إسماعيل ياشا - عربي21
اشتد التنافس الديمقراطي بين المرشحين الأربعة لرئاسة الجمهورية التركية قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجرؤها في 14 أيار/ مايو الجاري، في ظل التصريحات والاتهامات المتبادلة، والإعلانات المرئية التي ينشرونها في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، والتجمعات الانتخابية التي يقيمونها في المدن المختلفة من أجل كسب قلوب الناخبين وأصواتهم، كما تُنْشَر كل يوم نتائجُ آخر استطلاعات للرأي.
الأحزاب السياسية تطلب من شركات الأبحاث والاستشارات إجراء استطلاعات الرأي لجس نبض الشارع ومعرفة ميول الناخبين. ويكثر عدد تلك الاستطلاعات قبيل الانتخابات، كما أنه من الطبيعي أن لا تتطابق نتائج استطلاعات الرأي التي يشارك فيها عدة مئات من مختلف مدن البلاد وشرائح المجتمع، مع نتائج الانتخابات التي تفوق نسبة المشاركة فيها 90 في المائة. إلا أن هذه الانتخابات تشهد فوضى كبيرة في استطلاعات الرأي التي يتلاعب بعضها بالنتائج ويبالغ في شعبية مرشحين، بهدف توجيه الرأي العام بدلا من استطلاع آراء الناخبين.
كانت هناك استطلاعات للرأي تظهر نتائجها تقدم رئيس حزب الشعب الجمهوري ومرشح تحالف الطاولة السداسية، كمال كليتشدار أوغلو، على منافسه رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، بفارق يصل إلى 20 في المائة، إلا أن معظم تلك النتائج اختفت بعد نزول المرشحين إلى الميادين لتنظيم التجمعات الانتخابية وإلقاء الخطابات أمام الحشود؛ لأن المشاهد التي عكستها الميادين كشفت أن نتائج استطلاعات الرأي التي تظهر تقدم كليتشدار أوغلو على أردوغان غير صحيحة وبعيدة عن الواقع.
كليتشدار أوغلو ينظم تجمعات انتخابية في المدن التي يتمتع فيها حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني بشعبية كبيرة، ويرسل حليفته، ميرال أكشينار، مع رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، إلى المدن التي يؤيد سكانها الأحزاب اليمينية القومية والمحافظة. ويشارك رؤساء الأحزاب الستة كلهم في بعض التجمعات الانتخابية، كما حدث في إزمير.
وتشير نسبة الحضور الشعبي في تلك التجمعات، إلى أن شعبية كليتشدار أوغلو تأتي إلى حد كبير من أنصار حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي، وأن شعبية الحزب الجيد تآكلت كثيرا، وأن أكشينار مهما استعانت برئيس بلدية أنقرة المحسوب على التيار القومي فإنها فشلت في إقناع الناخبين الأتراك القوميين المؤيدين لحزبها بضرورة التصويت لصالح كليتشدار أوغلو المتحالف مع الموالين لحزب العمال الكردستاني.
الأحزاب الصغيرة الأربعة في تحالف الطاولة السداسية؛ وهي حزب السعادة، وحزب المستقبل، وحزب الديمقراطي والتقدم، والحزب الديمقراطي، لا توجد في الميادين، لضآلة شعبيتها وخوفها من مواجهة الناخبين الغاضبين عليها بسبب تحالفها مع حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي، ويكتفي رؤساؤها بمشاركة بعض الفعاليات والبرامج التلفزيونية والاجتماعات التي تعقد في القاعات. ويؤكد كثير من المحللين، بمن فيهم مؤيدون لحزب الشعب الجمهوري، أن تلك الأحزاب لم تنجح في شق نسبة من مؤيدي حزب العدالة والتنمية وضمهم إلى صفوف المؤيدين لمرشح تحالف الطاولة السداسية.
حزب الشعب الجمهوري نظم تجمعا انتخابيا في إزمير، شارك فيه كليتشدار أوغلو مع رؤساء أحزاب الطاولة السداسية، بالإضافة إلى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، وألقى كل واحد منهم كلمة أمام الحضور.
وتحدث كليتشدار أوغلو لمدة حوالي ربع ساعة، كما اختصرت أكشينار كلمتها لتنهيها في سبع دقائق، إلا أن داود أوغلو الذي يكرهه أنصار حزب الشعب الجمهوري، ألقى كلمة استمرت لمدة حوالي نصف ساعة، وهو ما دفع قناة "خلق تي في" التابعة لحزب الشعب الجمهوري إلى قطع نقلها المباشر للكلمات وبث إعلانات تجارية أثناء كلمة رئيس حزب المستقبل.
ويشير مراقبون إلى أن عدد المشاركين في تجمع حزب الشعب الجمهوري في إزمير كان أقل من عدد المشاركين في التجمع الانتخابي الذي نظمه ذات الحزب قبيل انتخابات 2018، ويعزون ذلك إلى استياء أنصار حزب الشعب الجمهوري من ترشيح أسماء معادية لأتاتورك وموالية لجماعة غولن ضمن قوائم الحزب.
حزب العدالة والتنمية هو الآخر نظم تجمعا انتخابيا في ذات الميدان في مدينة إزمير بمشاركة أردوغان قبل تجمع حزب الشعب الجمهوري، وكانت نسبة المشاركة فيه مفاجئة لأنصار كليتشدار أوغلو الذين كانوا يصدقون نتائج استطلاعات الرأي المفبركة، ويظنون أن مرشح تحالف الطاولة السداسية يتقدم على أردوغان بفارق كبير، كما أكدت الجماهير التي ملأت الميدان أن رئيس الجمهورية التركي له شعبية لا بأس بها في صفوف سكان المدينة التي توصف بـ"قلعة حزب الشعب الجمهوري".
الإقبال الشعبي الكبير على التجمعات الانتخابية التي ينظمها حزب العدالة والتنمية بمشاركة أردوغان يشير إلى أن رئيس الجمهورية التركي ما زال يحافظ على شعبيته وثقة الشارع فيه، رغم آثار الزلازل المدمرة والمشاكل الاقتصادية. كما أن نسبة المشاركة في عملية التصويت في الخارج تبدو عالية للغاية، وأنها قد تسهم في حسم الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى، علما أن نسبة الأصوات التي حصل عليها أردوغان في الخارج في الانتخابات السابقة جاءت دائما أعلى مما حصل عليها في البلاد.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس