ترك برس
بحلول شهر رمضان من كل عام، يتوافد سكان إسطنبول إلى منطقة الفاتح على الشق الأوروبي من المدينة، وبالتحديد إلى جامع الخرقة الشريفة الذي يفتح أبوابه مؤقتاً فقط لاستقبال الراغبين في رؤية البردة النبوية الشريفة التي تعود قصتها إلى زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وتتميز مدينة إسطنبول التركية بمآذنها الكثيرة التي تمتد إلى أكثر من 7 قرون، ولكل مئذنة ومسجد حكاية وتاريخ، وحكاية مسجد “الخرقة الشريفة” واحدة من هذه الحكايات.
في المسجد الذي يقع بمنطقة الفاتح التاريخية غرفة لا تُفتح إلا في شهر رمضان وخاصة في ليلة الـ27 من الشهر الكريم التي تزدحم بالآلاف من الزوار الذين اعتادوا التطلع إلى ما تحتويه من قيمة روحية كبيرة.
طوال شهر رمضان يقف الآلاف في طوابير تمتد إلى خارج المسجد من أجل دخول تلك الغرفة العلوية التي تقع بالدور الثالث من المسجد، وتحظى بزيارات رسمية، وقد شهد المسجد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان له في رمضان العام الماضي، بحسب تقرير لـ "الجزيرة مباشر".
وحسب مصادر تاريخية، تحتفظ الغرفة بأحد آثار النبي محمد ﷺ، إذ تحتوي على إحدى عباءات النبي الكريم، وكان الرسول قد ترك تلك العباءة (البردة) لدى الصحابيَّين عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب أمانة لديهما ليهدياها إلى أحد أبناء اليمن أوس القرني، فما قصة هذا اليمني الذي أهداه النبي محمد ﷺ هذه العباءة؟ وكيف وصلت إلى تركيا؟
أوس القرني أحد المسلمين الأوائل في اليمن، وقد قام برحلة من اليمن حتى مكة لكي يجلس بين يدي الرسول، وعندما وصل إليها جاءه خبر مرض أمه في اليمن فعاد قبل أن يمثل بين يدي النبي ﷺ، وعندما علم الرسول بحكايته أعطى العباءة إلى عمر بن الخطاب وعلى بن أبي طالب وأوصاهما بتوصيلها إلى أوس القرني، وعندما عاد أوس من اليمن مرة أخرى كان النبي قد توفاه الله، وقام الصحابيان بتسليمه العباءة، وقد استمر أوس القرني في المدينة حتى استشهد في موقعة صفين.
أصبحت عباءة النبي ميراثًا لآل أوس القرني حتى وصلت إلى تركيا في عصر الخلافة العثمانية، وقد تم إنشاء المسجد ووُضعت “الخرقة الشريفة” فيه، ويعتني بها أحد أحفاد أوس القرني من الجيل الـ59، وهو باريش سامر.
وأخذ المسجد اسمه من بردة النبي محمد ﷺ، وتُحفظ في القسم الأعلى منه، وكان المسجد في العهد العثماني يضم غرفة سلطانية كبيرة، وأضيف إليه جناح لإقامة أكبر الأفراد الذكور من سلالة التابعي أوس القرني.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!