ترك برس
رأى الكاتب والأكاديمي التركي البارز يوسف قبلان، أن إيران تُستخدم كأداة لتدمير أهل السنة من قبل النظام العالمي، وهي تتعاون سراً مع إسرائيل والقوى الغربية.
وقال الكاتب في مقال بصحيفة يني شفق إنه "إذا اندلعت حرب عالمية ثالثة، فسوف تكون ضدنا، وستكون بهدف وقف تطور النظام العالمي الإسلامي الذي يهدد بتقويض النظام العالمي القائم".
وأضاف: "بقولي ضدنا، أعني أن الحرب العالمية الثالثة ستكون ضد نهضة أهل السنة والجماعة، الذين قاموا ببناء العمود الفقري للإسلام منذ ألف عام، وبنوا عليه نظامًا عالميًا دام ألف عام، هذا النظام الذي جمع العالم الإسلامي تحت مظلة أهل السنة ووفر للعالم النظام والانضباط في إطار مبادئ العدل والإنصاف والرحمة".
لن تندلع الحرب العالمية الثالثة بسبب الصين أو روسيا
وتابع: "يقال إن الحرب ستندلع لمنع صعود الصين. لكن علينا أولاً أن نسأل السؤال الصحيح: هل الصين في صعود حقاً؟ الصين تتجه نحو الرأسمالية وتنكر ذاتها، مما يدفعها إلى تدمير نفسها بنفسها، الصين تتجه نحو الزوال. إذا كنتم لا ترون أن الصين التي تصبح رأسمالية تقوم بطمس الحضارة الصينية التي عمرها خمسة آلاف عام، أي أنها تفني نفسها فماذا ترون إذن؟".
وأوضح أنه "لا يمكن أن تندلع حرب عالمية ثالثة بسبب الصين، التي تنكر هويتها، إلا عن طريق الخطأ، كإشعال فتيل أزمة تايوان، لكنها لن تدوم طويلاً وستتحول إلى صراع محلي. يمكننا أن نقول الشيء نفسه عن روسيا".
ولفت إلى أن منظمة شنغهاي للتعاون لا تقدم نظاماً عالمياً بديلاً، بل تعرض نظاماً عالمياً يقوده البريطانيون ضد الهيمنة الأمريكية واليهودية. ولا تمتلك الصين الأصالة والأسس الجذرية والوعود التي تمكنها من التشكيك في النظام العالمي وشرعيته. لكن العالم الإسلامي يمتلك هذه المقومات، وقد أثبتت غزة ذلك.
وتابع المقال:
الحرب العالمية الثالثة ستكون ضد الإسلام مجدداً
لقد أثبتت مقاومة غزة للعالم أجمع أن كرامة الإنسان لا يمكن حمايتها والحفاظ عليها إلا من خلال فكرة النظام العالمي القائمة على الأمة (أي الوحدة الإسلامية)، والتي يؤمن المسلمون الحقيقيون أنها أساس كل شيء. لقد أكدت غزة أن المسلمين وحدهم قادرون على حفظ كرامة الإنسان حتى في أصعب الظروف وأحلكها.
إن الفكرة القوية النبيلة التي تدعو إلى حماية كرامة الإنسان هي وحدها القادرة على تقديم مستقبل أفضل للبشرية تسود فيه الإنسانية.
بُنيت الحضارة الغربية الحديثة وما بعد الحديثة على مفهوم الإنسانية، ولكن هذا المفهوم كان في الأصل بحثاً عن إله يذكر الإنسان بإنسانيته. بيد أن هذا البحث، لخلوه من أسس صلبة وحقيقية، تحول إلى محاولة لتأليه الإنسان، مما أدى إلى نشوء ديناميات مدمرة تقوض أسسها.
أُلِّه الإنسان، فصار الإنسان الغربي المتأله متغطرساً، وحول العالم إلى حمام دم. كان النظام الغربي مرادفاً للدماء والدموع والمذابح، أما النظام الإسلامي فكان يعني البناء والإحياء والنظام والانضباط والسلام.
إن أبناء الدولة العثمانية هم وحدهم القادرون على إعادة إرساء النظام العالمي الإسلامي. وقد أثبتت غزة للعالم أن الدولة العثمانية ماتت جسدياً ولكن روحها لا تزال حية ونابضة بالحياة. فالدولة العثمانية كانت تعني نظاماً قائماً على العدل والرحمة والإنصاف، وكان سر قوتها هو العمود الفقري لأهل السنة والجماعة الذي أسسه القراخانيون والسلاجقة.
لذلك وصف المؤرخ الكبير أرنولد توينبي سقوط الدولة العثمانية بأنه سقوط لأهل السنة والجماعة.
أدرك أصحاب النظام العالمي أن الفلسطينيين، وهم من خيرة أبناء الدولة العثمانية التي كانت أكثر الأراضي خصوبة لعمود أهل السنة، يعتنقون عقيدة وفكرًا وسياسة قوية تقوم على فكرة الأمة والنظام العالمي، وهي فكرة تقدم للإنسانية العدالة والإنصاف والرحمة وتحافظ على كرامة الإنسان. لذلك عملوا على تدمير الدولة العثمانية، وهي حصن أهل السنة في العالم الإسلامي، وتركوا أبناءها بلا قائد ولا حماية. ثم دفعوا بالشيعة إلى الواجهة ليكونوا شوكة في خاصرة العالم الإسلامي على مدى ألف عام. في البداية، هاجموا الخلافة العثمانية، التي كانت الرمز الوحيد لعمود أهل السنة خلال القرن الماضي، وفي النهاية قضوا عليها جسدياً على الأقل.
والآن، يسعى الصليبيون، الذين حاربوا العثمانيين من قبل، إلى إشعال حرب عالمية ثالثة بين المسلمين أنفسهم، وذلك من خلال تقديم الشيعة كبديل لأهل السنة والعمل على نشر المذهب الشيعي وتوسيع نفوذهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
في الواقع إذا لم ننظر إلى التطورات التي تحدث في العالم الإسلامي من هذا المنظور، وإذا لم ندرك سبب دفع إيران إلى الواجهة وفتح الطريق أمامها إلى هذا الحد، ووضعها بشكل مستمر في موقف الضحية، وفي الوقت ذاته كحامية للأراضي الإسلامية الأخرى، وخاصة فلسطين، فلن نتمكن من فهم التطورات العالمية. بالإضافة إلى ذلك لن نتمكن من تجنب الوقوع في خطأ اعتبار تحليلاتي بأنها طائفية، وسيستمر وصمي بالطائفية.
إن تظاهر إيران بالاهتمام بالقضية الفلسطينية، وتواجدها في سوريا والعراق ولبنان وفلسطين ودول الخليج واليمن، كل ذلك امتداد لاستراتيجية الحرب ضد الإسلام. إن استشهاد القائد المسلم المظلوم، الرجل النبيل وزعيم الفلسطينيين المظلومين، إسماعيل هنية في طهران لم يكن محض صدفة على الإطلاق. فتأكيد النظام الإيراني على عدم قدرته حماية نصرالله في حال قدومه إلى طهران، بينما دعوته لهنية الذي كان أكثر عرضة للخطر بألف مرة من نصر الله، إلى طهران، واستشهاد هنية بظروف غامضة يؤكد صحة ما أقول.
عندما أسلط الضوء على الخطر الإيراني فلا أمارس الطائفية بذلك، بل أقوم بصياغة فلسفة تاريخية قوية أدعو من خلالها المسلمين إلى بذل جهد للتفكير بطريقة إسلامية سليمة، بعد أن ضغفت قدراتهم الفكرية.
إن إيران تسعى لزرع الفتنة بيننا وتفريق صفوفنا من خلال الخلافات الطائفية، ولذا فإن الطريق مفتوح أمام إيران. إنها تتصرف وفقاً للإمبريالية الفارسية وليس وفقاً للإسلام. لو لم يكن الأمر كذلك، لما كانت قد عززت وجودها في المنطقة على مدى العشرين عاماً الماضية، ولما حاولت بوحشية واستمتاع قتل نصف مليون من المسلمين السنة في سوريا فقط.
باختصار، أقول إنهم يحاولون تحويل الحرب العالمية الثالثة إلى حرب داخلية بين المسلمين، ومحو قوة الإسلام التاريخية وعموده الفقري أهل السنة من التاريخ، وبالتالي القضاء على أكبر تهديد لنظامهم البربري الوحشي كما يتضح في فلسطين، وبهذا سيتمكنون من ضرب عصفورين بحجر واحد: التخلص من الحضارة الغربية المتداعية بينما نحن مشغولون بصراعاتنا الداخلية، والتمكن من الحفاظ على هيمنتهم العالمية.
هل يمكنني أن أدافع عن صراع طائفي؟ هذا أمر غير ممكن. بل على العكس، أرى أن إيران تُستخدم كأداة لتدمير أهل السنة من قبل النظام العالمي، وأدعو إلى وقف إيران التي تُدعم وتُشجع أكثر فأكثر، والتي تتعاون سراً مع إسرائيل والقوى الغربية، وتلعب دوراً مزدوجاً. يجب إيقاف إيران فوراً.
إذا لم تُوقف إيران فلن يكون من الممكن منع مشروع تحويل العالم الإسلامي إلى حمام دم من الداخل. ولن يكون بالإمكان إعادة بناء العالم الإسلامي على أسس أهل السنة الصحيحة والمتينة، و إنهاء النظام العالمي المستبد. فالصين وإيران هما عبيد طوعيون وأدوات للنظام العالمي.
أطلب منكم مع الاعتذار، قراءة هذا المقال بعناية والتفكير فيه بعمق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!