ترك برس
تواصل تركيا بذل مختلف الجهود لإثبات أحقية أطروحاتها المتعلقة بشرقي البحر المتوسط وليبيا، ومنها تكثيف العمل الدبلوماسي مع جميع البلدان ذات الصلة، مهما كان حجمها الجغرافي وتأثيرها السياسي.
أبرز الأمثلة على ذلك، فاليتا عاصمة مالطا التي تنامت العلاقات بينها وبين تركيا بشكل ملحوظ مؤخراً، حتى أن التواصل الهاتفي بين وزيري خارجية البلدين ازداد خاصة منذ مايو/أيار 2020 إلى الآن بمعدل أكثر من مرتين شهرياً على الأقل.
فاليتا التي تعد أصغر عاصمة في الاتحاد الأوروبي، أبدت حكومتها مواقف مختلفة نسبياً عن بقية دول الاتحاد، وقد كان التفاعل الدبلوماسي والتوافق بين تركيا ومالطا مؤخراً لافتاً بشكل كبير تحديداً في الشأن الليبي، بحسب تقرير للكاتب محمود الرنتيسي نشرته قناة "TRT عربي".
العلاقات بين مالطا وتركيا والتي تعود بداياتها الرسمياً إلى عام 1967، تعززت مؤخراً بفضل عوامل عدة، أبرزها الهجرة واستقبال اللاجئين، إذ كانت تركيا بحلول 2017، تستقبل لاجئين من مناطق الصراع في سوريا وأفغانستان وغيرها. في حين كانت مالطا محطة للاجئين القادمين من إفريقيا وتحديداً عبر ليبيا التي تشهد منذ 2011 حالة من عدم الاستقرار.
تنامت علاقات البلدين عبر زيارات متبادلة لمسؤوليها، حيث قام رئيس الوزراء التركي السابق، بن علي يلدريم، بزيارة مالطا، عام 2017، وقد كانت هذه أول زيارة لرئيس وزراء تركي إلى مالطا.
وفي بداية عام 2019 قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوجيه دعوة رسمية لرئيسة مالطا ماري لويز كوليرو بريكا لزيارة تركيا، وكانت هذه الزيارة مهمة أيضاً من حيث المستوى لأنها كانت أول زيارة على مستوى رئاسة الجمهورية المالطية، إضافة إلى أنها كانت على هامش مجلس الأعمال التركي المالطي.
وخلال زيارتها هذه، ثمنت رئيسة مالطا، جهود تركيا لإقامة الحوار في المنطقة، قائلة إن أنقرة "تسعى جاهدة لأداء دور محفز للسلام والأمن في المنطقة".
وأخذت العلاقات بعد هذه الزيارة بعداً أكثر استراتيجية، خاصة عندما تم بحث التعاون بين تركيا ومالطا في قطاعي الأمن والدفاع، وذلك بعد أن حققت تركيا قفزات كبيرة في مجال الصناعات الدفاعية.
ومع التقدم التركي في الدفاع عن حكومة الوفاق وقلب نتيجة المعركة من حصار حفتر لطرابلس إلى استعدادات حكومة الوفاق للسيطرة على سرت، لوحظ تطور إيجابي في نظرة مالطا لأنقرة، إذ تعتبر مالطا حكومة الوفاق أكثر ضماناً لاستقرار ليبيا، وبالتالي كان هناك ضرورة في مالطا لدعم جهود تركيا، ولهذا لم يكن الحوار واللقاءات بين مسؤولي البلدين مستغرباً، خاصة أن مالطا كانت تشتكي منذ مدة من عدم كفاية الدعم الأوروبي لها في مواجهة أعداد اللاجئين المتزايدة، وفقاً للكاتب.
ويرى الكاتب أن هذه النقطة كانت سبباً في إيقاف مالطا دعمها عملية إيريني الأوروبية لمراقبة حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، التي رأت فيها الحكومة المالطية ترسيخاً للنفاق الأوروبي من خلال مراقبة الطرف الشرعي وغض النظر عن السلاح المتوجه للمليشيات براً وجواً.
تزايدت كثافة التواصل الدبلوماسي بين أنقرة وفاليتا. وخلال الشهر الماضي، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، أن تركيا ومالطا تتشاطران الرأي حيال القضايا الإقليمية بما فيها الوضع في ليبيا.
وأخيراً كانت الزيارة المشتركة بين وزيري الخارجية لطرابلس ولقاؤهما برئيس حكومة الوفاق بشكل مشترك رسالة واضحة على التقارب.
وفي 4 يوليو/تموز الماضي، زار وزير الدفاع التركي خلوصي مالطا، تلاه بعد أسبوعين اجتماع عقد في أنقرة بمقر وزارة الدفاع وحضره كل من وزير الداخلية الليبي والمالطي.
وتريد فيه مالطا لتجنب أزمة اللاجئين أن تساهم في توفير الاستقرار في ليبيا، عبر دعم حكومة الوفاق، وقد شجعت علاقاتها المتحسنة مع تركيا زيادة تعاونها مع حكومة الوفاق، ووقّع البلدان في نهاية مايو/أيار 2020 مذكرة تفاهم في مجال مكافحة الهجرة غير النظامية وتعزيز العلاقات بين البلدين، كما اتفق الطرفان الليبي والمالطي على تنسيق الجهود بينهما لمكافحة "كورونا"، ومعالجة تداعياته.
في المقابل، تريد تركيا من خلال تعاونها مع مالطا إبراز انفتاحها على التعاون مع الجميع شرق المتوسط، حتى مع أصغر بلد في الاتحاد الأوروبي. والاستفادة من وجود أطراف أكثر تدعم حكومة الوفاق في ظل وجود أطراف عدة تدعم جبهة حفتر. كما أن العلاقة الجيدة مع مالطا إضافة إلى وجودها في قبرص يزيدان من حضور أنقرة في شرق المتوسط، ويجعلان أعينها مفتوحة على كل الفرص الجيوسياسية فيه.
واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن "تركيا تدرك أهمية استقرار ليبيا بالنسبة إلى مالطا وإيطاليا وتحديداً إلى مالطا لصغر حجمها وكثافتها السكانية العالية"، وبالتالي فإن مصلحة البلدين في استقرار ليبيا وترك أوروبا لمالطا تواجه أزمة الهجرة منفردة، والتي استعدت تركيا لمساعدتها في مواجهتها، جعلت البلدين يعملان معاً لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!