ترك برس
أكد السياسي والبرلمان التركي السابق ياسين أقطاي، أن عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل لم تؤدي حتى اليوم إلى تدمير حركة حماس، بل على العكس، ساعدت في بروز قادة جدد بدلاً من القادة المغتالين.
ولفت أقطاي في مقاله بصحيفة الراية القطرية إلى أن الاستراتيجية الإسرائيلية التي تعتمد على قتل القادة لم تحقق النتائج المرجوة، بل كانت غالبًا ما تأتي بنتائج عكسية، وأن إسرائيل اعتبرت هذه الاستراتيجية وسيلة لكسر مقاومة حماس، لكنها في الواقع ساهمت في تعزيزها.
وفيما يلي نص التقرير:
إن اغتيال إسماعيل هنية ليس أول اغتيال غادر ووحشي تقوم به إسرائيل، ويبدو أنه لن يكونَ الأخير. وكانت تستهدف من كل عملية تحقيق نتائج مُغايرة لسابقتها، إلا أنها لم ولن تصلَ إلى مُرادها سوى القتل. ففي كل مرة كان لديها رغبة في توظيف عمليات اغتيال القادة لكسر مُقاومة الشعب الشريف الذي تصدَّى للاحتلال الظالم والمُتغطرس، لكنها وجدت شعبًا قويًّا صامدًا لا يُصيبه الوهن ولا العقم، يُخرج خير خلف لخير سلف، بعد كل زعيم يتم اغتياله يأتي من يحمل الراية بكفاءة أكثر.
فهولاء يروون تراب النضال ويجعلون وطن المُقاومة أرضًا خصبةً لقادته. والاحتلال الغاشم الذي يعتقد أنه سيُدمّر هذه الروح بالقتل لا يعرف أنه بجرائمه تلك يضع بَذرةً في الأرض لتنبت وتُخرج بدل القائد ألف قائد.
وقد سارت إسرائيل على هذا المنهج وراء خيالاتها مِرارًا وتَكرارًا؛ لأنه يصنع الخرافة ويُصدّقها. وهناك أمثلة كثيرة، ولن نذهبَ بعيدًا لذكرها، بل فقط إلى 5 يناير 1996، حيث عملية اغتيال المُهندس يحيى عياش في غزة. وفي عام 1997 مُحاولة غادرة في عمان الأردن لاغتيال خالد مشعل أحد مؤسسي حماس ورئيس المكتب السياسي لها قبل هنية. وذلك عندما سمَّمه عملاء الموساد بحقنة مسمومة وهو يسير في الطريق. لكن كُتب له النجاة حينما تمكن الملك حسين ملك الأردن في ذلك الوقت من توفير المصل المُضاد، والرد على نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت.
ومن المعلوم أن الشيخ أحمد ياسين أحد مؤسسي حماس وقادتها الروحيين، كان بمثابة كابوس لإسرائيل. ورغم أنه كان قعيدًا على كرسي مُتحرّك، فقد اغتيل بوحشية بصاروخ من طائرة هليكوبتر عند خروجه من المسجد بعد صلاة الفجر في 22 مارس 2024. وكان الاحتلال يعتقد أنه بقتله، سيكسر ظهر حماس ويُنهي المُقاومة. لكن هذا لم يحدث فقد خلفه رجال صادقون أكثر حنكةً ومهارةً وتنظيمًا. وبعد أقل من شهر في 17 أبريل 2004، استهدف الدكتور عبد الله الرنتيسي مع اثنين من حرّاسه الشخصيين في هجوم صاروخي على سيارته.
هل انتهت حماس؟! وإذا انتهت، فهل سيُصيب إسرائيل العار اليوم؟
وفي 21 أكتوبر 2004 قتل عدنان الغول وزوجته وأطفاله السبعة في مُخيم اللاجئين في غارة جوية إسرائيلية، وفي 1 يناير 2009 قُتل نزار ريان، وفي 15 يناير 2009 نالت غارة جوية أخرى من وزير الداخلية في غزة سعيد صيام، ومؤخرًا في 2 يناير 2024 في هجوم إسرائيلي آخر جبانٍ غادرٍ بطائرة بدون طيّار في ضاحية بيروت انضم إلى قافلة الشهداء صالح العاروري أحد مؤسسي كتائب القسام.
وهكذا بعد كل شهيد تظهر وجوه جديدة وتتألق في قيادة حماس. ففي حماس مئات وآلاف الأشخاص القادرين على العمل في الجندية والقيادة، كل واحد منهم زعيم سواء أكان معروفًا أم لا. فمن حين لآخر نرى المُتحدّثين باسم حماس وقياداتها يظهرون في وسائل الإعلام، وكل منهم أكثر عقلانية وأكثر اتساقًا، ولديه قدرات خطابيّة وقياديّة لا تقل عن الآخر.
إن أكبر نقاط ضعف إسرائيل هي أنها تُسيء قراءة الموقف وتعتقد أنها ستُدمّر الحركة بقتل قادتها. لكن حالة الوعي التي يمكن أن تضبط هذه القراءة الخاطئة بعيدة كل البعد عن الهوس الصهيوني الإسرائيلي. فالأيديولوجية الصهيونية مهووسة بإنتاج أوهام مثل أنها تستطيع القضاء على حماس بقتل قادتها أو قتل الأطفال، وتفخر بالقضاء على العدو وهو صغير، لكيلا يكون مصدر إزعاج عندما يكبر. لكن يبدو أنهم لم يقرؤوا توراتهم ولا تاريخهم، ألا يعلمون أن فرعون رغم قتله للأطفال لم يتمكن من الهروب من نهايته المحتومة على يد موسى؟ هل نسوا أن الله يعدّ طفلًا وأطفالًا في أماكن لا يتوقعونها للانتقام لكل المظلومين من الظالمين؟!
وإسرائيل اليوم في حَيْرَة بشأن ما يجب القيام به في حالة من الذعر بسبب حساباتهم الخاطئة مرة أخرى. وبالعمل الإرهابي الغادر الذي ارتكبته ضد إسماعيل هنية، تُعلن عن غدرها وعجزها وجبنها وإجرامها، وقبل كل شيء تُعلن فقدانها للعقل. فعلى مدى الأشهر العشرة الماضية، استنفدت قوة مُخابراتها الأسطورية في غزة، وتُحاول إنقاذ صورتها بهذا العمل الإرهابي. ففي كل دقيقة منذ 7 أكتوبر 2023 تحوّلت قبتها الحديديّة التي لا يُمكن اختراقها إلى مِصفاة، وأصبحت القوة القتاليّة التي لا تُقهر والتي تتباهى بها كثيرًا سخريةً للأطفال. والشيء الوحيد الذي يمكنها فعله للخروج من هذا الوضع هو قتل الأطفال والمدنيين بشكل غادر ووحشي. وبمثل هذا الفعل الإرهابي في إيران عدوها اللدود، تُحاول إظهارَ قوتها بطريقتها الخاصّة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!