موقع نيوز ري الروسي - ترجمة وتحرير ترك برس
تركيا وروسيا خصمان تقليديان في منطقة البلقان، لذلك قد تكون المفاوضات بينهما حول الوضع في البوسنة والهرسك أكثر صعوبة من الاتصالات الثنائية بشأن سوريا. ويعتقد الخبراء أن الكرملين يدعم المساعي الانفصالية في جمهورية كرايينا الصربية، على الرغم من أن النزاع بين الجهات المتنازعة لا يخدم مصالحه. في المقابل، تحافظ تركيا على اتصالات وثيقة مع المسلمين في المنطقة.
خلال المحادثة الهاتفية التي جمعت بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، ناقش الزعيمان حل الأزمة الحكومية في البوسنة والهرسك. ووفقًا للمكتب الصحفي للكرملين، أشار أردوغان إلى ضرورة زيادة مستوى التعاون مع المنظمات الدولية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
الحفاظ على التوتر
أبرِمت اتفاقية الإطار العام للسلام في البوسنة والهرسك المعروفة باسم "اتفاقية دايتون للسلام" بتاريخ 14 كانون الأول/ ديسمبر من سنة 1995 في باريس، بمبادرة من الولايات المتحدة وأوروبا. وقد وضعت هذه الاتفاقية حدا للمواجهة الدموية بين الصرب والكروات والبوسنيين في جمهورية البوسنة والهرسك. وبموجب هذه الاتفاقية، قُسّمت البلاد إلى جزئين، حيث كان للبوسنة والهرسك ذات الغالبية المسلمة والكروات 59 بالمئة من الأراضي، بينما منحت الجمهورية الصربية 49 بالمئة من الأراضي.
وتتمتع كل هذه الكيانات برئيس وحكومة وبرلمان. ويترأس البوسنة والهرسك هيئة رئاسية ثلاثية تضم ممثلين عن الشعوب الثلاث التي تشكل الدولة. والممثل الأعلى للمجتمع الدولي هو من يمثل السلطة العليا للدولة، ويحق له إصدار قوانين بمفرده وإقالة المسؤولين للحفاظ على ديمقراطية متعددة الأعراق.
مع ذلك، لا تزال التوترات الوطنية قائمة في البلاد حيث تغذيها مسألة تقييم نتائج الحرب الأهلية الماضية بشكل مختلف من طرف الصرب والكروات والمسلمين البوسنيين، الذين لم ينجحوا في تجاوز الفظائع العديدة التي ارتكبت في تلك الحقبة.
وفي سنة 2018، تم انتخاب الزعيم الصربي والرئيس السابق لجمهورية الصرب ميلوراد دوديك، المعروف بآرائه الانفصالية، رئيسا لمجلس رئاسة البوسنة والهرسك. وذكر دوديك في العديد من المناسبات أن هناك مبالغة كبيرة في تقييم حجم جرائم الحرب التي ارتكبها الصرب خلال فترة المواجهة. ولم يكتف دوديك بهذه التصريحات فقط بل أحيا ذكرى أول رئيس لجمهورية صربيا، رادوفان كاراديتش، الذي أدانته المحكمة الدولية ليوغوسلافيا السابقة بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية.
خلال لقائه مع بوتين بتاريخ 17 كانون الثاني/ يناير 2019، أشار دوديك إلى القضايا الرئيسية المثيرة للجدل في العلاقات بين اتحاد البوسنة والهرسك والجمهورية الصربية بما في ذلك انضمام البوسنة والهرسك إلى حلف الناتو، الأمر الذي يعارضه السكان الصرب في المنطقة.
نقاط الاختلاف
تحافظ روسيا على علاقات وثيقة مع الجمهورية الصربية. ومنذ سنة 2017، تنظم مدينة بنيا لوكا المسيرة السنوية المعروفة باسم "الفوج الخالد". في المقابل، يحمل المسلمون البوسنيون والكروات مشاعر سلبية تجاه روسيا بسبب الدعم الضمني الذي قدمته موسكو للصرب خلال النزاع المسلح.
في الواقع، تلعب الجالية المسلمة في البلقان إلى جانب وكالة التعاون والتنسيق التركية دورا مهما في توسع نفوذ تركيا في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، شاركت تركيا في عمليات الناتو العسكرية في أراضي يوغوسلافيا السابقة، وقدمت دعما محدودا للمسلمين البوسنيين، وكانت واحدة من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال جمهورية كوسوفو.
ووفقًا لما ذكره الخبير في العلاقات الدولية الروسي، فلاديمير فرولوف، تتعارض مصالح موسكو وأنقرة في البوسنة والهرسك تمامًا من الناحية الاستراتيجية. وأفاد فرولوف بأن "الكرملين يود إنهاء اتفاقات دايتون وانهيار البوسنة والهرسك بشكل فعلي، بينما تسعى أنقرة للحفاظ على الوضع الراهن. وقد أدى اختيار الزعيم الصربي والموالي لروسيا، ميلوراد دوديك، رئيسًا لمجلس رئاسة البوسنة والهرسك، إلى تفاقم الأزمة".
وحسب فرولوف، فإن نشوب صراع واسع النطاق في البلقان لا يخدم مصالح الكرملين، بل يكفيه الحفاظ على مستوى معين من التوتر للحيلولة دون دخول البوسنة والهرسك وصربيا إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. إلى جانب ذلك، يعتقد الخبير أن أمام تركيا المزيد من الفرص للتأثير على الوضع في البوسنة والهرسك من خلال المنظمات غير الحكومية والمسلمين في المنطقة.
ويرى فرولوف أنه يمكن للكرملين تقديم المساعدة الاقتصادية لدوديك من خلال وساطة صربيا، لكن في هذه الحالة قد يضغط الاتحاد الأوروبي على الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، مجبرا إياه على التخلي عن مثل هذه الممارسات.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!