ترك برس
أعلن فيصل أر أوغلو، مبعوث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العراق، أن بلاده يمكن أن تقوم بوساطة في أزمة ملف سد النهضة بين مصر وإثيوبيا، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه أنقرة في هذا الملف.
في تصريحات أدلى بها لقناة "الجزيرة مباشر"، أكّد أر أوغلو أن بإمكان بلاده "القيام بوساطة في أزمة ملف سد النهضة شريطة عدم تدخل الدول الغربية لأن ذلك قد يقود إلى عدم المصالحة".
وتابع المبعوث الرئاسي التركي أن "سد النهضة" قضية تقنية ولدى بلاده الكثير من الخبراء الذين يمكنهم المساعدة في حلها.
وفشلت كل المحادثات المصرية السودانية الإثيوبية لحل أزمة سد النهضة، كما فشلت كل الجهود الدولية بما فيها الأمريكية العام الماضي، في إحداث أي انفراجة، وسط تبادل الاتهامات بين أطراف النزاع، والتهديد بالتصرف بشكل أحادي من قبل إثيوبيا.
وفي محاولة مرفوضة من قبل أديس أبابا تحاول مصر والسودان الضغط للقبول بالمقترح السوداني الخاص بتطوير آلية التفاوض التي يرعاها الاتحاد الأفريقي من خلال تشكيل رباعية دولية تقودها وتسيرها جمهورية الكونغو الديمقراطية بصفتها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.
وتشمل الرباعية كلا من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للتوسط في المفاوضات، حيث دعا البلدان هذه الأطراف الأربعة لتبني هذا المقترح والإعلان عن قبولها له وإطلاق هذه المفاوضات في أقرب فرصة ممكنة. حسب صحيفة "عربي21".
حول طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا في هذه الأزمة المستعصية، يقول السياسي المصري، محمد شريف كامل، في حديثه لـ"عربي21"، إن: "أنقرة لها مصالح متعددة في أفريقيا وعلاقات قوية بالعديد من الدول الأفريقية وعلاقتها بإثيوبيا متميزة، وتزاحمها في ذلك دولة الإمارات".
وأضاف: "تركيا ومصر بينهما خلاف واضح في مسألة الحدود البحرية، ولهما مصالح مشتركة في ليبيا التي تدخل مرحلة محاولة الاستقرار، ولا ننسى أن الإمارات هي من شجعت مصر على تحدي تركيا في البحر الأبيض وفي ليبيا وخذلتها في إثيوبيا رغم علاقتها المشبوهة بسد النهضة، واليوم نجد الإمارات ترتمي في أحضان إسرائيل وتنسق معها على حساب مصر".
واعتبر كامل أن "كل هذا يجعل من المنطقي أن تلتقي مصالح مصر وتركيا في تهدئة الوضع في ليبيا وفي التعاون على خطوط البحر الأبيض مقابل مساعدة مصر في التخفيف من آثار ملء سد النهضة على تدفق المياه إليها، خاصة وأن تركيا لديها من الخبرات في مجال السدود مما يتيح للحوار والاقتراحات أن تكون عملية مبنية على أسس علمية وليست مجرد مقترحات دبلوماسية".
بدوره؛ أكد البرلماني المصري السابق، محمد عماد صابر، أن بإمكان تركيا لعب دور مهم، قائلا: "تركيا لاعب إقليمي مؤثر، ويمكن لها أن تساعد مصر في الضغط على الجانب الإثيوبي بحكم العلاقات القوية معها، كما أن لها رؤية خاصة بشأن الاستخدام العادل للأنهار الدولية".
لكن عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان سابقا، استبعد السماح لتركيا بالقيام بهذا الدور؛ لأن "القرار السياسي المصري يُصنع في تل أبيب، وفي ظل التنافس بين إسرائيل وتركيا على مواقع النفوذ في القارة السمراء، فلن يُسمَح للنظام المصري بالموافقة على واسطة تركيا في مشروع سد النهضة فهذا يعزز من مكانة تركيا ودورها في حل النزاعات الإقليمية، إلا إذا تغيرت خريطة التحالفات في المنطقة".
واعتبر صابر أنه "في حالة لعبت تركيا دورا في تسوية أزمة سد النهضة فستكون أبرز علاماته توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا"، مشيرا إلى أن "أنقرة أيضا حريصة على مصالحها ويهمها ترسيم الحدود مع مصر في شرق المتوسط حتى تنتهي من هذا الملف نهائيا".
على الجانب التركي، قال الكاتب والمحلل السياسي، يوسف كاتب أوغلو، إن "تركيا لاعب إقليمي مهم، ولا يمكن الحديث عن أي اتفاقيات أو تسويات بمنطقة الشرق الأوسط بدونها، ورأينا ذلك في الملف الليبي والقطري والسوري والعراقي، وتستطيع أن تكون عنصرا فعالا وإيجابيا لإنهاء أزمة سد النهضة رغم صعوبته الكبيرة".
وبشأن مصلحة تركيا من التوسط في أزمة سد النهضة، أكد أن "العلاقات الدولية بين تركيا وأي دولة أخرى ومصر تحديدا قائمة على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، ولا يمكن الوقوف في موضوع متحرك، والاقتصاد يلعب دورا أساسيا"، مشيرا إلى أن "هناك محاولات لتوسعة رقعة التفاهمات بين البلدين رغم وجود أزمة سياسية بينهما".
وأوضح كاتب أوغلو أن "هناك محاولات جادة من قبل تركيا على وجه التحديد بخصوص وجود جلسات حوار مع الدول المعنية بشرق المتوسط بما فيها مصر، والتي لها دور إقليمي معروف، وحضور مهم، وتأمل أنقرة في أن يكون هناك تنسيق مباشر مع القاهرة فيما يحقق الحفاظ على مكتسبات ومصالح البلدين فيما يتعلق بمصادر الطاقة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!