ترك برس
منذ عقدين، تشهد العلاقات الأردنية التركية تطورا ملحوظا ومميزا، عززه تماهي مواقفهما إزاء أهم القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وترسخه زيارة رسمية لعمان يبدأها وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، الإثنين.
ويعود تاريخ العلاقات بين البلدين إلى ثلاثينيات القرن الماضي، حين قام ملك الأردن المؤسس، عبد الله الأول، بزيارة رسمية إلى الجمهورية التركية، هي الأولى حينها لزعيم عربي، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) وتأسيس الجمهورية التركية، عام 1923.
ففي 1937، استقبل الرئيس التركي آنذاك، مصطفى كمال أتاتورك، ضيفه ملك الأردن، عبد الله الأول في تركيا، لتبدأ مسيرة بناء العلاقات الثنائية بين البلدين. وفق تقرير نشرته وكالة الأناضول التركية.
وفي عهد حزب "العدالة والتنمية"، الحاكم منذ 2002، اتسمت العلاقة بالاحترام المتبادل، مع تكثيف الزيارات المتبادلة بين مسؤولين من البلدين.
وبحسب التقرير، فإن القضايا المصيرية هي العنوان الأبرز الذي وحد مواقف البلدين، إذ كان لقيادتيهما مواقف مميزة في مواجهة الغطرسة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية، والانتهاكات بحق المقدسات.
وفي 2017، دعا الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى قمة استثنائية لدول منظمة التعاون الإسلامي بشأن الأوضاع في مدينة القدس الفلسطينية المحتلة، حضرها عاهل الأردن، الملك عبد الله الثاني، وكانت له فيه كلمة رئيسية.
وأكدت أنقرة، في مناسبات عديدة، موقفها الجاد لمنع المساس بدور عمان تجاه المسجد الأقصى وبقية المقدسات في فلسطين.
ودائرة أوقاف القدس، التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلامية في الأردن، هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس (الشرقية)، بموجب القانون الدولي، الذي يعتبر الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب إسرائيل.
ولم تتوقف الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى بين تركيا والأردن، طيلة السنوات الماضية، فقد زار الرئيس أردوغان عمان، في أغسطس/ آب 2017، وبعد أربعة أشهر، زار الملك عبد الله تركيا، فضلا عن زيارات متبادلة على المستويين الوزاري والبرلماني.
وعلى مستوى التعاون العسكري، شاركت تركيا مرات عديدة في المناورة العسكرية السنوية "الأسد المتأهب" التي تقام في الأردن، كما تلقى ضباطا من كلا البلدين تدريبا عسكريا مشتركا ومتبادلا.
وفيما يتعلق بأزمات المنطقة، وخاصة السورية، فإن تركيا والأردن هما البلدان المجاوران لسوريا والأكثر تأثرا بما يجري فيها من حرب منذ عام 2011، ويستضيف الأردن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، فيما يوجد في تركيا حوالي 4 ملايين لاجئ.
ودفعت الاتفاقيات التجارية إلى تعزيز مستوى التعاون بين عمان وأنقرة، وأحدثها مصادقة تركيا، السبت، على اتفاقية موقعة مع الأردن في مجال التعاون التجاري والاقتصادي.
ومن وراء هذه الاتفاقيات، تهدف حكومتا البلدين إلى تعزيز العلاقات وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري القائم على المساواة وعدم التمييز والدعم المتبادل، والرغبة في المزيد من التوسع والتنويع التجاري والاستثماري بين الجانبين.
وبفعل التأشيرة الحرة بين البلدين، فإن تركيا هي الوجهة السياحية الأبرز للأردنيين، إذ وصل عددهم 100 ألف سائح سنويا، في حين وصل عدد السياح الأتراك إلى الأردن لنحو 17 ألف سائح مقيم، و 28 ألف زيارة ليوم واحد.
ووفق أرقام رسمية، بلغت قيمة الاستثمارات التركية التي تدفقت إلى المملكة الهاشمية، خلال السنوات الماضية، 283 مليون دولار أمريكي، تركزت في قطاعات الخدمات وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والبنية التحتية.
وأثبتت المحاولة الانقلابية الفاشلة بتركيا، في يوليو /تموز 2016، مدى الترابط بين شعبي البلدين ، إذ لم يختلف الموقف الرسمي عن الشعبي، حيث أكد الأردن أن استقرار تركيا عامل مهم في استقرار وأمن المنطقة، مشددا على أهمية دورها الإيجابي في ترسيخ الجهود الرامية إلى تعزيز التعاون بين دولها وشعوبها.
الأردن أعرب أيضا عن تضامنه مع تركيا في مواجهة فيضانات وحرائق شهدتها مؤخرا، إذ وجه عاهل البلاد حكومته لتقديم أي مساعدة ممكنة للمساهمة في إخماد الحرائق.
وتعزيزا لمستوى التناغم بين البلدين والارتقاء بعلاقاتهما، يبدأ وزير الخارجية التركي، الإثنين، زيارة رسمية إلى الأردن.
ومن المقرر أن يلتقي تشاووش أوغلو نظيره الأردني، أيمن الصفدي، الثلاثاء، إضافة إلى لقاء مرتقب مع كل من الملك عبد الله، ورئيس الوزراء، بشر الخصاونة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!