ترك برس
عقب أيام من اندلاع المواجهات المسلحة بين العشائر العربية وتنظيم "ي ب ك/ بي كا كا" الإرهابي شمالي سوريا، أعربت تركيا دعمها مطالب العشائر التي قالت إنها الأصحاب الحقيقيين للأرض، ما طرح تساؤلات حول دلالات ودوافع أنقرة للدخول على خط المواجهات هذه، سياسياً حتى الآن إن لم يتحول لاحقاً إلى عسكري.
وكانت مصادر فيما تعرف بـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي يشكل التنظيم الإرهابي "ي ب ك/بي كا كا" عمودها الفقري، ذكرت أنها قصفت قاعدة للجيش التركي، الذي رد بقصف مواقع لتلك القوات شمال شرقي سوريا، وذلك في وقت تتواصل فيه اشتباكات "قسد" ومقاتلين من عشائر عربية، في ريفَي دير الزور الشرقي والغربي شرقي سوريا.
وتساءل تقرير لقناة الجزيرة القطرية عن دلالة دخول تركيا على خط المواجهات بين العشائر العربية و"قسد"، واحتمالية تطور الموقف التركي إلى تدخل واسع بالمنطقة، وإمكانية استجابة واشنطن لطلب أنقرة بالكف عن دعم التنظيمات الإرهابية، والحسابات التي تحكم علاقة الولايات المتحدة بهذه التنظيمات، وتقاطع ذلك مع علاقتها بتركيا.
ومع هذا التطور، أعربت أنقرة عن أملها في أن يوقف من سمتهم حلفاؤها وأصدقاؤها، دعمهم لـ "بي كا كا" والمنظمات التابعة له، بينما نُقل عن دمشق تأييدها العشائر العربية في إطار هذا الصراع.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور أحمد أويصال، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول، ومدير مركز "أورسام" لدراسات الشرق الأوسط، إن تركيا تريد إبعاد "بي كا كا" الإرهابي والكيانات التابعة له عن حدودها، وهو ما دفعها لتأكيد مطلبها بوقف دعم ذلك التنظيم والمنظمات التابعة له.
وأكد أن أنقرة لا تحتاج إلى إجراء عملية عسكرية شاملة لتحقيق هذا الهدف، وإنما تضغط على حلفائها لوقف أي دعم قائم لهذا التنظيم، الذي يرى أن واشنطن سلمت إليه شمال سوريا مع بداية الأحداث فيها، ودعمته روسيا ضد العمليات التركية الهادفة لحماية حدودها الجنوبية، بحسب ما نقلته "الجزيرة نت".
امتداد لـ "بي كا كا"
وأوضح أويصال أن أنقرة تعتبر قوات "قسد" امتدادا لتنظيم "بي كا كا" رغم نفي واشنطن لذلك، ولم تفلح محاولتها بإظهار خلاف ذلك عبر التحالف مع بعض العشائر العربية التي انقلبت عليها مؤخرا، مشددا على أن ما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية، "داخلية وليست سورية ولا ديمقراطية".
وذهب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول إلى أن هذه القوات لن يكون لها أي تأثير أو ثقل، من دون ما تتلقاه من دعم خارجي، وأنها في حال توقف هذا الدعم ستنتهي بشكل كامل، وهو ما دفع أنقرة للمطالبة بوقف هذا الدعم.
وحول المبرر الأميركي لاستمرار هذا الدعم بأن تلك القوات هي من تواجه قوات تنظيم "داعش" على الأرض وفي حال غيابها لن يسد أحد مكانها، قال أويصال، إن هذا الفراغ المتوهم ستملؤه بشكل طبيعي العشائر والقبائل العربية التي تعتبر أهل المنطقة الأصليين.
ومع تأكيده على عدم احتياج أنقرة لتنفيذ عملية عسكرية موسعة، لا ينفي أويصال استمرارها في تنفيذ عمليات دقيقة، تستهدف بشكل واحد منع أي خطورة لتنظيم "بي كا كا" والمنظمات التابعة له على الحدود، متوقعا استجابة واشنطن لدعوة أنقرة في ظل مرونة الموقف الأميركي بعد الانتخابات التركية الأخيرة.
تفهم أميركي
ويرى الدكتور أندرو تابلر، المستشار السابق للمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، والمدير السابق لقسم سوريا في مجلس الأمن القومي الأميركي، أن لدى قوات "قسد" أزمة واضحة في إبقاء سيطرتها على منطقة الفرات، مؤكدا تفهم واشنطن للقلق التركي من النشاط الإرهابي على حدودها.
ورأى أن القلق التركي مشروع في بعض الحالات، ولكن الولايات المتحدة تنظر للأمر بمنظار مختلف، حيث لا ترى جهة أخرى غير قوات "قسد" لديها القدرة على مواجهة تنظيم "داعش"، وفي حال إيقاف الدعم لها سيعزز ذلك من نشاطها في المنطقة.
وحول الموقف الأميركي في حال اضطرت تركيا للتدخل، يعتبر تابلو نوعية هذا التدخل هو المحدد للموقف الأميركي، حيث إنه في حال كان تدخلا بريا فإن ذلك سيكون مدعاة للقلق الشديد في ظل وجود قوات أميركية بالمنطقة، ولكن الموقف سيختلف إن كان هذا التدخل عبر عمليات نوعية من خلال المسيرات على سبيل المثال.
ويلفت تابلر إلى أن علاقة واشنطن بأنقرة أساسية وإستراتيجية باعتبار تركيا حليفة للولايات المتحدة في حلف الناتو، أما العلاقة مع "قوات سوريا الديمقراطية" فهي ليست علاقة إستراتيجية -وفق قوله- وإنما هي مرتبطة بقتال تنظيم الدولة، ومن ثم فلا مجال للمقارنة بين الأمرين.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!