حلمي الأسمر - الدستور
بكل المقاييس، كان التحالف "السني" ضد الحوثيين في اليمن، خطوة استثنائية غير مسبوقة وغير متوقعة، وهي وإن كانت باغتت أكثر من طرف، وفق ما يبدو ولو على "السطح" إلا أنها أفرحت جهات، وأغضبت جهات، لكنها في البعد الاستراتيجي كانت ذات دلالة لافتة!
المقطع الأكثر أهمية في المشهد، التحالف السعودي التركي، الذي يبدو أنه بدا يتشكل على نار هادئة، وهذه خطوة -إن تمت بالكامل- ستقلب الموازين في المنطقة، وستكون وبالا على الكيان الصهيوني، وستفسد "فرحته" بما راكمه في الأشهر الأخيرة من "التقاء مصالحه" بينه وبين عدد من الدول «السنية» لمواجهة خطري داعش والفرس.
لم يطل ظهور الخوف الصهيوني، فقد بدا جليا في تقدير الموقف الذي نشره أخيرا أحد أهم مراكز الأبحاث العبرية، حيث حذر من التداعيات الكارثية لأي تقارب بين السعودية وتركيا، على خلفية مصلحة البلدين في الوقوف ضد التمدد الإيراني في المنطقة.
ووفق "مركز أبحاث الأمن القومي" الصهيوني، فإن التقارب التركي السعودي "لا يبشر إسرائيل بخير"، بل يؤثر سلبًا على ما يسميها "البيئة الإقليمية للكيان الصهيوني"..
التقرير يحذر من أن انضمام تركيا للمحور السني الذي تقوده السعودية، وهو ما يعني زيادة المجال للاحتكاك بين هذا المحور وإسرائيل، باعتبار أن انضمام تركيا للمحور السني سيهدد العلاقات التي تمكنت إسرائيل من مراكمتها مع عدد من الدول السنية خلال الفترة الماضية.
وفي هذا السياق يلقي التقرير الضوء على سير العلاقة السعودية التركية، التي تعززت في المجالات السياسية والاقتصادية على نحو لافت في الآونة الأخيرة، حيث وصلت قيمة التبادل التجاري بين السعودية وتركيا خلال العام 2014، إلى سبعة مليارات دولار، فيما يأمل الأتراك في أن تقفز قيمة التبادل التجاري بين الجانبين إلى 20 مليار دولار بحلول العام 2018، إلى ذلك، هناك المزيد من السعوديين الذين باتوا يرون في تركيا وجهتهم السياحية الأولى، وبلغ عدد السعوديين الذين يصلون إلى تركيا العام الماضي 300 ألف، إلى ذلك، يرى التقرير إن ثمة ما يدلل على أن الملك سلمان بصدد إعادة النظر في علاقات بلاده مع حركة حماس، وهناك مؤشرات تؤكد أن تغييرا سيطرأ على علاقات الرياض مع الحركة، بفعل حاجة السعوديين لتعزيز المحور السني في مواجهة إيران.
طبعا يأمل معدو هذا التقرير، ان يفشل هذا التوجه السعودي، في دمج الأتراك داخل المحور السني، بسبب العلاقات السيئة جدا بين تركيا ونظام السيسي، ما يقلص من فرص بناء المحور السني، على اعتبار أن أي محور يجب أن يشمل مصر وتركيا والسعودية، وهذا امر بالغ الأهمية، خاصة في ظل تشدد الموقف التركي من مصر، وإصراره على اعتبار ما جرى انقلاب، وعدم الاعتراف بشرعية السيسي، ويبدو أن مثل هذه الخطوة من الممكن تجاوزها، خاصة إذا وسعت السعودية دائرة تحالفاتها فشملت روسيا، مع ما يفرضه هذا الأمر من تغيير في سياساتها تجاه سوريا، ونظام بشار.
في السياسة كل شيء جائز، ولا مستحيلات، خاصة بعد ان شعرت دول المنطقة بدون استثناء، أن الإدارة الأمريكية استدارت استدارة كاملة باتجاه طهران، مديرة ظهرها لكل ما اعتاد عليه حلفاؤها في الماضي!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس