ترك برس
في الوقت الذي تمر فيه العلاقة بين تركيا والولايات المتحدة بتوترات تتصاعد وتتخف من حين لآخرعلى خلفية العملية العسكرية التركية في سوريا، وصفقة شراء الصواريخ الروسية، فإن علاقات أنقرة مع بكين، خصم واشنطن الاقتصادي، تشهد طفرة وانتعاشًا كبيرًا.
ويقول المحلل التركي متين غورجان في مقال بموقع المونيتور، إن احتفالات البعثة الدبلوماسية الصينية في أنقرة وإسطنبول بالذكرى السبعين لتأسيس الصين، تشير إلى أن بكين تولي أهمية أكبر لعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع أنقرة في وقت يتدفق فيه رأس المال الصيني إلى تركيا بشكل كبير، وهو ما يلعب دورًا محوريًا في مبادرة الحزام والطريق الصينية.
ومن المتوقع أن تتضاعف الاستثمارات الصينية المباشرة في تركيا بحلول نهاية عام 2019 وتتجاوز 4 مليارات دولار.
وأكد تسوي وي، القنصل العام الصيني في إسطنبول، أنه ستكون هناك طفرة كبيرة في التجارة المتبادلة، وأن الشركات الصينية ستواصل استثماراتها في العديد من المجالات، بما في ذلك البنية التحتية والطاقة والتعدين والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعة والصحة.
تعززالمصارف الصينية وجودها في النظام المالي التركي. وتفيد وكالة بلومبرج أن البنك المركزي الصيني حوّل أموالاً بقيمة مليار دولار إلى تركيا في آب/ أغسطس الماضي، وهو ما يمثل أكبر مبلغ حصلت عليه تركيا من الصين بموجب اتفاقية تبادل اليوان مع بكين في عام 2012.
كما يزداد حضور المصارف التركية في الصين من خلال افتتاح أكبر المصارف التركية "أك بنك" و"إيش بنك" و"غارانتي" فروعًا لها في الصين. ووقع بنك الزراعة الحكومي التركي على اتفاقية ائتمان بقيمة 600 مليون دولار مع بنك التنمية الصيني في عام 2017 لتقديم ضمانات قروض للشركات الصينية.
وفي شهر آذار/ مارس وقع إكسيم بنك التركي على اتفاقية ائتمان بقيمة 350 مليون دولار مع بنك الصين الصناعي والتجاري (ICBC). وفي أيلول/ سبتمبر، أصدر بنك Eximbank الصيني قرضًا بقيمة 140 مليون دولار إلى بنك وقف الحكومي التركي لاستخدامه في التجارة الثنائية.
تتطلع الصين أيضًا إلى الاستثمار في منشآت مهمة في تركيا، مثل الموانئ ومحطات الطاقة والمحطات الطرفية. وفي عام 2015 دفع ائتلاف شركات صيني نحو مليار دولار لشراء حصة 65 ٪ في محطة الحاويات التركية "كومبورت" (Kumport)، في إسطنبول. وستكون المحطة بمثابة بوابة للأسواق التركية للسلع الصينية.
وبعد هذه الخطوة، تسارع تدفق قروض البنية التحتية الصينية في تركيا، إذ منحت وكالة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا رخص التشغيل لبنك الصين والبنك التجاري الدولي لأنشطتهما في تركيا. في تموز/ يوليو 2018، أصدر البنك التجاري الدولي حزمة تمويل بقيمة 3.6 مليار دولار لقطاعي الطاقة والنقل في تركيا. تم استخدام 1.2 مليار دولار من القرض لتوسيع طاقة منشأتين لتخزين الغاز الطبيعي تحت الأرض في تركيا.
الطاقة مجال آخر ينمو فيه التعاون. دفعت مؤسسة صينية 1.7 مليار دولار لتمويل بناء مصنع للفحم بالقرب من ولاية أضنة التركية على البحر المتوسط. ويمثل المصنع الذي يجري إنشاؤه حاليًا أكبر استثمار مباشر للصين في تركيا.
أما آخر مشروعات الصين في تركيا فكان بناء سلسلة مستشفيات في المدن الكبرى في تركيا والتي ستقدم علاجات الطب الصيني التقليدي إلى جانب الطب الحديث.
وفقًا للخبراء، هناك ثلاثة عوامل رئيسية تزيد من أهمية تركيا لمبادرة الحزام والطريق الصيني: قرب تركيا من أوروبا، وامتلاكها قوة عاملة مؤهلة، وموقع جغرافي استراتيجي يسهل الوصول إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقال الباحث السياسي، ألتاي أتلي، لموقع المونيتور، إن استثمارات الصين في البنية التحتية التركية مهمة للحزام والطريق، لأن الصين تحاول إنشاء شبكة لوجستية في شرق البحر المتوسط. كما تتابع عن كثب التطورات في الشرق الأوسط حيث تبحث عن فرص لإعادة الإعمار في سوريا بعد الحرب.
ويرى المحلل متين غورجان، أن الاستثمارات الصينية في تركيا لها أبعاد سياسية أيضًا. أولًا، تسعى بكين إلى إيجاد أرضية مشتركة مع أنقرة بشأن المسائل السياسية، خاصة فيما يتعلق بالأويغور. ثانيًا، تود الصين توسيع نفوذها في تركيا، التي تعتبرها بكين لاعباً إقليميا مهما في الشرق الأوسط.
من جانبها تعتبر تركيا الاستثمارات الصينية بمثابة نعمة على آفاقها الاقتصادية والسياسية في وقت تحاول فيه أنقرة تنويع تحالفاتها مع الدول غير الغربية. وترى تركيا أن الاستثمارات الصينية فرصة لدعم تنميتها الاقتصادية، وتعزيز بنيتها التحتية وتطوير تكنولوجيتها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!