هيثم الكحيلي – تركيا بوست

أكبر التحديات بالنسبة لحزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات التشريعية الحالية لا تكمن في الفوز أو الخسارة، وإنما في مدى قدرته على تحقيق الهدف الذي دعا إليه رئيس الجمهورية “رجب طيب أردوغان” والمتمثل في “فوز أحد الأحزاب بـ 400 مقعد” حتى يكون مؤهّلا لإرساء دستور جديد ولتغيير النظام السياسي للجمهورية التركية من نظام برلماني إلى نظام رئاسي.

وهذا التحدي ليس مرتبطا بشكل مباشر بنسبة الأصوات التي سيحصل عليها الحزب الحاكم بقدر ارتباطه بنسبة الأكراد الذين سينجح الحزب الحاكم في اقناعهم بالتصويت لصالحه، فالعملية الحسابية الوحيدة التي قد تفتح الباب أمام العدالة والتنمية للحصول على هذا النصاب هي أن يفشل حزب الشعوب الديمقراطية (الكردي) في تجاوز الحاجز الذي يضعه القانون الانتخابي أمام الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية، والمتمثل في اشتراط حصولها على نسبة أكبر من 10% من إجمالي أصوات الناخبين.

وأمام هذا الرقم يواجه حزب العدالة والتنمية مشكلة مزدوجة، فإن كان سيحقق فائدة سياسية كبيرة في حال فشل حزب الشعوب الديمقراطية في تجاوز حاجز الـ 10%، فإن الخطر يكمن في أن هذه الفئة من الأكراد لم تكن مقتنعة أساسا بالمشاركة في العملية السياسية وكانت نسبة كبيرة منها مؤمنة بالحل الذي يتبناه حزب العمال الكردستاني المسلّح إلى أن جاء حزب العدالة والتنمية بعملية السلام الداخلي وأقنع الأكراد – نسبيا – بإمكانية ضمان حقوقهم من خلال المشاركة في العملية السياسية، مما يعني أن عدم دخولهم للبرلمان قد يبعث رسالة سلبية مفادها أن المشاركة في العملية السياسية ليست الحل الأنسب لضمان حقوقهم.

وحتى في حال نجاح حزب الشعوب الديمقراطية في تجاوز حاجز الـ 10%، وهو ما تدفع نحوه أحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية، لن تقتصر خسارة العدالة والتنمية على تعطل مشروع الـ 400 مقعد ومشروع الدستور الجديد، وإنما ستتمثّل في وجود ثلاث أحزاب معارضة داخل البرلمان تعطّل كل مشاريع الحزب الحاكم طيلة السنوات الأربعة القادمة وهو ما سينعكس سلبا على المشهد السياسي التركي أولا ثم ثانيا على الاقتصاد الذي سيتأثر بالتأكيد بالأزمات السياسية التي ستكثر داخل قبة البرلمان.

وهكذا تكون الانتخابات التشريعية في تركيا أمام أرقام صعبة، أولها 400 وهو الرقم الذي سيُزيل كل القيود التشريعية أمام مشاريع حزب العدالة والتنمية طيلة السنوات الأربع القادمة، وثانيها هو رقم 10 الذي سيدفع الأكراد للتفكير مجددا في عدم جدوى العملية السياسية في حال عدم تحقّقه، والذي سيشتّت البرلمان التركي – في حال تحقّقه – ما بين حزب حاكم يمتلك أغلبية تمكّنه من تشكيل الحكومات ولا تمكنه من الحكم، وما بين ثلاثة أحزاب معارضة أولها جمهوري وثانيها قومي تركي وثالثها قومي كردي وكلها معادية للحزب الحاكم.

وأمام هذين الرقمين، وحسب التصريحات الرسمية لممثلي الحزب الحاكم، يبدو أن العدالة والتنمية غير معني بتحقيق هدف الـ 400 مقعد بقدر ما هو معني بإقناع الناخبين الأكراد بعدم تمكين حزب الشعوب الديمقراطية من تجاوز حاجز الـ 10 بالمائة وبتهيئة المشهد السياسي التركي لبرلمان جديد لا تمثيل فيه للأكراد سوى من خلال الأكراد المترشّحين ضمن قوائم حزب العدالة والتنمية.

مع العلم أن معظم نتائج استطلاعات الرأي تستبعد نجاح حزب الشعوب الديمقراطية في تجاوز حاجز الـ 10%، ولا تعطي توقعات دقيقة حول عدد المقاعد التي سينجح حزب العدالة والتنمية في الحصول عليها.

عن الكاتب

هيثم كحيلي

كاتب صحفي وباحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس