ترك برس
سلط تقرير صحفي الضوء على السياسي التركي تورغوت ألتنوك، مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، لرئاسة بلدية العاصمة أنقرة.
وأشار التقرير الذي نشرته صحيفة العربي الجديد إلى أن القيادي في حزب "العدالة والتنمية" التركي، رئيس بلدية كيتشوران في قضاء أنقرة، تورغوت ألتنوك، يخوض المنافسة على رئاسة بلدية أنقرة الكبرى مرشحاً عن التحالف الجمهوري الحاكم، في الانتخابات البلدية التركية المقررة في 31 مارس/ آذار الحالي.
وأوضح أنه منذ الفوز الأخير في الانتخابات العامة والرئاسية، يركز التحالف الحاكم بقيادة "العدالة والتنمية" على استعادة المدن الكبرى، ومن بينها العاصمة التي خسرها في الانتخابات المحلية السابقة (2019)، ما يجعلها مصيرية بالنسبة له كما هي بالنسبة للمعارضة.
وذكر التقرير أن تورغوت ألتنوك ولد عام 1962 في منطقة بالا في أنقرة، وحصل على تعليمه العالي في مجال القانون الدولي، وبدأت حياته السياسية في حزب "الحركة القومية" الذي سرعان ما شغل فيه منصب رئيس منطقة كيتشوران في سن 25 عاماً، وشغل لاحقاً منصب رئيس مقاطعة أنقرة وعضو المجلس التنفيذي المركزي للحزب، وتم انتخابه رئيساً لبلدية كتشيوران عن "الحركة القومية" في الانتخابات المحلية في عام 1994.
ولفت إلى أن ألتنوك انفصل عن "الحركة القومية"، وفي الانتخابات المحلية في عام 1999 تم انتخابه مجدداً رئيساً لبلدية كيتشوران عن حزب "الفضيلة" الإسلامي الذي تم إغلاقه في عام 2001 ليكمل الرجل بعدها مسيرته السياسية الجديدة في "العدالة والتنمية"، إذ كان من بين أوائل رؤساء البلديات الذين انضموا إلى الحزب حين تأسيسه ومثّله في انتخابات البلدية ذاتها في عام 2004 وفاز بها. لم يتوقف ألتنوك عند بلدية كيتشوران كهدف سياسي له، فقد خاض في 2009 سباق ترشح داخلي لمنصب رئيس بلدية أنقرة الكبرى لكنه خسره لصالح رئيسها حينها، مليح غوكتشيك.
استقال من "العدالة والتنمية" في عام 2013، ثم أعلن في الانتخابات المحلية لعام 2014 ترشحه عن بلدية كيتشوران من حزب "الاتحاد الكبير"، وأنهى الانتخابات في المركز الثاني بنسبة 30.3 في المائة في أول خسارة له في المدينة. عاد تورغوت ألتنوك إلى "العدالة والتنمية" في عام 2019 خصوصاً بعد إقصاء غوكتشيك عن منصبه وأصبح مرشحاً لرئاسة بلدية كتشيوران من جديد ليفوز بها مرة أخرى.
وبحسب التقرير، تعود جذور تورغوت ألتنوك إلى الأوغوز التركمان الذين جاءوا إلى تركيا في القرن السادس عشر وعاشوا حياة بدوية في جبال أرضروم قبل أن تدفعهم تطورات تاريخية مختلفة إلى الاستقرار في منطقة بالا في أنقرة.
وفي هذا السياق، انصبغت شخصية ألتنوك بالقومية المتشددة فحرص منذ بداياته على تعزيز مفهوم الوحدة القومية في تركيا من خلال التنظير لفكرة العالم التركي. وفي سياق البيئة المتنوعة التي نشأ فيها، يتبنى تورغوت ألتنوك فلسفة أحد الأولياء الصالحين العلويين وهو الحاج بيكتاش المتمثلة في شعار "لنكن واحدا، لنكن كبارا، لنكن على قيد الحياة". وهنا يدعو ألتنوك إلى التركيز على الوحدة والعدالة والتسامح مما يسمح له باستقطاب أكبر عدد ممكن من الأتراك متعددي الأطياف الدينية والسياسية.
وحول مسيرته السياسية التي تميزت بتحولات متعددة، قالت الباحثة رانا بي أوغلو، لـ"العربي الجديد": "لو نظرنا إلى تنقّل ألتنوك بين الأحزاب وفق ما تمليه المصالح الانتخابية نجده شخصية براغماتية، ولو دققنا في الأحزاب التي انتمى إليها بدءاً من الحركة القومية (قومي محافظ) مروراً بحزب الاتحاد الكبير (قومي إسلامي)، وحزب الفضيلة (إسلامي محافظ)، وانتهاء بحزب العدالة والتنمية (محافظ)، نجد أن حركته وتذبذبه كانت في ذات الاتجاه القومي اليميني المحافظ، وبذلك أرجح وصف شخصيته بأنها مزيج بين البراغماتية والأيديولوجية".
وأضافت بي أوغلو: "يتمتع ألتنوك بقدرته على جذب شريحة واسعة من فئات المجتمع، فقد اكتسب لقب "رئيس البلدية الأسطوري" بفضل مشاريعه الابتكارية وإسهاماته الفاعلة في تطوير البنية التحتية ورعاية القضايا الاجتماعية، كما حصل على جائزة "رئيس بلدية العام الأكثر نجاحاً" لإسهاماته البارزة في تحسين حياة المواطنين وتغيير واقع كيتشوران إلى أفضل".
لطالما حرص "العدالة والتنمية" على اختيار مرشحين معتدلين أو محافظين سعياً للأصوات الكردية كما حدث في الانتخابات المحلية في عام 2019، حيث قدم لأنقرة ذات الحضور القومي البارز، شخصية محافظة، هو محمد أوزاسكي، وبالفعل كسب الحزب بعض أصوات الأكراد، ولكنه خسر الكثير من أصوات القوميين الذين رجحوا فوز قومي هو منصور يافاش القيادي في حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، والذي فاز بالانتخابات.
لذلك حرص الحزب هذه المرة على ترشيح قومي آخر، هو تورغوت ألتنوك، لكن هذا الخيار قد يقلق الأصوات الكردية المحافظة على اعتبار المخاوف التقليدية من التيار القومي، وفقا للباحثة بي أوغلو، التي لفتت إلى أن ألتنوك يحاول تجاوز هذه المشكلة من خلال نبذ الخلافات الدينية والنزعات الانفصالية والتركيز على رمز مصطفى كمال أتاتورك وحرب الاستقلال بحيث لا يغضب القوميين ويؤكد في الوقت نفسه على وحدة وقداسة الوطن على اعتبار أن الأتراك والأكراد قاتلوا معاً لأجله.
من جهة أخرى، يبدو ألتنوك ذا حظوة أكبر عند الطائفة العلوية نظراً لتسامحه الفكري معها وعلاقته مع أعيانها. فقد التقى ألتنوك بشخصيات علوية مختلفة تزور أنقرة خلال حملته الانتخابية الجارية وقدم لها سيف ذا الفقار.
وفي السياسة الخارجية، يتبنى ألتنوك الموقف القومي المحافظ التقليدي من خلال دعم فلسطين لأجل نيل الحرية، كما هاجم إسرائيل ووصف عدوانها على غزة بالإبادة الجماعية.
يقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ألتنوك باعتباره الاسم الوحيد الذي يمكنه الحصول على أصوات منافسه يافاش القومية. من الجدير بالذكر هنا أن ألتنوك ويافاش لديهما تاريخ مشترك، حيث كانا ينتميان إلى حزب "الحركة القومية" اليميني المتطرف في الماضي قبل أن يتبنى كل منهما اتجاهاً سياسياً مختلفاً، بل متضاداً.
وبعيداً عن جدل الترشيح نفسه، يواجه ألتنوك تحدياً رئيساً متمثلاً بالنظرة الإيجابية إلى يافاش في أنقرة على اعتبار أنه جنّب نفسه الدخول في النقاشات السياسية وبقي على علاقة جيدة مع الجميع من دون صدامات كثيرة على عكس تاريخ مرشح التحالف الجمهوري.
ووفقاً لصحيفة "يني شفق"، فستكون المعركة على بلدية أنقرة أكثر شراسة ومن الصعوبة بمكان محاولة التنبؤ بنتائجها من الآن.
ويتميز ألتنوك، إضافة إلى توجهاته القومية المعروفة وتاريخه السياسي والإداري الطويل، بأنه ابن أنقرة ومعروف داخل نسيج المدينة المجتمعي، كما أن أعماله التي تركها خلال ولايته تشفع له عند عدد من الناخبين، فقد تم إدراج كيتشوران التي أصبحت مركزاً سياحياً خلال فترة ولايته، تحت عنوان "أماكن للزيارة" في كتالوغ منشورات وزارة الثقافة والسياحة بعد التطورات التي حصلت فيها. فقد عززت مشاريع إعادة الإعمار وأعمال البنية التحتية والبنية الفوقية في الأحياء الفقيرة لهذه المنطقة من حظوظ ألتنوك في الفوز.
وحول وعود ألتنوك الانتخابية، فقد تعهد بتقديم معونات اجتماعية بقيمة 5 آلاف ليرة تركية شهرياً للمتقاعدين والمحتاجين، لافتاً إلى أنه سيتم تخصيص ما بين 8-10 في المائة من ميزانية بلدية أنقرة الكبرى للدعم الاجتماعي. وكذلك وعد بتطوير شبكة المواصلات في أنقرة وحلّ مشاكل الازدحام. يحاول ألتنوك استقطاب الناخبين القوميين والمحافظين والإسلاميين، وينتقد يافاش بأنه فشل في تنفيذ وعوده الانتخابية وأنه يتبع أجندة خارجية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!