ترك برس
يتوجه الناخبون الأتراك، غداً الأحد، إلى صنادق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية التي ستشهد اختيار رؤساء بلديات المدن الكبرى والولايات ورؤساء بلديات الأقضية، إلى جانب مختار الحي.
يختار نحو 60 مليون ناخب رؤساء بلديات 30 بلدية كبرى، و51 بلدية صغرى و973 رئيس بلدية منطقة، و390 بلدة و50 ألفاً و336 رئيساً للأحياء في عموم البلاد؛ إلى جانب أعضاء المجالس المحلية.
بعيداً عن خدمات البنية التحتية والفوقية، تتولى الحكومات المحلية في تركيا تنفيذ مجموعة واسعة من الخدمات العامة على نطاق محلي، من التعليم إلى الدورات المهنية، ومن الخدمات الاجتماعية إلى الثقافة؛ بما يجعلها في تماس مباشر مع المواطنين الأتراك؛ وتمهد الطريق للمشاركة العامة في السياسة التركية، بحسب تقرير لـ "عربي بوست".
وفيما يلي أبرز النقاط المهمة عن الانتخابات التركية المحلية:
1- ما أهمية الانتخابات المحلية التركية؟
على مدار عقود السياسية التركية، منذ توجه البلاد نحو التعددية الحزبية عام 1946، شكلت الانتخابات المحلية بوابة الصعود للفائزين بها نحو عالم السياسة في البلاد.
لعل المثال الأبرز على ذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وصل إلى سدة الحكم في تركيا عبر فوزه برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى عام 1994 ونجاحه في تغيير خريطة المدينة الخدمية.
بحسب الباحث في مركز "سيتا" للدراسات، جيناي بابا أوغلو، فإن الانتخابات المحلية الأخيرة، التي جرت في 31 مارس/آذار 2019، جلبت أجواء سياسية نشطة للغاية في عموم البلاد.
وفي فترة الخمس سنوات الماضية، امتدت آثار الانتخابات المحلية أيضاً إلى السياسة العامة.
أضاف بابا أوغلو أنه في هذه المرة، تدخل تركيا أجواء انتخابية محلية جديدة في 2024، بعد الانتخابات العامة 2023، الأهم في تاريخ الجمهورية، بسبب دور بعض الرؤساء المحليين، الذين ارتبطت أسماؤهم بالسياسة العامة في تلك الانتخابات.
وقال إن رؤساء بعض البلديات سيبذلون كل ما في وسعهم هذه المرة من أجل الفوز بالانتخابات المحلية، خاصة في المدن الكبرى، لما قد يشكل ذلك بمستقبلهم السياسي في تركيا خلال السنوات القادمة.
2- كيف يختار الناخب التركي؟
في الانتخابات المحلية التركية؛ يختار الناخبون الأتراك عبر ثلاثة أوراق اقتراع.
ورقة الاقتراع الأولى، لاختيار رئيس البلدية الكبرى، أما الثانية منها، فلاختيار رئيس بلدية المنطقة أو القضاء، والثالثة لاختيار أعضاء المجلس البلدي في المدينة.
فيما يتم اختيار ورق مختار الحي الذي يسكن فيه من داخل كبينة التصويت.
بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في مقاطعات خارج منطقة العاصمة، يصوتون أيضاً لأعضاء مجلس إدارة المقاطعات الخاصة بهم فقط، والسبب في ذلك وجود نظامين مختلفين للحكومة المحلية في تركيا.
الأول، النظام الحضري، الذي تحكمه بشكل مشترك البلديات الحضرية "الكبرى" إضافة إلى رؤساء بلديات المناطق في البلدية الكبرى.
أما الثاني فهو نظام المقاطعات "البلديات الصغرى".
في تركيا اليوم، تخضع 30 ولاية للنظام الحضري و51 مقاطعة يحكمها نظام المقاطعات.
3- ما هي صلاحيات الحكومات المحلية التركية؟
الخدمات التي تكون الحكومات المحلية مرخصة ومسؤولة عنها، هي خدمات شاملة تماماً، منها الخدمات المرخص لها من الحكومات المركزية، بالإضافة إلى التخطيط الحضري، وأعمال البنية التحتية، وإدارة المياه والصرف الصحي، وخدمات النقل.
وهي:
- توفير احتياجات السكن
- خدمات الصحة والتعليم
- الخدمات الثقافية والاجتماعية
- توفير فرص العمل لمواطني الولاية
- حماية الأصول الثقافية والطبيعية
- حماية المناطق الزراعية وأحواض المياه
4- ما علاقة الحكومات المحلية بالمركز؟
في تركيا، بالإضافة إلى الحكومات المحلية، تقدم المؤسسات التابعة للحكومة المركزية خدمات محلية للمواطنين.
تقدم المؤسسات المركزية مثل الولاة، وحكام المناطق، ومديريات الوزارات الإقليمية والمناطق، وإدارة الإسكان الجماعي (TOKI)، بعض هذه الخدمات بشكل مستقل عن البلديات.
الأستاذ في جامعة مرمرة قسم العلوم السياسية والإدارة العامة إرباي أريكبوغا يقول إنه كما في الدول الأوروبية، تترك للحكومات المحلية في تركيا سلطة ومسؤولية خاصة، ويتم تخصيص موارد مالية لها من الحكومة المركزية.
يذكر أريكبوغا أن الحكومة المركزية تدخل كذلك شريكاً مهماً في الخدمات التي تقع ضمن نطاق الحكومات المحلية منذ عام 2010.
على سبيل المثال، فهي تتمتع بسلطة كبيرة في التخطيط على أساس تقسيم الأراضي للمدن، وعمليات التحول الحضري.
في تقريره الذي يحمل عنوان "الإطار الأساسي للحكومات المحلية في تركيا"، يعرّف أريكبوغا الحكم الذاتي بأنه "التصرف بحرية ضمن الحدود القانونية، دون تلقي تعليمات أو إذن من الحكومة المركزية".
ويوضح بالقول: "تتخذ الحكومات المحلية قراراتها وتضع ميزانياتها الخاصة، وتقرر أولويات الإنفاق والاستثمارات الخاصة بها، وتنفذ الأنشطة الإدارية كذلك في محيط مسؤولياتها".
تتمتع البلديات الحضرية والمقاطعات في تركيا، بالاستقلال الإداري والمالي وفقاً للدستور وقانون البلديات، الذي حدد لها موارد الدخل، وكذلك مصارفه في مختلف القطاعات.
5- هل يمكن للحكومات المحلية التصرف بشكل مستقل عن المركز؟
يحق للبلديات في بعض الأحيان الاقتراض من أجل الإنفاق، والاستثمار داخل حدود البلدية.
يقول عن ذلك أريكبوغا إن الحكومات المحلية يجب أن تحصل على موافقة الحكومة المركزية عند الاقتراض من مصادر أجنبية، مشيراً إلى أن هذا منطقي من الناحية النظرية.
يوضح أيضاً أن وزارة الخزانة يمكنها بالتالي أن تكون ضامناً للديون الخارجية، لكن السلطة التقديرية غير المحدودة تقريباً، التي تتمتع بها الحكومة المركزية، يمكن أن تخلق مشاكل أيضاً في قبول الاقتراض أو رفضه.
6- كيف يتم اتخاذ القرارات في البلديات التركية؟
يتم اتخاذ قرارات الحكومات المحلية في تركيا عبر المجالس البلدية، وتقوم هذه المجالس بتقييم الخطط الاستراتيجية وبرامج الأداء والاستثمار والميزانية والنظام البيئي، وخطط تقسيم المناطق التي أعدها عمدة المنطقة، وتقرر اقتراض البلدية وإنشاء الشركات البلدية من عدمه إضافة إلى منح الامتيازات والقيام بالاستثمارات من خلال نماذج كالبناء- والتشغيل- والنقل.
في البلديات الكبرى وأقضيتها والمقاطعات، يتم تنفيذ قرارات المجلس من رؤساء البلديات المنتخبين.
لا يمكن لرؤساء البلديات أن يفعلوا أي شيء دون موافقة المجلس، لكنهم مسؤولون كذلك عن إعداد الخطط الاستراتيجية، وخطط الأداء السنوية، ضمن نطاق واجباتهم، وعرضها على المجلس الذي يحق له قبولها أو الاعتراض عليها.
7- هل يحق للمواطنين المشاركة في إدارة البلدية؟
يؤدي الشعب دوراً مهماً بما يتعلق بانتخاب المسؤولين التاليين في الحكومات المحلية، من خلال التصويت في الانتخابات المحلية.
مع ذلك، هناك المزيد من الفرص للمشاركة العامة في الحكومة المحلية، وتنظم المشاركة كحق بموجب قانون البلديات.
يعرّف القانون كل من يقيم داخل حدود البلدية بأنه مواطن زميل في البلدية، وينص على أن للمواطنين الحق في المشاركة في قرارات وخدمات البلدية، والاطلاع على الأنشطة البلدية.
بمعنى آخر، بحسب القانون التركي، فمن الممكن للجمهور مطالبة الإدارات بحقه في المشاركة، ويشجع قانون البلديات ذلك في عمليات إعداد الخطط الاستراتيجية وتقسيم المناطق.
بحسب القانون التركي، فإن الخطة الاستراتيجية "يتم إعدادها بأخذ آراء الجامعات والغرف المهنية إن وجدت، والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة، وتدخل حيز التنفيذ بعد قبولها من المجلس البلدي".
8- ما هي آليات مشاركة المواطنين؟
من آليات مشاركة المواطنين في إدارة البلدية المشاركة في اللجان المتخصصة التي تشكلها البلديات لمناقشة جداول أعمال المجالس.
بحسب قانون البلدية، فإنه "يجوز لرؤساء الأحياء ورؤساء المؤسسات العامة في المحافظة، وكذلك المنظمات المهنية التي هي مؤسسات عامة في المحافظة والجامعات والنقابات وممثلي المنظمات غير الحكومية ذات العلاقة بالقضايا المطروحة على جدول الأعمال، حضور الاجتماعات التي يتم فيها مناقشة القضايا الداخلة في مجال عملهم، ونشاطهم، وإبداء آرائهم، دون أن يكون لهم حق التصويت".
يحدد القانون التركي أيضاً، هيكل مجلس المدينة لضمان مشاركة المواطنين، وعليه تحاول مجالس المدن تطبيق "مبادئ تطوير رؤية المدينة والوعي بالمواطنة، وحماية حقوق وقوانين المدينة، والتنمية المستدامة، والوعي البيئي، والمساعدة الاجتماعية والتضامن، والشفافية، والمساءلة، والمشاركة واللامركزية".
بحسب الأستاذ في جامعة مرمرة إرباي أريكبوغا، فإن مجلس المدينة مرتبط بالبلدية، لكنه ليس جزءاً عضوياً منها، بل هو منصة مدنية.
بموجب القانون التركي، يجب إدراج الآراء التي يتم تشكيلها في مجلس المدينة على جدول الأعمال في الاجتماع الأول لمجلس البلدية وتقييمها.
9- كم عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات المحلية التركية؟
يشارك في هذه الانتخابات 34 حزباً سياسياً يتقدمها حزب العدالة والتنمية الحاكم كأول الأحزاب في ورقة الاقتراع، ويتبعه حزب الجيد 2، ثم حزب اليسار 3، وحزب الوحدة الكبرى 4، وحزب الوطن 5، وحزب الوطن الأم 6، وحزب اليسار الديمقراطي 7، وحزب الرفاه من جديد 8، وحزب الديمقراطية والمساواة الشعبية 9، والحزب الشيوعي لتركيا 10.
يتبعها حزب اتحاد الأناضول 11، وحزب النصر 12، وحزب التحرير الشعبي 13، والحركة الشيوعية التركية 14، وحزب تركيا المستقلة 15، وحزب المستقبل 16، وحزب تركيا الجديدة 17، وحزب الشعب الجمهوري 18، وحزب العمل 19، وهدى بار 20، وحزب الحقوق والحريات 21، وحزب الشعلة 22، وحزب العدالة والوحدة 23، والحزب الديمقراطي 24.
يليها أيضاً، حزب اتحاد القوى 25، وحزب الأمة 26، وحزب الطريق الوطني 27، وحزب العدالة 28، وحزب الديمقراطية المشرقة 29، وحزب الحركة القومية 30، وحزب العمل التركي 31، وحزب الديمقراطية والمساواة، وحزب التقدم 32، وحزب السعادة 33، وحزب الوطن 34.
بسبب طول قائمة الأحزاب المشاركة في الانتخابات المحلية التركية، فإن ورقة الاقتراع يقترب طولها من 100 سم.
10- هل يصوت الناخبون الأتراك في الخارج؟
لكل ناخب مسجل في سجل الناخبين في تركيا حق التصويت في الانتخابات النيابية العامة والانتخابات الرئاسية والاستفتاءات، وفي صناديق الاقتراع المقرر إنشاؤها في مكاتب التمثيل الأجنبية والبوابات الجمركية.
رغم ذلك، لا يجوز للناخبين في الخارج المشاركة بالتصويت في الانتخابات المحلية، لا سيما أنهم غير مقيمين في البلديات التي يجري التصويت عليها، إذ إن التصويت على الخدمات التي تمس حياة المواطنين داخل تركيا في الأساس.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!