنسية التركية على جميع الأجانب، وهي محددة بعدة حالات، ومؤخرا أضيفت لها الامتيازات المتعلقة بالاستثمار الاقتصادي، وخاصة في مجال العقارات.
** الطرق القانونية
"الأناضول" أجرت مسحا حول طرق الحصول على الجنسية التركية، ويمكن تلخيصها في 4 طرق.
أولا، الإقامة بغرض العمل بشكل متواصل لمدة 5 سنوات، وثانيا عبر الزواج من مواطن أو مواطنة تركية.
أما الطريقة الثالثة، فهي الاستثنائية التي يتم منحها في الحالات الخاصة جدا، والطريقة الرابعة هي الاستثمار الاقتصادي، بمبلغ لا يقل عن 250 ألف دولار، لمدة 3 سنوات على الأقل.
طريقة الاستثمار الاقتصادي يتفرع منها الاستثمار المباشر، وتشغيل الأتراك، فضلا عن الودائع المصرفية، والتملك العقاري، وكان آخر التعديلات شراء العقار غير المكتمل قيد الإنشاء، عبر عقد يتم رهنه لمدة 3 سنوات على الأقل.
وعبر هذه الطرق القانونية، تضع الحكومة التركية شرطًا أساسيًا، وهو عدم ارتباط المتقدمين للحصول على الجنسية، بأي تنظيمات مصنفة إرهابية في تركيا، تخل بأمن وسيادة واستقلال ووحدة البلاد.
** إقبال كبير من المستثمرين
وساهمت التعديلات الأخيرة، التي أقرت قبل نحو شهرين، في تسريع وتيرة إقبال المستثمرين الأجانب، وخاصة العرب، على التملك في تركيا، بغرض الجنسية، وبالفعل بدأ مستثمرون بالحصول على الجنسية بعد اتمام المعاملات.
وحسب معلومات، حصلت عليها الأناضول، فإن مستثمرين من جنسيات عدة، منها الأردنية واليمنية والليبية والعراقية، حصلت مؤخرا على الجنسية، بعد شراء عقارات بقيمة 250 ألف دولار، ورهنها 3 سنوات، واتمام معاملاتهم بكافة مراحلها الأمنية وغيرها.
وأفادت هيئة الإحصاء الوطنية التركية، في تقرير لها قبل أيام، بأن نسبة شراء العقارات من قبل الأجانب في البلاد، العام 2018 ارتفعت بنسبة 78.4% مقارنة بالعام 2017، مع بيع 93 ألفا، و663 عقارا.
وتصدر العراقيون قائمة مشتري العقارات، وتلاهم إيران، فالسعودية، ثم روسيا، فالكويت، مما يظهر تنوع الجنسيات وتركزها على منطقة الشرق الأوسط وخاصة الدول العربية.
** تجنيس السوريين
وبهدف إنساني لضمان حقوقهم، منحت تركيا لعشرات آلاف السوريين المقيمين واللاجئين على أراضيها الجنسية، فيما لا يزال آلاف ينتظرون دورهم قريبا.
وتساهم عملية تجنيس السوريين في تركيا، بضمان تنظيم وجودهم، وحصولهم على الوثائق القانونية المطلوبة، وضمان حقوقهم في سوق العمل، فضلا عن حريتهم في التنقل والسفر؛ ما يضمن حقوقا إنسانية توازي المواطنين الأتراك.
وعن ذلك، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، قبل أكثر من شهر، إن "إجمالي من حصل على الجنسية التركية من السوريين يبلغ 79 ألفًا و820 شخصًا، من بين 3 ملايين و632 ألفًا و622 يحملون صفة الحماية الدولية".
وحسب رصد للأناضول، فإن غالبية السوريين الحاصلين على الجنسية التركية، يمتلكون شهادات علمية؛ حيث جرى منح الأطباء والمهندسين والمدرسين وحملة الشهادات الجامعية، الجنسية في المقام الأول.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدث أكثر من مرة عن ضرورة الاستفادة من الكفاءات السورية المتواجدة في تركيا بمنحهم الجنسية، فضلا عن تنظيم عمل السوريين، وتحقيق أفضل الشروط المناسبة لهم.
** متطلبات قانونية
يقول الكاتب والباحث اللبناني علي باكير عن التجنيس: "الأمر يخضع لمتطلبات قانونية، فإذا كان المتقدم يستوفي الشروط القانونية، فان حظوظه بالحصول على الجنسية تكون عالية".
وأضاف باكير، للأناضول: "تركيا الآن واحدة من الدول القليلة جدا المستقرة بالمنطقة، وهناك من يرغب في جنسيتها، وغالبا ما يكونوا من رجال الأعمال والمستثمرين".
ورأى أن تركيا "ليست بالبلد السهل بالنسبة للعرب من ذوي الدخل المحدود أو المنخفض، والانتقال إليها ليس بسيطا بالنسبة لهم، ويتطلب مواجهة تحديات جمّة قبل التأقلم والاندماج".
وأشار إلى أن تركيا "شأن الدول الأخرى التي تضع شروطا لنيل الجنسية، بحاجة أيضا إلى استقطاب الخبرات والكفاءات غير الموجودة لديها".
كما أنها "بحاجة إلى الحفاظ على النمو السكاني لدعم النمو الاقتصادي على المستوى البعيد"، وفق باكير.
وختم بالقول، معلقًا على تجنيس السوريين: "موضوع التجنيس يجب أن يخضع فقط لمعايير قانونية، وإلى حد ما إنسانية أيضا، وحينها يصبح النقاش حوله مضبوطا".
** الحياة الاجتماعية والاقتصادية
أما الكاتب والباحث التركي جاهد طوز، فتحدث عن الاستراتيجية التركية في موضوع التجنيس بالقول: "العالم تعرض مؤخرًا لأزمات كثيرة وتطورات عديدة، وخاصة في الشرق الأوسط، وأدت إلى موجات هجرة ونزوح".
وأضاف، للأناضول: "تركيا تعتبر من أكثر البلدان استضافة للقادمين لها من مناطق الأزمات، فعملت على دمجهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية".
ونفى طوز أن تكون هذه السياسة "موجهة لأبناء بلد معين، بل تشمل جميع البلدان، كما أن تركيا تسعى لتصبح من أكبر 10 دول اقتصادية في العالم سنة 2023".
وأضاف أن "هذا يتطلب قوة اقتصادية كبيرة، ودخل كبير، ومنها يمكن منح الجنسية عبر الاستثمار، بهدف تقوية الاقتصاد".
وأوضح أن "العرب أكثر المستفيدين من التجنيس نتيجة غياب الاستقرار في بلادهم وهم بحاجة إلى وضع آمن لرؤوس أموالهم، فيمكن وضعها في تركيا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!