ياسر عبد العزيز - خاص ترك برس
في تصريح مدير الاتصالات السابق في البيت الأبيض، جين بساكي عن العلاقة القوية التي كانت تجمع الرئيس باراك أوباما ونائبه، المرشح الحالي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، عن الحزب الديمقراطي جو بايدن، قال بساكي إن العلاقة بين أوباما وبايدن كانت أكثر من ممتازة، لكن مع ذلك لم يستطع أحد أن يخفي حالة السخرية التي كانت تنتاب موظفي البيت الأبيض، لاسيما الشباب من زلات بايدن وافتقارهم إلى الانضباط تجاه تصرفاته كما كان أوباما، فكانوا يضحكون من كيفية بدء بايدن الاجتماعات، مشبهينه بالعم المسن الذي يلقي خطب طويلة مملة سمعها الجميع في عيد الشكر من قبل.
على الرغم من أن بايدن استطاع أن ينهي ترشحه بشكل أسرع مما فعل أوباما في عام 2008. وهو ما يشكل مصدر فخر لحملة بايدن، محاولين الاستفادة من ذلك بالترويج للرجل على أنه أكثر قبولا وحنكة ويستطيع تسويق نفسه حتى أكثر من الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، ما يعني أن حظوظه في النجاح قد توازي هذا القبول أو أكثر، ويؤكد ذلك تلك المؤشرات واستطلاعات الرأي التي تظهر تقدم بايدن على منافسه الرئيس الحالي دونالد ترامب، مع ذلك فإن مساعدي أوباما والذين حضروا العشرات من الاجتماعات مع الرئيس ونائبه "بايدن" يرون في الرجل الأكثر قبولا بحسب حملته الانتخابية صاروخا غير موجه لا يعرف أحد أين سيستقر.
رفع المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن شعار "استعادة روح أمريكا" وهو ما يذكرنا بالشعار الشعبوي الذي استخدمه الرئيس ترامب في حملته الانتخابية عام 2016، ما يؤشر أن بايدن التقط طرف الخيط من ترامب وشمر عن ساعديه لينطلق نحو الشعبوية، ولعل اختياره لليسارية التقدمية كامالا هاريس نائبة له يزيد المشهد شعبوية وانحيازا نحو التطرف الصهيوني التي تميل له هاريس بل وتدعمه، وتصريح بايدن بالوقوف إلى جانب الهند أمام التهديدات التي تواجهها على طول حدودها"، هو بذلك إما يعني الصين في تصريحه، بعد المناوشات الأخيرة مع الهند، أو بالأحرى باكستان المسلمة التي تعيش حالة توتر مستمر في ظل اللا حرب واللا سلم التي تعيشهما الجارتين النوويتين.
أما الشعبوية في أوج تجلياتها فقد كانت في تصريحات سابقة أعيد نشرها هذه الأيام لبايدن وهو يتككلم بطريقة سلبية عن الرئيس التركي أردوغان واصفا إياه بالمستبد، حتى هذه اللحظة من الفيديو المنشور الرجل يعبر عن وجهة نظره في أحد الحكام، وهو ما تكفله حرية الرأي في بلاده، لكن الرجل تعدى حرية الرأي إلى التخطيط لجريمة يعاقب عليها القانون الدولي، ويبدو أن الصاروخ غير الموجه كما وصفه زملاء حملة الرئيس أوباما قد أطلق عيارا ثقيلا في سكرة شعبوية معجونة بصياح الحاضرين، فلطالما أسكرت الجماهير القادة وزلتهم فأذلتهم، فأنطلق الرجل منتشيا بجماهير الحضور ليقول أنه سيدعم ويشجع المعارضة التركية في حال أصبح رئيسا، من أجل إسقاط أردوغان.
الطريقة التي تحدث بها جو بايدن أكدت شعبويته، فالرجل متقمص شخصية إمبراطورية في عصور ما قبل التاريخ، ولا يدرك الزمن الذي يعيشه في عالم يطلق ضرباته الصغيرة في كل أجزاء بدن الولايات المتحدة الذي تلملمه من العالم وتقلص تمثيلها العسكري ليس فقط للظروف الاقتصادية التي تعيشها ولكن لرفض العالم لوجودها على أراضيها، فالعالم كره الغطرسة الأمريكية، حتى حلفاؤها المقربون كألمانيا وفرنسا سئموا هذه الغطرسة وهذا الأسلوب الصلد في التعامل، وفي حالة تركيا التي تسعى بخطا حثيثة نحو مكانة عالمية بين الكبار، فإن الأمر مرفوض.
لن ينسى الشعب التركي موقف الإدارة الأمريكية من محاولة الانقلاب الفاشل في الخامس عشر من تموز 2016 حيث كان بايدن نائبا للرئيس الأمريكي المخزي بالصمت تارة وبالفعل المستتر بتزويد طائرات الانقلابيين في الجو دونما الحاجة للهبوط تارة أخرى، كما أن إدارة أوباما التي آوت فتح الله جولن على أراضيها وهو الفاعل الرئيسي في محاولة الانقلاب الفاشلة يجعلها متورطة بالتواطؤ أو تمرير الجريمة، فالانقلاب لا يبدأ إلا بموافقة دولية أو إقليمية، ويكفي جولن موافقة الإدارة الديمقراطية في أمريكا لكي يبدأ في جريمته.
ولأن بايدن صاروخ غير موجه فقد أعطى بتصريحاته هذه فرصة لغريمه ترامب، فتصريحاته ضد باكستان أو المسلمين ثم تصريحاته ضد الرئيس أردوغان وتركيا ونيته دعم المعارضة فيها أعطى ترامب فرصة لمكاسب قد تظهر في المستقبل القريب، كما أعطى فرصة للرئيس أردوغان لمحاسبة من يتعاون مع جهات خارجية لإسقاط الإدارة المنتخبة ديمقراطيا وينقلب على إرادة الشعب.
في 2006 أجرى البروفيسور دين سيمنتون، يحثا تاريخيا لمعرفة معدل ذكاء رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية فكان جورج بوش الابن من الرؤساء الأقل ذكاء، إذ جاء معدل ذكاء بوش 124، وهو معدل قليل لفرد عادي ما بالكم وهو رئيس أكبر دولة في العالم، وعلى الرغم من ذلك فإن بوش حكم الولايات المتحدة الأمريكية مدتين من 2001 إلى 2009، فهل يفاجئنا الناخب الأمريكي ويضع بايدن في قائمة ساكني البيت الأبيض؟!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس