ترك برس
طرد الانحاد السوفيتي تتار القرم الأتراك بهدف القضاء على وجودهم في ساحل البحر الأسود، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن سوى قلة منهم من العودة وصار من بقي منهم أقلية في وطنهم، الذي قررت روسيا ضمّه من خلال استفتاء غير شرعي. وقد تحدث مؤخرًا مراسل "TRT haber" مع شهود من تتار القرم عاشوا مرحلة النّفي، ونشرت القناة تقريرًا عن تاريخ مأساتهم.
تأسست قرية عز الدين في تشاتالجا بإسطنبول عام 1860، ليقيم فيها أتراك التتار القرم، الذين اضطروا للهجرة بعد حرب القرم، ولم تكن تلك هي هجرتهم الأخيرة، فقد كانت تنتظر السكان الباقين في شبه جزيرة القرم أيام أكثر قسوة وإيلاما.
اتبعت الحكومات في عهد القياصرة الروس وخلفائهم البلاشفة سياسات تهجير وقتل وطرد للتتار أتراك القرم، مما أدى لانخفاض عددهم من تسعة ملايين في عام 1883 إلى 850 ألفًا في عام 1941، كما قام الزعيم الروسي ستالين، بتجنيد 60 ألف جندي تتري لمحاربة النازيين في عام 1941، وقام النازيون بعد استيلائهم على القرم بتهجير 85 ألف تتري إلى معسكرات حول برلين للاستفادة منهم في أعمال السخرة.
قرر الزعيم السوفيتي لتلك الفترة ستالين، نفي أتراك القرم في 18 أيار/ مايو 1944، فطرد ما يزيد عن 400 ألف شخص، تم وضعهم في قاطرات نقل المواشي وإرسالهم إلى دول آسيا الوسطى، كانت ذريعته باتخاذ قرار النفي هو اتهامهم بالتعاون مع النازيين على الورق، كما قام الجنود الروس بحرق المصاحف وقتل أئمة المساجد وتحويلها إلى دور سينما ومخازن، ومع ذلك ظهرت الحقيقة بفضل الأراشيف التي تم فتحها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، فقد كان الهدف هو تطهير محيط البحر الأسود من الأتراك.
أصدر مجلس السوفييت الأعلى قرارا في 20 حزيران/ يونيو 1964، بإلغاء جمهورية القرم ذات الحكم الذاتي، عقابا لخيانة شعب القرم لدولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، ورغم أن المجلس الأعلى السوفيتي ألغى قراره بخيانة شعب القرم في عام 1967، إلا أنه لم يسمح بعودتهم إلى وطنهم، وذلك حتى عهد الزعيم السوفييتي الأخير غورباتشوف، الذي أطلق برامج إصلاحية في عام 1985، شملت السماح للتتار بالعودة إلى بلادهم دون أدنى حقوق.
استقلت أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991، وعقد التتار مؤتمرهم الأول في 26 يونيو 1991، في مدينة سيمفروبيل، وتم تأسيس مجلس تتار القرم الأعلى كممثل للشعب التتري، وانتخب مصطفى عبد الجميل كريم أوغلو، رئيسا للمجلس الأعلى، الذي بدأ نضاله للحصول على حقوق شعبه.
تحدثت الجدة شازية، البالغة من العمر 89 عاما، إلى مراسل TRT، قائلة إنها كانت في 12 من العمر عندما تم نفيها بالقاطرات إلى أوزبكستان: "كانت عربات القطار ممتلئة، فكل شخص لديه طفلان أو ثلاثة، لا أستطيع معرفة عدد العائلات هناك. كان الموتى يوضعون في العربات، وعندما يأتي الليل يلقي الجنود الأموات في السهوب ويواصلون طريقهم. لقد مات الكثير من الرجال، بل مات معظم الرجال".
أنجبت الجدة شازية ابنتها نظمية سوزغون في المنفى، ويقول لها والدها: "حتما سنذهب إلى أرضنا في يوم ما، سآخذكم إلى القرم، أريد أن أعيش في وطني القرم وأموت في أرضي".
عند صدور قرار بعودة المواطنين المنفيين إلى وطنهم، كان الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت على وشك الانهيار، كما أن المواطنين العائدين أصبحوا أقلية في وطنهم.
ذكرت سوزغون، أنها كتبت رسالة لميخائيل غورباتشوف، وقالت: "لماذا لا يسمح لنا نحن أتراك القرم التتار؟ لماذا لا تأذنون لنا؟ أريد الانتقال إلى أرض والدي والدتي، في الواقع أرض القرم أرضنا ووطننا، نحن نعيش هنا كضيوف، فقلت له: أريد أن أعيش في أرضي القرم".
وبعد أسبوع سمح لهؤلاء المنفيين بالعودة، إلا أن أوطانهم لم تكن نفسها عندما غادروها، فقد أصبحوا أقلية في أرضهم. وبعد عدة أعوام قدمت سوزغون إلى تركيا، لكن أمها وأقرباؤها لا يزالون يعيشون في القرم إلى اليوم، ويواجهون فيها مشاكل جديدة.
ضمت روسيا القرم إليها عبر استفتاء غير شرعي في عام 2014، ليبدأ المالكون الحقيقيون للقرم بمواجهة أوقات عصيبة مرة أخرى، كما تم إبعاد زعيم أتراك تتار القرم مصطفى عبد الجميل كريم أوغلو، عن وطنه لمدة سبعة أعوام، بسبب الحظر الذي فرضه الكرملين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!