هيثم كحيلي - تركيا بوست

تحدثت في مقالات سابقة عن عدم دقة معظم نتائج استطلاعات الرأي الصادرة في تركيا في الفترة الماضية حول الانتخابات التشريعية التي ستقام بعد 3 أيام من الآن، وكنت حينها أنتظر نتائج استطلاع الرأي الذي أثق في محاكاته للواقع والذي صدر اليوم الاربعاء عن شركة “ORC“.

وقبل الحديث عن التوقعات النهائية للشركة، أريد أن أقدم أسباب ثقتي في توقعات هذه الشركة بالذات، وهي كالتالي:

في سنة 2011، توقعت الشركة أن يفوز حزب العدالة والتنمية بنسبة 49.5% في الانتخابات التشريعية، ففاز الحزب بنسبة 49.9%.

في سنة 2011، توقعت الشركة أن يحصل حزب الشعب الجمهوري على نسبة 25.3%، فحصل على نسبة 25.9%.

في سنة 2014، توقعت الشركة أن يفوز حزب العدالة والتنمية بنسبة 45.7% في الانتخابات البلدية، ففاز بنسبة 45.5%.

في سنة 2014، توقعت الشركة أن يحصل حزب الشعب الجمهوري على نسبة 28.3%، فحصل على نسبة 27.8%.

وهذا يعني أن توقعات الشركات كانت دائما مطابقة للنتائج النهائية للانتخابات مع فارق طفيف جدا لا يتجاوز نسبة 1%، في حين كانت توقعات شركات أخرى مخالفة للنتائج النهائية بنسب تصل إلى 5% وأكثر.

وأما التوقعات التي أعلنتها الشركة اليوم الاربعاء، فتفيد بأن حزب العدالة والتنمية سيحصل على نسبة 46%، ويليه حزب الشعب الجمهوري بنسبة 25.3%، ثم حزب الحركة القومية بنسبة 15.5%، ثم حزب الشعوب الديمقراطية بنسبة 9%.

وفي حال صدقت هذه التوقعات فإن حزب العدالة والتنمية سيحصل على أغلبية ثلثي مقاعد البرلمان بعد أن يتم إلغاء مقاعد حزب الشعوب الديمقراطية الكردي بسبب عدم حصوله على نسبة 10% التي يشترطها القانون الانتخابي التركي لتمكين الأحزاب من دخول البرلمان.

وحصول حزب العدالة والتنمية على أغلبية الثلثين داخل البرلمان يعني بشكل مباشر أن رئيسه داوود أوغلو سيكون أمام طريق مفتوح لتشكيل حكومته الجديدة، وأن كتلته البرلمانية ستكون بدورها أمام طريق مفتوح لكتابة دستور جديد للجمهورية التركية الجديدة، يعتقد أنه سينص في فصوله الأولى على أن النظام السياسي لتركيا نظام رئاسي.

وأما الانعكاسات السلبية لهذه التوقعات في حال تطابقها مع نتائج الاقتراع في مساء يوم 7 يونيو الحالي، فهي أن حزب الشعوب الديمقراطية الكردية لن يتمكن من دخول البرلمان وهو ما يعني أن البرلمان التركي الجديد لن يحتوي على أي تمثيل سياسي للأكراد وهو ما سيعطي -كما ذكرنا في مقالات سابقة – رسالة سلبية للأكراد الذين أنفقت حكومات العدالة والتنمية خلال السنوات الماضية جهودا كبيرة لاقناعهم بالتخلي عن عدائهم للدولة التركية وبالانخراط في العملية السياسية التركية.

وقد ينتج عن عدم دخول الحزب الكردي للبرلمان ازدهار عقلية العداء الكردي للدولة التركية من جديد وعودة بعض الفئات الكردية للعمل المسلح ضد الدولة، ولكنه لن يكون بذلك الحجم الذي كان عليه قبل 5 سنوات من الآن وسيكون – على الأرجح – مجرد حالة عابرة، وذلك لأن مشروع المصالحة الوطنية أو السلام الداخلي نجح بنسبة كبيرة في إدماج الأكراد داخل المجتمع التركي وداخل الدولة التركية بكل مؤسساتها، وهو ما جعل فئات كردية كبيرة تتخلى عن المشروع الانفصالي.

مع العلم أن تجاوز الأكراد لحاجز 10% يبقى خيارا واردا، نظرا إلى أن توقعات الشركة رجحت أن يحصل الحزب على 9%، أي بفارق 1% فقط عن الحاجز الذي يضعه القانون الانتخابي.

وحتى في حال تجاوز حزب الشعوب الديمقراطية لحاجز 10%، لن يمثل هذا التطور حاجزا كبيرا أمام حزب العدالة والتنمية الذي يرجح أنه سيحصل على نسبة 46% من أصوات الناخبين وهي نسبة كافية لتمكينه من الفوز بأغلبية النصف زائد واحد داخل قبة البرلمان والتي ستمكنه من تشكيل الحكومة، ثم من تغيير الدستور ولكن من خلال تمريره على استفتاء شعبي.

عن الكاتب

هيثم كحيلي

كاتب صحفي وباحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس