ترك برس
اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن قرار الرئيس التركي إرسال قوات عسكرية تركية لدعم حكومة الوفاق الشرعية في طرابلس يقدم أدلة جديدة على تنامي الثقة بالنفس لدى تركيا بوصفها قوة إقليمية، كما تؤكد أن الرئيس التركي يتبنى سياسة خارجية مستقلة.
وقال تقرير للصحيفة إن نشر القوات التركية يهدف إلى تعزيز الحكومة الهشة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس بعد تسعة أشهر من الحصارالذي تفرضة قوات المتمردين المتمركزة في شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر.
وأشارت إلى أن حكومة الوفاق تنظر إلى أردوغان بوصفه حاميا أساسيا بعد أن أرسل هذا العام مستشارين عسكريين وأسلحة وأسطولًا من 20 طائرة للدفاع عن طرابلس أمام قوات خليفة حفتر التي تسيطر على جزء كبير من شرق ليبيا وتحظى بدعم روسيا والسعودية والإمارات ومصر.
وقال عماد بادي، الباحث الليبي في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا: "في الأيام الأخيرة، كانت الأمور سيئة للغاية بالنسبة للحكومة في الخطوط الأمامية. ربما تمكنوا من الصمود لأسبوع آخر ولكن الآن لا أتوقع أن تسمح تركيا بحدوث ذلك".
وأضاف بادي أن الكثير يعتمد على ما ستجلبه تركيا للقتال ومدى سرعة وصول هذه التعزيزات.
وأوضح أن تركيا يمكنها نشر سفينة حربية قبالة ساحل مصراتة، أو يمكن أن تنشر طائرات مقاتلة لمواجهة الطائرات الهجومية المسيرة التي يطلقها حفتر.
ورأى بادي أن التدخل التركي قد يوقف القتال في ليبيا، لكنه لن يحسم المعركة، موضحا أن من المحتمل أن تقوم تركيا بنشر الحد الأدنى من الموارد اللازمة لصد الهجوم على طرابلس، وليس أكثر.
بدورها لفتت الصحيفة إلى أن سياسة أردوغان الخارجية الحاسمة تزيد من دعمه في داخل تركيا.
وقال علي بيرام أوغلو، الذي كان على مقربة من الرئيس أردوغان في حزب العدالة والتنمية الحاكم في سنواته الأولى، إن موقف أردوغان الحازم ساعد في إثارة المشاعر القومية وحشد مؤيديه الأساسيين، مضيفا أن هذه الاستقلالية والتحدي هو شيء جديد ولذلك فإن الناخبين القوميين الأتراك يحبون أردوغان.
وقالت أسلي أيدينتباش، الزميلة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "ليس من الصعب إقناع الجمهور التركي بالحاجة إلى التدخل في ليبيا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الإرث العثماني".
ويقول محللون إن هناك مصالح تجارية تركية مهمة على المحك. واتفاق أردوغان مع ليبيا هو رغبة في وضع تركيا في موضع مهيئ ستكشاف النفط والغاز في شرق البحر المتوسط ، قبالة سواحل قبرص، في منافسة مع اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل.
وتوضح أيدينتباش أن أنقرة "لا تريد أن تبعد عن اللعبة الكبيرة التي تدور حول رواسب الهيدروكربون في شرق البحر المتوسط".
بدوره قال أوزغور أونوهيسار جيكلي، مدير صندوق مارشال الألماني في الولايات المتحدة، إن أردوغان يحاول حماية ذلك الاتفاق الذي وقعته تركيا مع حكومة الوفاق لتقسيم الحدود البحرية؛ لأنه إذا سقطت الحكومة الليبية، فإن الاتفاقية ستقع معها.
وفيما يتعلق بموقف أوروبا والولايات المتحدة وروسيا من التحركات التركية في ليبيا، تذكر الصحيفة أن اليونانيين يشعرون بالقلق علنا من المواجهة مع تركيا. ويستعد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس لتغيير عقود من السياسة الخارجية، حيث أعلن يوم الأحد أنه مستعد لنقل الخلافات مع تركيا إلى التحكيم الدولي.
أما الدبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي، فيعترفون أنه لا يمكنهم الضغط على تركيا، بالنظر إلى مدى اعتمادهم على أردوغان للسيطرة على تدفق موجات المهاجرين إلى أوروبا التي زعزعت استقرارها بسبب وصول أكثر من مليون طالب لجوء في عام 2015.
وحول موقف الولايات المتحدة تشير الصحيفة إلى أن تقارب أردوغان مع روسيا أثار غضب الولايات المتحدة وأوروبا. وكذلك الحال بالنسبة إلى سوريا، رغم الضوء الأخضر الواضح للرئيس ترامب الذي لم يفعل شيئا حتى الآن لمعاقبة تركيا على شراء النظام الصاروخي الروسي S400 ولمخالفته العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.
وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن أردوغان: "ظل مخلصا أيضا انتفاضات الربيع العربي منذ بدئه في عام 2011، مما وضعه على خلاف مع الدكتاتوريين القدامى في مصر وتونس وليبيا، وكذلك الولايات المتحدة. وحتى عندما توقفت دول غربية أخرى عن دعم الانتفاضات بسبب سيطرة الإسلاميين عليها واصل أردوغان دعمه، ما يؤكد رغبته في تبني سياسة خارجية مستقلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!