ترك برس
أثار تراجع قيمة الليرة التركية بشكل مفاجئ وسريع يوم الجمعة تساؤلات حول الأسباب التي تقف وراء ذلك في ظل التطورات الإقليمية والعالمية، والانتخابات المحلية المقررة في تركيا بعد أيام.
الليرة التركية هوت بما يزيد عن 5 في المئة أمام الدولار الأمريكي يوم 22 مارس/ آذار الجاري، مسجلة أكبر هبوط ليوم واحد منذ أن استحكمت أزمة للعملة في أغسطس/ آب الماضي.
وسجلت الليرة عند الإغلاق 5.7549 مقابل الدولار وهو أدنى مستوى إغلاق منذ أكتوبر/تشرين الأول ومنخفضة 5.3 بالمئة عن مستوى الإغلاق السابق البالغ 5.4650 ليرة.
وكالة رويترز ربطت الهبوط بتصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن تحرك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التي استولت عليها إسرائيل من سوريا في حرب 1967 دفعت المنطقة إلى حافة أزمة جديدة.
وجددت تعليقات أردوغان القلق من تدهور محتمل في العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي والمتوترة بالفعل بسبب شراء تركيا أنظمة إس-400 الروسية للدفاع الصاروخي.
من جهة أخرى، قالت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا، إنها فتحت تحقيقا بشأن شكاوى ضد بنك الاستثمار الأميركي "جيه.بي مورغان"، وغيره من البنوك، بعد تراجع الليرة بأكثر من 4% والانخفاض الحاد للمؤشر الرئيسي للبورصة التركية يوم الجمعة الماضي.
وأوضحت الهيئة أنها تلقت شكاوى بأن التقرير الذي نشره "جيه.بي مورغان" يوم الجمعة أضر بسمعة البنوك التركية وأحدث تقلبا في أسواق المال، مضيفة أنه سيتم اتخاذ "الإجراءات الإدارية والقضائية" اللازمة في هذا الشأن.
كما ذكرت هيئة أسواق المال التركية، أنها فتحت تحقيقا بعد تلقيها شكاوى بأن هذا التقرير "مضلل" وأنه شجع على مضاربات على الأسهم في بورصة إسطنبول. ورفض متحدث باسم البنك الأميركي في المنطقة التعليق.
في السياق، يرى أستاذ الإدارة في جامعة ماردين التركية عبد الناصر الجاسم أن "الاقتصاد التركي يواجه تحديات سياسية أكثر من كونها أزمة اقتصادية".
وفي تصريح لصحيفة العربي الجديد، أشار الجاسم إلى استهدافه العام الماضي، بعقوبات أميركية وتخفيض التصنيف الائتماني ومحاولات ضرب الليرة.
ويتوقع الخبير الاقتصادي التركي وعضو جمعية رجال الأعمال الأتراك يوسف كاتب أوغلو، تحسناً في سعر الليرة مقابل الدولار، وبنى هذه التوقعات على مؤشرات من أبرزها زيادة إيرادات البلاد من النقد الأجنبي، خاصة من قطاعات الصادرات والسياحة والاستثمارات الأجنبية.
وأكّد كاتب أوغلو على تراجع فاتورة استيراد الطاقة، التي تعد الأضخم في فاتورة الالتزامات الخارجية المستحقة على البلاد، حيث تستورد البلاد نحو 90% من احتياجاتها من الطاقة.
وأشار الخبير الاقتصادي التركي إلى وجود حرب اقتصادية شرسة يتعرض لها اقتصاد بلاده من وقت لآخر، مؤكدا أن من أدوات هذه الحرب استخدام شائعات حول أداء الاقتصاد الذي أكد أنه قائم على أساسيات كفيلة بالمواجهة.
"شأن تركيا اليوم هو شأن جميع دول العالم التي تعاني من الوضع الاقتصادي غير المستقر، العالم مضطرب من حولها بصورة كبيرة وذلك يؤثر في الليرة التركية إضافة إلى جمود الأفق الاقتصادي بينها وبين عدد من الدول الأوروبية والعربية بسبب طبيعة العلاقات السياسية الراهنة"، هذا ما يبرر به المهتم بالشأن الاقتصادي التركي نزار حرباوي تراجع الليرة مجددا.
ويرى حرباوي أن من بين أسباب تراجع الليرة هو افتقاد المنهجية الشاملة لدى قطاعات واسعة من دوائر الدولة ذات الصلة واتحادات رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص على صعيد التشبيك مع الأسواق الإستراتيجية، بالمقابل الاقتصار على الحد الأدنى من الطاقة التوسعية في أسواق يمكن الدخول إليها بقوة بما يحقق الانتعاش الاقتصادي الداخلي.
ويضيف حرباوي، خلال حديث له مع شبكة الجزيرة، لكن هذه المسؤولية تعود للعقول الإستراتيجية في المجال الاقتصادي، مطالبا بالتدخل لترسيم السياسات الضامنة للاقتصاد التركي وتجاوز الكثير من المهددات التي تعترض مساره.
ويرجح خبراء أن تسهم عائدات القطاع السياحي وزيادة فرص الاستثمار الأجنبي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي بشكل أكبر خصوصا إذا عملت حكومة العدالة والتنمية على خفض فاتورة استيراد الطاقة -تستورد أكثر من 90% من حاجتها- في ظل محاولاتها الأخيرة للبدء بعمليات التنقيب والبحث عن سبل الاكتفاء الذاتي من النفط والغاز.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!