محمود عثمان - خاص ترك برس
شهدت تركيا خلال اليومين الماضيين هجمات إرهابية متتالية استهدفت الشرطة والقضاء. حيث قتل المدعي العام المكلف بالنظر في قضايا حساسة، كما تم الهجوم على مبنى مديرية الأمن العام في إسطنبول، رافقها انقطاع مريب للتيار الكهربائي عن عموم أنحاء تركيا تقريبا.
لم يتفاجئ المراقبون للشأن التركي كثيرا تجاه هذه الأحداث، لأن تركيا دخلت أجواء انتخابات يصفها الكثيرون بأنها ستشكل منعطفا في التاريخ السياسي الحديث للجمهورية التركية.
وفي الحالة الحساسة هذه تتحرك قوى في الداخل والخارج لزعزعة الاستقرار والنيل من هيبة الدولة، وإعطاء صورة سلبية في ذهن المواطن بأن حكومة أحمد داود أوغلو عاجزة عن الإمساك بزمام الأمور، وأن هناك خللاً في إدارة الدولة سببه تنازع السلطة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، الوتر الذي تعزف عليه المعارضة بصوره شبه يومية.
لكن توقيت هذه الأعمال الإرهابية يذهب بنا إلى الأسبوع المنصرم حيث صادق البرلمان التركي على قانون الحماية والأمن الداخلي، الذي منح قوى الأمن صلاحيات تمكنها من التصدي لحالات الارهاب والعصيان. من جهتها أقامت المعارضة الدنيا من أجله ولم تقعدها، وبذلت كل جهودها لعرقلة صدوره، لأنه يسلبها ورقة اللعب بتحريك الشارع.
وتشير بعض المصادر إلى حلف بين قوى داخلية وخارجية كانت تهدف إلى تحريك الشارع، وافتعال أحداث من شأنها خلق جو من الهلع والرعب عند المواطن التركي قبيل الانتخابات البرلمانية المزمع عقدها في السابع من شهر حزيران/ يونيو القادم، بغية تفويت الفرصة على حزب العدالة والتنمية من الحصول على أغلبية برلمانية تمكنه من تغيير شكل الحكم من نظام برلماني إلى رئاسي أو نصف رئاسي. الأمر الذي يطالب به الرئيس رجب طيب أردوغان، للخروج من حالة الإرباك التي أحدثتها عملية انتخابه رئيسا للجمهورية من قبل الشعب مباشرة، في وقت لا يسمح فيه دستور البلاد الحالي للرئيس ممارسة أي دور سياسي تنفيذي.
إن نبذة عن حزب جبهة التحرر الشعبي الثوري (DHKP-C) .. الذي نفذ العمليات الارهابية كفيلة بأن تسلط الضوء على تحالف القوى الداخلية والخارجية التي فشلت في أحداث غيزي بارك، وهي تريد تكرار المحاولة من جديد، بينما تحاول الحكومة اتخاذ الإجراءات الاحتياطية الوقائية.
من هو حزب جبهة التحرر الشعبي الثوري (DHKP-C) ..؟..
تشكلت جبهة حزب التحرير الشعبي الثوري من قبل دورسون كاراتاسعام 1978، واتخذ شكل مجموعة مسلحة تتبنى الأيدلوجية الماركسية اللينينية الثورية وتسترشد بفكر ماركس وإنجلز ولينين وستالين وماوتسي تونغ وجيفارا وقادة الفعل الشيوعي المسلح. ترفع الشعارات المناهضة للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الموقف.
وتعتبر الحكومة والدولة التركية تحت سيطرة الإمبريالية الغربية، وتسعى لتدمير هذه السيطرة بوسائل عسكرية من أجل التحرر الوطني والاستقلال وبناء الاشتراكية. تمول الجبهة أنشطتها بصورة رئيسية من خلال التبرعات! ونشاط جمعيات تحت مسميات مختلفة في تركيا وأوروبا.
ويعتبر علي كيالي باسمه الحركي معراج أورال ثاني شخصية قيادية في الحزب، وقد تحول أورال إلى سورية بعد انطلاق الثورة السورية للقتال إلى جانب نظام الأسد، وليقود قطعان الشبيحة التي نفذت مجزرة البيضا والحولة والرستن وغيرها من المجازر المروعة.
وقد حاول معراج أورال ربط التنظيم بالمخابرات السورية الداعم الأساسي له، الأمر الذي أدى الى انشقاق داخل التنظيم الذي تشكل طائفة واحدة بعينها ما يزيد عن 70% من عناصره.
ورغم شعارات التنظيم الماركسية اليسارية إلا أنه لم يتوانى عن تنفيذ عمليات حسب الطلب قبض ثمنها من جهات وأجهزة يصنفها هو في خانة الإمبريالية، مثل اغتيال رجل الأعمال الشهير أوزدمير صبانجي من قبل فتاة تنتمي للتنظيم كانت تعمل نادلة في مكتبه، ولم تستطع تركيا رغم كل الجهود التي بذلتها، والتي كان من بينها إلغاء عقوبة الإعدام التي كان الأوروبيون يتذرعون بها لجهة عدم تسليم الهاربين من العدالة في تركيا.
نعم لم تتمكن تركيا العضو في حلف الناتو من استعادة فخرية أردال التي قتلت أوزدمير صبنجي حتى اليوم! رغم نجاح الاستخبارات التركية في تحديد مكانها أكثر من مرة .. وفي إحدى المرات أبلغت السلطات التركية السلطات البلجيكية مباشرة وعبر شكاوى عن مكان وجودها تحديدا وبالضبط وطلبت منها اعتقالها وتسليمها لتركيا، لكن البلجيك، قاموا بتهريبها الى مكان آخر، واضطر وزير الداخلية البلجيكي ورئيس المخابرات البلجيكية للاستقالة من منصبيهما، ومع ذلك لم تسلم تلك القاتلة الى تركيا !!..
وبسبب احترافية هذا التنظيم ينصب اهتمام المعنيين بالجهات التي تحيل له أوامر الجرائم أكثر من اهتمامهم بالتنظيم نفسه لأنه مجرد منفذ لا أكثر..
وبالرغم من أن الجميع يردد مقولة: "إذا أردت أن تكشف الجريمة ابحث عن المستفيد". إلا أننا في زمان الهرج يومنا هذا بتنا نرى القاتل الحقيقي يقاسمك طاولة المفاوضات ويطالبك باستحقاق ما اقترفت يداه..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس