نبي ميش - صباح / سيتا
كان أردوغان الذي أعيد انتخابه بلا منازع قد أعلن بالفعل عن حكومته قبل أن تتمكن دوائر المعارضة من إقناع المرشح الذي تدعمه بأنه خسر الانتخابات، قبل ظهور كمال كليجدار أوغلو أمام مؤيديه وشرح سبب خسارته في الانتخابات سرعان ما بدأ كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية للحكومة المباشرة بأعمالهم.
وفي حين نشر بعض نواب المعارضة المنتخبين صور سيلفي من المنتجعات الساحلية بعد الانتخابات مباشرة أصدر أردوغان تعليمات لحكومته باتخاذ الترتيبات التشريعية اللازمة للوفاء بالوعود التي قطعت خلال فترة الانتخابات قبل بدء عطلة البرلمان، وبعبارة أخرى فإن الوعود التي قطعت لن تترك للدورة التشريعية الجديدة، في حين أن المرشح الذي خسر الانتخابات لم يتمكن حتى من جمع قيادة حزبه وتقييم نتائج الانتخابات بشكل كامل، أعلن أردوغان على الفور عن حكومته مساء حفل إعادة التنصيب، ركز الوزراء المعينون حديثا على الفور على واجباتهم.
هذا الوضع هو أيضا نتيجة للنظام الرئاسي، لو استمر النظام القديم لكانت محادثات الائتلاف قد بدأت لأنه لا يوجد حزب قادر على تأمين أغلبية تشريعية في البرلمان في الوقت الحالي، وسيزور حزب العدالة والتنمية الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات الأحزاب الأخرى بدورها ويحصل على آرائها ويبدأ مفاوضات ائتلافية مع الحزب الذي من المرجح أن يشكل حكومة، إذا لم تنته المفاوضات مع أحد الأطراف التي استمرت لأيام بشكل إيجابي فستحدث نفس العمليات مرة أخرى مع الطرف التالي، في الواقع إذا لم يتمكن الحزب الأول من الاتفاق على تشكيل حكومة مع أي حزب فإن الرئيس سيعطي المهمة لزعيم الحزب الثاني وسيتبع نفس العملية.
جعلت المعارضة سياستها مع توق للنظام القديم منذ انتخابات 2018، وبينما أوضح أن النظام القديم كان أفضل من الناحية النظرية والتجريدية على الورق فقد أظهر عمليًا للناخبين أن تركيا لا يمكن أن تُحكم بالنظام القديم من خلال المفاوضات الائتلافية والمشاركة الوزارية أثناء الانتخابات، في هذا السياق تجلت نتائج الانتخابات مرة أخرى على أنها تصويت على الثقة في النظام الجديد، نظرًا لأن المعارضة كانت عالقة في النظام القديم لم تستطع حمل سياساتها وخطابها إلى بُعد مقنع للنظام الجديد، وبسبب هذا فإنه يمر بأزمات متفاقمة حول كيفية الاستمرار في طريقه.
ألم يكن هناك أشخاص جديرون بالتقدير حول أردوغان؟
وفي حين ترشح «حزب الشعب الجمهوري» لسبع فترات وخسر مرة أخرى، فاز أردوغان في عقده الثالث في انتخاباته الثامنة عشرة، مما أدى إلى تجديد كل من مجموعته البرلمانية وحكومته بشكل كبير، أصبحت مزايا النظام الرئاسي واضحة في عملية التجديد هذه، وبما أن أعضاء السلطة التشريعية لا يمكن أن يكونوا أعضاء في السلطة التنفيذية في نفس الوقت بسبب الفصل الصارم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فقد صمم أردوغان إدارة الموارد البشرية وفقا لذلك، فقد حولت الوزراء السابقين ذوي الخبرة إلى التشريع مع إفساح المجال لأسماء جديدة في مجلس الوزراء من ذوي الخبرة في مجالاتهم.
تألفت الحكومة الجديدة من أشخاص أشركهم أردوغان في السياسة والبيروقراطية خلال فترة ولايته وقام بتأهيلهم إلى حد ما، في هذا السياق تم اختبار النتائج الإيجابية لعمليات التغيير المستمر في سياسة أردوغان مرة أخرى، لطالما أولى أردوغان أهمية لتشكيل رأس مال سياسي واجتماعي جديد في رحلته السياسية طويلة الأمد.
عندما وصل أردوغان إلى السلطة في عام 2002 نقل فريقه الذي تم تدريبه في البلدية خلال فترة توليه منصب عمدة إسطنبول إلى أنقرة، كما أظهر المدراء الذين اكتسبوا خبرة ونجحوا في الحكومات المحلية مهنة ناجحة في السياسة والإدارة، وطوال فترة حكمه ضم أردوغان أسماء جديدة إلى فريقه وأعطاهم المسؤولية والسلطة وضمن نشأتهم، تم اختبار هذه الأسماء من خلال اتزانهم ومهاراتهم السياسية والإدارية خلال الفترات الحرجة، واصل رحلته من خلال جلب أولئك الذين أنتجوا قيمة مضافة بأدائهم إلى مناصب أعلى، في بعض الفترات تابع إقالته من خلال “موقفهم” في العملية المذكورة وأعادهم إلى واجبات أخرى في الفترة التالية.
بعد أن أعلن أردوغان عن حكومته، تم تقديم تحليلات إيجابية للغاية من الدوائر المحلية والدولية حول الأسماء في مجالس الوزراء، من خلال التركيز على الخبرة والسير الذاتية للأسماء الفردية تمت الإشادة بمؤهلاتهم ومزاياهم في مجالاتهم، وكان من الجدير بالذكر أنه حتى أوساط المعارضة في تركيا قدمت تقييمات إيجابية حول الحكومة المعلنة حديثا، حتى السياسيون الذين تركوا حزب العدالة والتنمية وأسسوا حزبا لم يترددوا في الاعتراف بأنه كان بإمكانهم تعيين نفس الأسماء إذا تم انتخابهم كرئيس للبلاد.
كانت إحدى القضايا الأكثر صخبا التي أثارتها كتلة المعارضة خلال حملتها ضمن العملية الانتخابية هي الانتقادات بأن أردوغان لم يكن لديه الأشخاص الجديرون معه لقيادة البلاد، حتى أنهم أضافوا إلى هذا النقد الدعاية القائلة بأن المتعلمين ذهبوا إلى الخارج، ومع ذلك يمكنهم الحصول على فكرة عن القوى العاملة المدربة في هذا البلد فقط من خلال النظر في التطورات في قطاعات مثل صناعة الدفاع والأقمار الصناعية المحلية والسيارات المحلية.
أولئك الذين قالوا قبل الانتخابات إنه “لا توجد أسماء جديرة بالتقدير حول أردوغان” هم الآن في سباق للتعبير عن مدى “عدم الكفاءة وعدم الجدارة” للمرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو وفريقه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس