ترك برس
شهدت تركيا مؤخراً جدلاً واسعاً عقب انتشار مزاعم بتصدير أسلحة إلى إسرائيل من قبل شركات تركية، ما دفع السلطات الرسمية لتوضيح الأمر مؤكدة نفيها لصحة الأنباء المتداولة، ومشيرة إلى وجود "تضليل".
وكشفت البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية عن استمرار الصادرات إلى إسرائيل -بما يشمل الذخائر والبارود وقطع الأسلحة- منذ بداية يناير/كانون الثاني من العام الجاري.
ووفقا للبيانات الرسمية التي نشرتها الهيئة أول أمس الاثنين، بحسب قاعدة بيانات إحصاءات التجارة الخارجية فإنه خلال الشهرين الماضيين صدرت تركيا إلى إسرائيل ذخائر وأسلحة بقيمة مليونين و919 ألفا و58 ليرة تركية (90 ألف دولار)، كما بلغت قيمة صادرات البارود والمواد المتفجرة مليونا و940 ألفا و36 ليرة تركية (60 ألف دولار)، في حين سجلت الصادرات الكيميائية -التي تضمنت الديزل الحيوي ومواد إطفاء الحريق والمطهرات ومبيدات الحشرات- قيمة بلغت 33 مليونا و75 ألفا و119 ليرة تركية (مليون و300 ألف دولار).
وتظهر هذه البيانات انخفاضا كبيرا في حجم الصادرات التركية من هذا النوع إلى إسرائيل، إذ بلغت صادرات الذخائر والأسلحة 23 مليونا و567 ألفا و746 ليرة تركية (736 ألف دولار)، وبلغت صادرات البارود والمواد المتفجرة 13 مليونا و695 ألفا و460 ليرة تركية (427 ألف دولار)، والصادرات الكيميائية 484 مليونا و112 ألفا و9 ليرات تركية (15 مليون دولار).
غضب واستنكار
ورغم التراجع في الصادرات من تركيا إلى إسرائيل فإن حالة من الاستنكار والنقاش الحاد تصاعدت بين رواد منصات التواصل الاجتماعي، إذ دعوا إلى وقف فوري لهذه الصادرات ردا على "المجازر" التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي لليوم الـ172 على التوالي، مما تسبب في استشهاد أكثر من 32 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 74 ألف آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء.
ورأوا أن المتورطين في هذه الصادرات نحو إسرائيل يسهمون بشكل غير مباشر في دعم العمليات العسكرية بالقطاع، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".
وفي تعليقه على بيانات الصادرات عبر محمود شاهين نائب رئيس حزب "هدى بار" المحافظ للجزيرة نت عن قلقه المتزايد بشأن استمرار الصادرات التركية إلى إسرائيل.
وأشار إلى أن حزبه قد سبق أن أطلق تحذيرات متكررة بشأن مخاطر هذه الصادرات، وقد تقدم بطلبات عدة إلى الحكومة التركية من أجل إنهائها، لكن الحزب لم يجد أي استجابة.
وأوضح شاهين أن البيانات الأخيرة -التي نشرتها هيئة الإحصاء الرسمية التابعة للحكومة التركية- تُظهر استمرار هذه الصادرات، مما يمثل -بحسب تعبيره- تحديا صريحا لمشاعر الشعب التركي ولكل من يدعم القضية الفلسطينية، وقد جدد دعوته الحكومة التركية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الصادرات، محذرا من أن استمرارها قد يجعل تركيا شريكا في ما يحدث للشعب الفلسطيني.
يشار إلى أن حزب "هدى بار" يقود حملة شعبية وسياسية منذ شهور للمطالبة بوقف التبادل التجاري مع إسرائيل، وسبق أن دعم الحزب الرئيس رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
بيان وزارة الدفاع التركية
وفي وقت لاحق أمس الثلاثاء، ذكرت وزارة الدفاع التركية في بيان لها أنه ليس من الممكن أن تقوم تركيا بأي أعمال تضر بالفلسطينيين أو أن تشارك في أفعال من هذا القبيل.
وأكدت أن تركيا تقف على الدوام إلى جانب فلسطين، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع لا تشارك في أي فعالية مع إسرائيل، خاصة التدريبات والمناورات العسكرية والتعاون في مجال الصناعات الدفاعية.
وأوضحت الوزارة في بيانها أن إسرائيل مستمرة في أعمالها العدائية في قطاع غزة من دون التفرقة بين أهداف مدنية ومخيمات لاجئين ودور عبادة ومدارس ومستشفيات.
وزارة التجارة تنفي
من جانبها، قالت وزارة التجارة التركية إن ما وصفتها بالمزاعم التي نشرتها مواقع أجنبية بشأن تجارة أسلحة مع إسرائيل "غير صحيحة وتهدف إلى تضليل الرأي العام".
وذكرت الوزارة عبر حسابها على وسائل التواصل الاجتماعي أمس أن بعض المواقع الإلكترونية الأجنبية قالت إنه "تم الكشف عن استمرار تصدير الذخائر والأسلحة من تركيا إلى إسرائيل حتى يناير/كانون الثاني 2024".
وأوضحت الوزارة أن الأخبار المنشورة استخدمت "عناوين بنود اللائحة الجمركية رقم 36 و93" الخاصة بالمواد المتفجرة ومنتجات الألعاب النارية والمواد القابلة للاشتعال ومعدات الصيد وقطع الغيار والإكسسوارات على أنها "صادرات سلاح وذلك بهدف تضليل الرأي العام، وهذه الأخبار لا تمت إلى الحقيقة بصلة".
الصادرات بعد طوفان الأقصى
وكان وزير التجارة عمر بولات قال في حوار سابق مع الجزيرة نت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي -أي بعد عملية طوفان الأقصى التي تبعها عدوان إسرائيلي على قطاع غزة- وحتى 4 ديسمبر/كانون الأول الماضيين انخفضت التجارة بين أنقرة وتل أبيب بنسبة تزيد على 50% وإن هذا الانخفاض مستمر.
الأرقام الواردة من معهد الإحصاء التركي كشفت أن أكتوبر/تشرين الأول 2023 شهد ارتفاعا في الصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 29% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022، في حين شهدت الواردات انخفاضا ملحوظا بنسبة 59%.
وقالت الهيئة إن إسرائيل احتلت المركز الـ13 في قائمة الدول الأكثر استيرادا للمنتجات التركية خلال عام 2023 مشكّلة 2.1% من مجموع صادرات تركيا.
لكن جمعية المصدرين الأتراك أعلنت عن نمو لافت في الصادرات إلى إسرائيل خلال فبراير/شباط الماضي، إذ أظهرت البيانات المعلنة زيادة قدرها 26% مقارنة بيناير/كانون الثاني الماضي، حيث ارتفعت من 318 مليونا إلى 400 مليون دولار.
الموقف التركي من تطورات غزة الأخيرة
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت حركة حماس وفصائل أخرى في المقاومة الفلسطينية، إطلاق عملية أسمتها "طوفان الأقصى" ضد أهداف إسرائيلية في غلاف قطاع غزة التي تعاني من حصار مطبق منذ سنوات.
إسرائيل وأمام مباغتة المقاومة الفلسطينية لها، ردت باستهداف المناطق السكنية والمنشآت الصحية والتعليمية ودور العبادة داخل غزة، ما خلّف آلاف القتلى وعشرات آلاف الإصابات بين المدنيين، وسط دمار كبير لحق بالقطاع، فيما يجري حديث عن إخلاء شمالي غزة من سكانها وإجلائهم نحو الجنوب قرب الحدود مع مصر.
وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 تم التوصل إلى هدنة إنسانية مؤقتة في غزة استمرت 4 أيام قبل تمديدها لفترات إضافية، حيث نصت على تبال أسرى ورهائن بين حماس وإسرائيل وإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع.
ومنذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر الأخير في غزة، أكدت تركيا وعلى لسان كبار مسؤوليها على ضرورة وقف إطلاق النار بأقرب وقت حقناً للدماء وتجنباً لمزيد من الضحايا المدنيين، فيما أكد رئيسها رجب طيب أردوغان على أن الحل لتحقيق السلام في فلسطين وفي المنطقة يمر عبر تأسيس دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة بحدود 1976 وعاصمتها القدس الشرقية.
وبعد جهود كثيفة للتهدئة وأمام تصعيد إسرائيل من هجماتها ضد المدنيين في غزة وعدم استجابتها لمطالب وقف إطلاق النار، صعّدت أنقرة من موقفها ضد تل أبيب متهمة إياها بـ "ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية" في غزة، قبل أن تعلن في 4 نوفمبر/ تشرين 2023 استدعاء سفيرها هناك إلى أنقرة "للتشاور، رداً على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين"
ومنذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت تركيا أكبر حملة مقاطعة في تاريخها، فيما لا تزال منظمات ومؤسسات مجتمع مدني تواصل حملاتها في هذا الخصوص عبر وسائل شتى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!