ترك برس
أعلنت مصر، قبل أيام طرحها مناقصة للبحث عن الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، راعت فيها الجرف القاري لتركيا، الأمر الذي أثار تساؤلات حول أسباب موقف القاهرة التي تشهد علاقاتها توتراً سياسياً بشكل عام مع أنقرة التي أشادت بالخطوة المصرية الأخيرة.
واتخذت مصر خطوة بالإعلان عن مناقصة للبحث عن الطاقة الهيدروكربونية راعت فيها حدود الجرف القاري لتركيا، فيما أكد مراقبون، أن الخطوة المصرية الأخيرة في شرق المتوسط، تمهد الطريق للتفاهم بين أنقرة والقاهرة، وتغير من التوازنات هناك.
وفي معرض تعليقه على الخطوة المصرية، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، إنه يمكن التفاوض مع مصر بشأن الحدود البحرية في شرق المتوسط، بناء على سير العلاقات بين البلدين.
وأوضح تشاووش أوغلو، أن "مصر أظهرت احترامها للحدود الجنوبية لجرفنا القاري عندما وقعت اتفاقها مع اليونان، وهي تقوم الآن بأبحاثها السيزمية في جرفها القاري، وتحترم جرفنا القاري، ونحن نرى ذلك إيجابيا".
وتشهد العلاقات المصرية التركية توترات سياسية منذ منتصف العام 2013، على خلفية الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر ولم تعترف به أنقرة كسلطة رسمية حتى اليوم؛ رغم التبادل التجاري المتواصل بين البلدين.
وعلى مدار السنوات الثلاث الماضية تفجرت أزمة ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط، حيث أبرمت تركيا وليبيا اتفاقية لترسيم الحدود البحرية في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، سجلتها الأمم المتحدة واعتبرتها سارية منذ 8 كانون الأول/ ديسمبر 2019، وقالت أنقرة إنها تصب لصالح مصر وتمنحها مساحة 11 ألف كيلومتر بشرق المتوسط.
إلا أن القاهرة وقعت اتفاقية أخرى لترسيم الحدود البحرية مع أثينا في 6 آب/ أغسطس 2020، أقرها البرلمان المصري في الشهر،ذاته، فيما وصفتها أنقرة بـ"الباطلة"، ووجهت بلاغا بهذا الشأن للأمم المتحدة.
وترجع أهمية المياه الاقتصادية بشرق المتوسط إلى إعلان هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية عام 2010، احتواء تلك المنطقة على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، و1.7 مليار برميل احتياطي من النفط، (200 تريليون قدم مكعب من الغاز الآن).
ومنذ أيلول/ سبتمبر 2020، يثار الحديث على ألسنة مسؤولين أتراك حول وجود تفاهمات استخباراتية بين القاهرة وأنقرة حول ملف ترسيم الحدود البحرية.
الصحفي والمحلل السياسي التركي فراس رضوان أوغلو، قال إنه "على القاهرة البحث في مصالحها بشرق المتوسط وخصوصا أن السواحل البحرية كبيرة جدا، وأظن أن المصلحة العامة لمصر تقتضي أن تتعامل بشكل واقعي".
وأعرب عن اعتقاده أن ما يمهد لمثل هذا الاتفاق هو "الأجواء السياسية الليبية الحالية التي نجحت بالفعل في ترطيب العلاقة بين القاهرة وأنقرة بعد اشتعالها بسبب هذا الملف"، بحسب ما نقله تقرير لـ "عربي 21."
وأضاف: "لنتفق فعلا أن هناك هدوءا بين البلدين صنعته عوامل عديدة بينها الملف الليبي، ولكن أظن أن الأمور ما زالت لم تنضج، ولكن المصلحة المصرية تقتضي الاتفاق مع تركيا وليس اليونان".
وحول مدى تعارض الترسيم المصري التركي مع اتفاقيتي ترسيم مصر واليونان، وترسيم تركيا مع ليبيا، لفت إلى أن "الاتفاقية التركية الليبية تم تثبيتها وإقرارها من الأمم المتحدة، ولن يستطيع أحد تغييرها إلا حال رفضت ليبيا وأظن أنه من الصعب التراجع"، مضيفا أما "اتفاق مصر واليونان فهو خاص بهما".
وحول مدى قبول الإمارات بتقارب مصري تركي واحتمالات عرقلتها للاتفاق، قال مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية محمد حامد، إن "الإمارات والسعودية والبحرين شركاء بمنتدى الصداقة الشريك بمنتدى غاز شرق المتوسط، وعلى الجميع تقبل ذلك"، مشيرا لضرورة قبول أنقرة بدور أبوظبي في ملف الغاز.
ونفى احتمالات قيام أبوظبي بعرقلة مثل هذا الاتفاق وذهب لأبعد من ذلك مؤكدا أن "هناك أحاديث متواترة تقول إنه ليس لدى الإمارات غضاضة بتحسين العلاقات مع تركيا"، مشددا على أنه "على الجميع قبول الجميع مع إدارة بايدن، وينسى الخلافات".
وفي تقديره قال إن "انتخاب بايدن غيَّر خريطة تحالفات المنطقة، وجعل العدو صديقا والصديق عدوا".
لكنه يعتقد أن "ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا يتم بعيدا عن التطبيع السياسي؛ فما زالت القاهرة تتمسك بوجود سفير تركي جديد يحلف اليمين أمام الرئيس الحالي".
ويعتقد أن "فوائد مصر من الترسيم سياسية واقتصادية وبينها طرح مزايدات عالمية للتنقيب واكتشاف حقول غاز جديدة مثل (ظهر) و(نور) بالبحر المتوسط، بجانب الاستقرار في الحدود البحرية التي رسمتها مع اليونان وقبرص والآن تركيا، وقريبا فلسطين المحتلة وكيان الاحتلال وليبيا".
من جانبه، قال الباحث والأكاديمي المصري، الدكتور محمد الزواوي، إن "التقارب المصري التركي فيما يتعلق بتنسيق العمل شرق المتوسط كان متوقعًا"، مشيرا إلى أن الحالة الليبية ساهمت بترطيب الأجواء بين القاهرة وأنقرة، مشيرا إلى أن ما يحدث بملف الحدود البحرية، "يشابه ما حدث في الجبهة الليبية على المستوى الاستخباراتي".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!